تساؤلات في تساؤلات!!

أَثْنَاء تصفحي لبرامج التَّوَاصُل الاجْتِمَاعِيّ 

 

جذبني فِكْرِيّا تسائلين وَأَخَذ تَعْبَث بِي نَزْعُه التَّحْلِيل لَتَضَع تِلْكَ الْأَسْئِلَةِ تَحْت المجهر وتضيف لَهَا صبغات التَّفْكِير لِتَوْضِيح الصُّورَةِ أَكْثَرَ وَأَكْثَر وَلَكِنْ لَيْسَتْ تِلْكَ الظَّاهِرَة لِلْعَيْن الْمُجَرَّدَة بَلْ تِلْكَ الَّتِي تَصِلُ لعمق السَّطْح حَتَّى عُمْق الْجَوْهَر وتتشعب وتتشعب لَتَصِل بالنهاية لدوامات التَّفْسِير الْمَنْطِقِيّ الَّتِي تدخلك لدهاليز النِّسْبِيَّة . لتعيدك للوراء لنقطة الْبِدَايَة وَكَأَنَّك لَمْ تُعَبَّرْ كُلُّ ذَلِكَ المشوار التحليلي بَيْنَك وَبَيْنَ ذَاتِك ! ! 

 

التَّسَاؤُل الْأَوَّلِ هَلْ التأقلم والتَّكَيُّف يُعْتَبَرَان ردود فَعَل سَلْبِيَّة فَقَطْ أَمْ لَهُمْ وَجْه إيَجَابِيّ مُشْرِق ؟ ! 

 

التَّسَاؤُل الثَّانِي هَلْ السَّعَادَة وَالرَّاحَة يَقَعَان فيِ قَائِمَةِ اخْتِيَار ؟ ! 

 

سأبدأ بالتساؤل الْأَوَّل 

 

مِنْ بِدَايَةِ إنْسَانٌ الْغَابَة وَجَد التأقلم الَّذِي يَلِيهِ التَّكَيُّف وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْبَقَاء وَالْحَيَاة 

 

مَتَى يُرْغِم الْإِنْسَانِ عَلَى تِلْكَ الْأَفْعَالِ 

 

حِينَ يَكُونُ فِي ظُرُوفِ صَعْبَة قهرية لَا خِيَارَ لَهُ فِي تَغَيُّرُهَا وَلَا سَبِيلَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ سَيْطَرَة إرَادَتِه الذَّاتِيَّة 

 

مَاذَا يَفْعَلُ فِي تِلْكَ الْأَثْنَاء ؟ ! 

 

تَكُون رَدَّه الْفِعْلِ بِمَا يمتلك وَبِمَا يَخْضَع بِإِرَادَتِه وَهِي حَيَاتِه الذَّاتِيَّة وَهُو التأقلم 

 

فالتأقلم هُوَ فِعْلُ تَمْهِيدِيٌّ سَرِيع الِاتِّخَاذِ مِنْ أَجْلِ الِانْتِقَال لِقَرَار التَّكَيُّف الَّذِي بِدَوْرِه يُخْلَقُ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ وَسَائِل الْأَكْثَر مُلَائِمَة لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى ، حَيَاة الْإِنْسَان وَالْكَائِنَات الْحَيَّة عَلَى ، وَجْهِ الْعُمُومِ 

 

فَلَوْلَا تِلْكَ الْأَفْعَالِ لِمَا وَصَلَ الْإِنْسَانِ إلَى كُلِّ هَذَا التَّطَوُّر وَالتَّقَدُّم وَلَوْلَا تأقلمه مَع الظّرُوفُ الصَّعْبَةُ لِمَا أَوْجَد مُنَاخًا يُوَفِّر لَه أَجْوَاء تَسْمَحُ لَهُ بِالْعَيْش بِهُدُوء وَرَاحَة ! 

 

فالثورة وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى وَضْعِ صَعْبٌ لَا خِيَارَ لَك فِيهِ هُوَ أَشْبَهُ بالإنتحار وإستنزاف الطَّاقَة الَّذِي لَا يَصِلُ بِك لِأَيِّ مَكَان أَفْضَل بَل يَعْرِض حَيَاتِك وَحَيَاة مَنْ مَعَك لِلْخَطَر ! ! 

