اثر المكان والزمان على تكوين الفرد

اثر الزمان والمكان في تكوين الفرد

هل لو كنت انا في مكان اخر او في زمان اخر او في مكان و زمان اخرين لكنت انا نفسي الان؟ هل كنت سأنظر للأمور بذات العين التي أرى فيها الامور ؟ لو ولدت في احدى المدن السويسرية في القرن التاسع عشر، هل سأكون انا نفسي لو كنت مصريا في احدى قرى الصعيد في نفس التوقيت ؟ لو ولدتني امي قبل تاريخ ميلادي بسبعين عاما ، هل سأكون نفس الشخص الذي يكتب هذه المقالة الان ؟ بالطبع لا ، كان من الجائز ان لا اكون قد تعلمت الكتابة اصلا.

ان للمكان الذي نشأ فيه الفرد وكذلك للوقت الذي عاصره نصيب الاسد في تكوين كيانه ونشأة شخصيته ، ولا اقصد بالزمان فترات زمنية طويلة او قرون ، فعلى سبيل المثال لو قمت بأخذ شخص ولد عام 1988 وشخص اخر ولد عام 2000 بشكل عشوائي ، وجلست مع كلا الشخصين متحدثا اليهم لفترة معينة ، هنا سأجد كمية الفروق التي خلفتها المدة الزمنية البسيطة ما بين نشاة الفردان ، فأحدهما ولد وبيده جهاز ايباد والاخر ولد على رسوم متحركة او شيء من هذا القبيل ، فالتغييرات التي تطرأ على العالم في فترات قصيرة جدا بالنسبة الى عمر الكوكب الكلي ، تجعل الاشخاص مختلفين كليا عن بعضهم .

واذا ذكرنا المكان ايضا ، فلا اقصد فيه المسافات الشاسعة فحسب ، فمجرد عبور حدود بلدك الى اي بلد يقع على حدودها ، ستجد اختلاف كبير جدا في كل شيء ، في العادات ،في التقاليد ، في طريقة التفكير بل حتى في طريقة الكلام وحتى ان كنتم تتكلمون نفس اللغة ستختلف اللهجة ، واللهجة هي اكبر دليل على اختلاف ثقافات الافراد المتحدثين بنفس اللغة .

في رأيي لا يوجد للانسان  سلطة كبيرة على نفسه في طريقة رؤيته للأشياء او تحليلها وان كان له يد في ذلك ،فهذه اليد تكاد لا ترى ، فتأثير محيطه عليه اقوى منه لدرجة انه من المستحيل ان يخرج من تأثيره بنسبة كاملة ، من الممكن ان يختلف معه في نقاط لكنه لن يستطيع ان يخرج منه خروجا تاما ، فما يوجد حول الفرد في بداية حياته ، هو ما يسيطر عليه حتى نهاية عمره ،وفي النهاية اود ان اذكر جملة كتبها للشاعر محمود رويش في قصيدة تحمل نفس الاسم (انا لست لي).

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author