الصداقة بين الشاب والفتاة

يحمل مفهوم الصداقة بين طياته معان كثيرة إذ لا يمكن أن تسمى العلاقة صداقة حقيقية إن لم يكن هناك إخلاص وعطاء ومشاركة وقضاء حوائج وعطف متبادل بين الطرفين، أحيانا يكون الصديق هو الملاذ الوحيد الذي يهرب إليه الإنسان فيعود منه مرتاح البال غير حامل لثقل ولا تعب فهل يمكن أن تنشأ مثل هذه العلاقة بين الجنسين؟

لطالما كان مفهوم الصداقة مرتبط بنوع واحد فقط فالإناث يتخذن لأنفسهن صداقات من نفس الجنس والذكور كذلك ولكن مفهوم الصداقة بين الجنسين من الظواهر الحديثة التي برزت مؤخرا ولم نعتد على وجودها من قبل ولا نستطيع أن ننكر أنها ظهرت بالتزامن مع ظهور العولمة وتداخل المجتمعات وانفتاحها على بعضها البعض فهي ليست إلا استجابة اجتماعية للمعايير الجديدة.

إن ما يلوح في ذهني الآن هو بعض من العبارات التي يتسعملها الأشخاص المؤيدين لهذه الظاهرة والساعين لجعلها أمرا متقبلا على المستوى الفردي والجماعي بل ويتشبثون بها تشبث من لا يعرف غير طريقة واحدة للجدل فلا سبيل للنقاش معهم حولها ومنها: "أما زال هناك من يفكر بهذا الشكل؟!".. "وصلنا للقرن الحادي والعشرين فتحضروا".. "هناك من وصل إلى القمر ونحن مازلنا نتحدث عن الجنسين" ومن الذي قال لك أن الوصول للقمر مرتبط بالانفتاح على الجنس الآخر؟ إن ما أتكلم عنه هنا هو منطلق من منظور نفسي وعلمي فنحن نتحدث عن السواء من عدمه وليس عن الحلال والحرام وإن من يتمسك بمثل ذلك الكلام فهو إنما يتمسك به إما عن جهل أو قلة وعي وتقليد أعمى لا غير (ومن المؤسف القول أنها نسبة عظيمة من الناس) وإما أنه سعي مخطط ومدروس لنصرة العالم العولمي وزيادة طمس عقول البشر لينقادوا مخدوعين لما يراد لهم أن ينقادوا إليه، ما رأيك لو أخبرتك أن هنالك توجهات تعليمية في المدارس الأمريكية لفصل الجنسين عن بعضهما البعض؟ حيث وجد أن التحصيل العلمي والمستوى الدراسي لكليهما يكون أعلى بكثير في المدارس المفصولة من المدارس المختلطة.

قالت آبريل بليسكي-ريتشك وهي باحثة في جامعة (أو كلير - ويسكونسن) الأمريكية: "إن حدوث الصداقات بين الجنسين يعقد الحياة العاطفية لكليهما" كما وأوضح الكثير من علماء النفس أن نظرة المرأة للرجل تختلف عن نظرته لها وأنه من شبه المستحيل أن يفهم الذكر طريقة تفكير الأنثى كما يستحيل أن تفهم هي أيضا طريقة تفكيره بدورها وهذا من شأنه أن يزيد هذه القضية تشعبا واحتمالا للآراء الكثيرة.

وهذا نص مقتبس يلخص النتيجة التي توصل لها الدكتور جيرمي نيكلسون بعد مقال طويل حيث قال:
"Can men and women be just friends? In many cases, the answer is no. men and women cannot be just friends because only one friend desires something more. Those mismatched desires between men and women lead to unequal friend-zone situations, in which one person's needs are completely satisfied at the other's expense. Those unfortunate instances and the frustrations around them are the friendship problems we hear so much about

ومفاد كلامه أن الصداقة بين الجنسين هي علاقة غير منطقية وتؤدي إلى مواقف غير متكافئة بينهما بسبب التفاوت الكبير بالرغبات بين الرجال والنساء وأنها علاقة يكون فيها أحد الطرفين راضيا على حساب الآخر.

إن من يتمجد بالغرب ويتخذهم قدوة ومثلا أعلى ويعتبر أن كل ما هو ناتج عنهم هو الأصل وأن أي رأي مخالف لهم ليس إلا تخلفا ورجعية يعاني من عقدة نقص وانخداع كبير وعليه أن يزيل غشاوة الانبهار الكاذب والخادع الذي يعيشه وينظر بموضوعية وعقلانية أكبر للوضع حيث أثبتت إحصائية عالمية تم اجراؤها مؤخرا أن نسب التحرش الجنسي والاغتصاب كبيرة جدا في تلك الدول التي يكثر فيها الاختلاط بين الجنسين وبطبيعة الحال تنتشر فيها الصداقات بين الجنسين أيضا باعتبارها قضية "عادية" ومن يعاديها بات ينظر إليه على أنه غريب الأطوار، فماذا تقول في نسب الإجهاض التي المتزايدة عندهم؟ وفي أعداد الفتيات اللواتي فقدن عذريتهن بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة فقط؟
فهل مازلت تعتبر ذلك تطورا وطريقا إلى القمر كما كنت تزعم؟

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author

لا الدنيا أقبلت إليّ ولا الزمانُ أدبر