 

كَانَ حَدِيثَ الْكَاتِبِ عَنْ أَنْ التأقلم والتَّكَيُّف فِعْلَان سلبيان لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ الْإِنْسَان لِرَأْيِه الأَخْطَاء وَالذُّنُوب ، وَالظُّلْم وَالْجَوْر وَالْأَلَم وَالْوَجَع شيئ طَبِيعِيٌّ يَجِب التَّعَايُش مَعَهُ فَقَطْ لَا مُحَاوَلَة التَّخَلُّصِ مِنْهُ والثَّوْرَة عَلَيْه وَالِاحْتِجَاج لردعه ! 

 

وَأَنَّ الْإِنْسَانَ المتأقلم مَعَ تِلْكَ الْأُمُورِ هُوَ إنْسَانٌ مَيِّتٌ لَا يُمَارِس الْحَيَاة ! 

 

وَأَنَا اِتَّفَقَ مَعَهُ حِينَ يَكُونُ التأقلم مِنْ أَجْلِ الِاعْتِيَاد وَلَيْس ، التَّكَيُّف لِلْبَحْثِ عَنْ سُبُلِ الْأَكْثَر أَنْسَانِيه وَكَرَامَة وَخَيْر 

 

يَكُونَ ذَلِكَ الْأَمْرِ مميتا ، وَلَكِنْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ يتأقلم الْإِنْسَانِ مَعَ الْأَلَم لِأَنَّهَا إرَادَةٌ السَّمَاء وَيَتَكَيَّف مَع أَوْجَاع أَمْرَاضِه ليستطيع أَن يُمَارِس بَعْضًا مِنْ حَيَاةِ لمنح مَنْ حَوْلَهُ أَسْبَاب لِلْحَيَاة بابتسامة مصطنعه 

 

هُو يمتلك الرِّضَا بِدَاخِلِه لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَوْلَى عَلَامَات الْإِيمَان الرِّضَا بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ 

 

فالسخط وَقِلَّةُ الصَّبْرِ لَن تُفِيدُه بَل سيخسر الْكَثِير يَخْسَر فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ الْكَثِيرِ مِنْ الْحَالَاتِ الَّتِي تاقلمت مَعَ الْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ تَبْعَثَ الْحَيَاةِ وَ الَّتِي كَانَ الْقَدْرُ هُوَ مِنْ يَلْزَمُهَا بالتأقلم وَالرِّضَا وَالْقَبُول ! ! 

 

وَتُضْرَب الْأَشْجَار أَرْوَع الْمُظَاهِر الْحَيَّة للتأقلم والتَّكَيُّف فَهِي تَشُقّ الصَّخْر بجذورها لِتَعَيُّش ، وتزهر فِي أَعْمَاقِ الصَّحْرَاء . 

 

التَّسَاؤُل الثَّانِي 

 

هَل السَّعَادَة أَو الرَّاحَة خِيَار ؟ ! 

 

وَإِن إفترضنا جَدَلًا أَنَّهَا خِيَار 

 

السَّعَادَة شُعُورٍ لَا سَلَّطَه لِلْإِنْسَان عَلَيْهِ أَوْ لإستحضارة وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ إنّ السَّعَادَةَ قَرَار 

 

فَهِي تَأْتِي فِي أَوْقَاتِ قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُنَاسِبَةٍ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الأحْيانِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تَكُونُ مُنَاسِبَةً مِنْ حَيْثُ أَجْوَاء الْفَرَح الَّتِي تُهَيَّأُ لِمِثْلِ هَذَا الشُّعُور تَجِد إنَّك لَا تَشْعُرُ بِهِ بَلْ عَلَى الْعَكْسِ رُبَّمَا تنتابك نَوْبَة بُكَاء ! ! 

