الإجازة

الإجازة لغة  

جاء في بعض معاجم وقواميس العربية، مثل معجم اللغة العربية المعاصرة، ومعجم الرائد، ومعجم الوسيط، ومعجم الغني الزاهر، استجاز، يستجيز، استجز استجازة، فهو مستجيز، والمفعول مستجاز للمتعدي، ومجيز فاعل من أجاز، استجاز فلاناً، أي: طلب منه الإذن في الرواية عنه، أو أعطاه الإجازة.   

الإجازة اصطلاحاً       

الإجازة هي شهادة الأهلية الأدائية والعلمية، يمنحها الأساتذة، أو المعلمون، أو الشيوخ الخطاطون لتلامذتهم، وقد ابتكارها ووضع تقاليدها، عبد الرحمن بن يوسف الشهير بـ(ابن الصائغ)، وتتنوع الإجازات الخطية في خطوطها، ومحتوياتها، وأشكالها، ولكنها تتحدد بـ(عبارة التأجيز)، التي يكتبها الأستاذ المجيز بنفسه بخط التوقيع، وهو خط الإجازة في الغالب، وتكون الإجازة على شكل قطعة، ذات نوعين من الخط، كالنسخ والثلث بصفة خاصة، يكتب المعلم المجيز تحتها، عبارة التأجيز، وتمثل الإجازة التقليدية، أهمية بالغة لدى الخطاطين بعامة، والخطاطين العثمانيين بخاصة.  

أول إجازة       

إن أقدم قطعة إجازة وصلتنا، هي تلك القطعة التي نالها علي وصفي أفندي، في خطي النسخ والثلث، من أستاذه محمد عارف الحلمي، في عام 1084هـ/1673م، وقد صادق عليها ثلاثة أساتذة من الخطاطين، والأسلوب الفني المتبع في إجازة علي وصفي أفندي، لا يزال متبعاً، في منح الإجازات الخطية، حيث تتكون من سطر بخط الثلث، ثم تليها بضعة سطور بخط النسخ، مكتوبة بقلم دقيق، ثم يليها نص إجازة المعلم، وتصديقات أساتذة اللجنة المحكمة، إن وجدت.  

تصميم الإجازة       

يطلب الشيخ من تلميذه أن يقلد قطعة خطية، لأستاذ من أساتذة فن الخط، فيبدأ التلميذ بالتدرب والتمرن، على محاكاة هذه القطعة الخطية، ليسبر أغوارها ويتعرف على أسرار الكتابة فيها، وخصائص الخطاط ومميزاته، وأسلوبه الفني، وإذا أراد التلميذ الحصول على الإجازة، في خطي النسخ والثلث، فإن القطعة التي سوف يختارها المعلم له، تكون عادة على النسق المعروف، في تصميم القطع الخطية، والتي تبدأ بسطر مكتوب بخط الثلث، ويليه عدة سطور بخط النسخ، أما نص الإجازة فقد يكون حديثاً نبوياً شريفاً، أو دعاءً مأثوراً، أو حكمة بليغة، أما إذا كان التلميذ يريد الحصول على الإجازة، في خط التعليق، فعليه حينها التمرن، على محاكاة قطعة للخطاط الفارسي، مير عماد الحسني مثلاً، والجدير بالذكر أنه في عهد السلطان العثماني سليم الثالث بن مصطفى الثالث (1175-1222هـ/1761-1808م)، بدأت تظهر قطع خطية مجازة، تتضمن أشعاراً باللغة التركية العثمانية، متبعة أسلوب المدرسة العثمانية.  

مدة الإجازة   

يقضي التلميذ فترة تتراوح، بين ثلاثة إلى أربعة أعوام، من أجل نيل الإجازة، بشرط المواظبة على دروس أستاذه، مرة في الأسبوع، وقد تقل هذه الفترة أو تزيد، تبعاً لموهبة التلميذ ومهارته، على ضبط رسم الحروف، في أوضاعها المختلفة، كما يعتمد ذلك على مدى اجتهاده وهمته، في مواصلة كتابة الأمشاق، التي يطلبها معلمه منه، وقد يحدث أن لا يستطيع التلميذ ملازمة شيخه، بسبب بعد المسافة والشقة، فيمكن له حينئذ تلقي كتابة التمارين، عن طريق المراسلة.     

