تِلكُمُ المرأة

تِلْكْمُ المرأة

تلك الأم الحاضنة والمربية الساهرة التي لا يغفو لها جفن وكبدها يئِنّ أو غائب أو يبكي حزنا أو جوعا ... إنها المدرسة الأولى التي يرتادها كل طفل محظوظ. 

تلك الزوج ربة البيت التي توفر سبل الراحة والدفئ والحب.. الوفية لزوجها والمحافظة لأسراره والقابلة بنواقصه وسلطته والحائط القصير الذي يفجر فيه مكبوتاته وجم غضبه..

تلك المحاربة، العاملة التي تمضي أجمل سنين عمرها في المعامل والمزارع والحقول وبين الجبال وداخل المكاتب وفي المدارس .. من أجل لقمة العيش .

تلك المناضلة الشرسة التي لا تتوانى عن قول كلمة الحق ولا تتردد في البصق على وجه الجلاد والمستبد .. غير آبهة بمصيرها .. والتاريخ يشهد على تضحياتها في سبيل الوطن والعائلة وإستقلالها المادي والمعنوي.

تلك الحساسة والعاطفية التي تبحث عن الشقاء المجاني والتي تساق من عواطفها وتعيش آلاف المشكلات معظمها لم يحدث أصلا، تحب الحياة ما استطاعت إليها سبيلا، تلك التي تلتزم  أمام نفسها بتشغيل عقلها، في المواقف التي تحتاج إلى الحكمة، بدل عواطفها اللعينة التي لا تحفظ كرامتها غالبا، لكن بدون جدوى، يذهب إلتزامها في مهب الريح لتضعف مرات ومرات أمام نفسها وإنسانيتها.

تلك المطلقة والأرملة التي تواجه مجتمعا "ذكوريا" بكامله ،متشبِّعا بأفكار متطرفة رجالا منه ونساءً، محاربةً معتقداتٍ مجحفة تضرب كينونتها وإنسانيتها وحقوقها الطبيعية.. متحدِّيّةً الصعاب والجراح .

تلك القوة الكبيرة والقدرة الهائلة على الصبر والتحمل، فهي تتحمل ما لا يطاق حمله ففي قلب كل أنثى ما يهدّ الجبال من الحزن والضيق والكرب والهم..

تلك المثقفة والمفكرة والكاتبة والمنتجة في كل الميادين،المتفتحة والمتشبة بالعلم والحاملة لسلاح المعرفة.. ذات الرؤية الاستراتيجية والموقف والكلمة.. المخططة والمنفذة والفاعلة والحقوقية..

تلك القروية البسيطة التي تعطي الكثير وترضى بالقليل وتأخد أقل مما تستحق.. عنوانها ابتسامتها وحلمها زوجها وبيتها  وأبنائها..

تلك المراهقة التي تحلم بالاكتمال ولا ترضى التنازل عن شيء .. تريد الدراسة والعمل والمال والاهتمام والحب والظهور والموضة والحرية والاستقلالية...

تلك العاشقة التي تبكي حبيبها في السر ومن أجل لحظة معه تضحي بالغالي غير مهتمة بالعواقب.. تلك التي تدعو الله أن يجمعها به غير مهتمة بوضعه المادي أو العائلي..

تلك التركيبة الغامضة التي حاول فك شفراتها فلاسفة ومحلِّلون نفسانيون ومفكرون وكتب فيها وعليها مؤلفون وروائيون.. تلك التي تعبر عن عكس ما تريد إيمانا منها بأنه يجب أن تُفهم دون الحاجة للكلام، تضحك بدون سبب وتبكي لأتفه الأسباب، في البداية تخاف النهاية وفي النهاية تخشى البداية..

تِلْكُمُ وأكثر هي المرأة. 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٨ ص - عاهد الزبادي
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٠ م - Mohamad Choukair
ديسمبر ٩, ٢٠٢١, ٣:٣٢ م - بلقيس محمد
نوفمبر ٢٥, ٢٠٢١, ٤:٥٨ م - وريد فواز
About Author