 

وَحَتَّى الرَّاحَة هَل نَسْتَطِيعُ أَنْ نختارها 

 

هَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ حَصْر أَسْبَاب الرَّاحَة كُلُّهَا ! 

 

وَمَع نِسْبِيَّةٌ الْمَفَاهِيم مِنْ إنْسَانٍ لِآخَرَ 

 

فالراحة لِلْبَعْض قَدْ تَكُونُ فِي الشَّقَاء . فِي التَّعَب ، فِي السَّهَرُ فِي التَّضْحِيَةِ إلَخ 

 

إمَّا أَنْ كَانَ الْمَقْصِدُ مِنْ الرَّاحَةِ هُوَ الرَّاحَةُ الْمَادِّيَّة أَو الرَّاحَةِ مِنَ المسئولية بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا ! ! 

 

فَهَل بِالْفِعْل التَّجَرُّدِ مِنْ بَعْضِ صِفَاتِ الْبَشَر وَهِي الاندماج مَعَ بَعْضِهِمْ الْبَعْض وَالْإِنْس بِبَعْضِهِم يَكُونُ سَبَبًا لِلرَّاحَة 

 

هَل سَتَكُون هَذِهِ الرَّاحَةِ دَائِمَة هَل لَن يُعَكِّر صَفُّهَا تَعِب 

 

تَعِب مِن اللاشي واللامسئولية ، تَعِب يَفُوق التَّعَب الجَسَدِيّ وَهُو عبثية الْوُجُود فَأَحْيَانًا الشَّقَاء وَالتَّعَب والمسئولية يُعْطِيك قِيمَةٍ لِذَلِكَ الْوُجُودِ وَجُودك كَإِنْسَان مُؤَقَّتٌ بِسَاعَة عَمَرَيْه تَخَيَّل مَعِي إِنَّك تَجْلِس تَرَاقَب تِلْك الرِّمَال وَهِي تَفِرّ مِنْك حَبَّةً حَبَّةً هَل سَيَبْقَى لِلْحَيَاة مَعْنَى 

 

وَأَنْت تَنْتَظِر نهايتك بِكُلِّ مَا أُوتِيت مِنْ وَقْتِ ! ! 

 

اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ مِنْ الطَّبِيعَةِ الَّتِي تَتَعَدَّد فُصُولِهَا 

 

وَلِكُلّ فَصْلٌ شُعُور وَلَهُ مَفْهُومٌ مَعْنَى ، وَلِكُلِّ إنْسَانٍ دُور فِي هَذِهِ الْحَيَاةَ 

 

الرَّاحَة لَا نَشْعُرُ بِهَا إلَّا بَعْدَ التَّعَب 

 

وَالتَّعَب لَا تُحَسُّ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الرَّاحَة 

 

وَالسَّعَادَة تَرَافَق الحُزْنَ والأَلَمَ يُصَاحِب الْأَمَل 

 

لَو فَقَدْنَا أَحَدُهَا لَن نَشْعُر بِطَعْم وَلَوْن الْآخَر 

 

دَوَام الْإِنْسَانِ فِي حَالَةِ شعَورية وَاحِدَة يَفْقَه الْإِحْسَاس بِهَا وَبِقِيمَتِهَا وَهَذِه طَبِيعَتَه الْبَشَرِيَّة 

 

وَلَو وَجْه السُّؤَال لِي سأجيب لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ اخْتَارَ 

 

فَأَنَا إنْسَانٌ جِئْت الدُّنْيَا وسأذهب دُون اخْتِيَار 

 

فَلَيْسَ مِنْ الْمَنْطِقِ أَنَّ يَكُونَ لِي اخْتِيَار فِيمَا بَيْنَ الْوُلُوج والأفول 

 

أَنَا فَقَط أَتَوْهُم أَحْيَانًا السَّعَادَة وَأَحْيَانًا الرَّاحَة وأعيش لحظاتها حَتَّى تَمَضَّى وَأَنَا لَا أَعْلَمُ هَلْ كُنْت بِالْفِعْل سَعِيدَة أَو مرتاحة أَم إنِّي فَقَط كُنْت أَحْلَم ! ! !

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author