استهلال الإجازة            

يستهل الشيخ عبارة الإجازة، بحمد الله تعالى، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، ومن ثم الثناء على جودة خط تلميذه بعبارات، مثل:

  • "لنامق هذه القطعة الميمونة المستحسنة اللطيفة".
  • "لنامق هذه القطعة المباركة المرغوبة".
  • "لكاتب هذه الوثيقة الشريفة".

كما يدعو له بطول العمر، والخير الجزيل، وزيادة العلم والمعرفة، وغيرها من عبارات الثناء والدعاء.

عبارة الإجازة      

تتضمن عبارة الإجازة، التي يكتبها المعلم لتلميذه، عدة أمور أساسية، وهي:

  • لفظ الإجازة، مثل: (أذنت)، (أجزت)، (استحق الإذن).  
  • اسم التلميذ المجاز.  
  • اسم المعلم المجيز.

وقد تفاوتت ألفاظ الإجازة وتعددت، لكن مضمونها واحد، حيث ظهرت العديد من الصيغ المتنوعة، في لوحات الإجازة، منها:    

  • "أذنت بوضع الكتبة، لكاتب هذه القطعة".  
  • "أذنت بتحبير الكتبة، تحت ما كتبه".
  • "أذنت بتحرير اسمه، تحت كتاباته".
  • "فأجزته أن يوسم كتاباته، وسائر آثاره برسم اسمه، ووضعه (كتبه) تحت ما كتبه".
  • "محرر هذه القطعة، قد استحق الإذن بلطف المقال".
  • "لما كان كاتب هذه القطعة المباركة المرغوبة، عارفاً لقواعد جوهر الحروف، ورسوم الكلمات، فأجزته بإبراز اسمه، تحت تنميقاته التي كتبها".

نص الإجازة     

ومن أشهر الإجازات الخطية، الإجازة التي نالها السلطان العثماني عبد المجيد الأول بن محمود الثاني (1238-1277هـ/1823-1861م) من أستاذه الخطاط طاهر أفندي، بخطي الثلث والنسخ، وهذا نص الإجازة: "حمداً لمن كتب اللوح بالقلم، وصلاة على من هو سيد الخلق والأمم، وعلى آله ذوي العرفان والكرم، وبعد، فلما استأذن مولانا دستور الأعظم، والخاقان المعظم، رافع رايات العدل والإحسان، وقامع الظلم والعدوان، مالك الممالك الإسلامية، ووارث سلطنة العثمانية، ممهد قواعد الملة الربانية، مؤسس مباني الدولة السلطانية، خادم الحرمين الشريفين، ألا وهو السلطان ابن السلطان عبد المجيد خان، اللهم كما أيدته، لإعلاء كلمتك فأيده، وكما نورت خلده، لنظم مصالح خلقك فخلده، آمين، فأجزته امتثالاً لإرادته العالية، لسنة 1259هـ".        

خطوط الإجازة      

تمنح الإجازة –غالباً- في الأقلام الستة، وهي الثلث، والنسخ، والمحقق، والريحان، والتوقيع، والرقاع، لكن الخطاطين العثمانيين، يميلون نحو خطين من هذه الخطوط الستة، هما النسخ، والثلث، ليسيطر هذان الخطان على كتابات العمائر والمخطوطات، وقد تمنح الإجازة في خط التعليق أيضاً، لكن القطعة التي يعدها التلميذ للحصول على إجازة في خط التعليق، تكون عبارة عن رباعية من الشعر الفارسي، أو التركي العثماني، وتكتب بسطور مائلة، من أسفل إلى الأعلى، نحو اليمين، أو بسطور مستوية أفقية.  

المراجع                                      

  • المدرسة العثمانية لفن الخط العربي، إدهام محمد حنش، مكتبة الإمام البخاري، مصر، 2012.
  • الإجازة في فن الخط العربي، نصار محمد منصور، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، الأردن، 2000.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author