دمع الهتوف

دمع الهتوف

لم أكترث لكل المناشدات النسائية حولي ، وتصريحات أمي وتصعيداتها المدوية ( تزوج يا بُنّي من هم في عمرك قد أصبح لديهم ولدان) !، وابنة جيران خالتك بارعة الجمال، وابنة عمتك باهرة الطول كنخلة عراقية، تزوج تزوج تزوج...... هربت من إلحاح النسوة إلى عملي، كنت أحاسب الناس على آلة (الكاش) ، وأنا أفكر كيف أوفي أقساط جامعتي فكثير من الشباب مناضلون فاقوا (حيفارا)  في الكد والعمل ليهنئوا بلقيماتٍ حلال وعيشٍ مستور شبانٍ وشابات .

لكني أيتها السيدة الوالدةُ المبجلة والأغلى في الدنيا لن أتزوج إلا من تشبهني وأرى في ملامحها وعينيها رقة وبراءة ، فمن ستسكن الضلوع حين أراها لن أختار من خلق ربي سواها ، أريدها أرق من النسمة توقر الكبير وتحن على الصّبيةِ الصغار ، دائمة البسمة 

مرت الأيام ولم تتوقف  أمي عن مطالبها ومساعيها المكثفة، قّبلتُ يديها وقلت ستفرحين يابؤبؤي العينين ، تريثي فلدي إستراتيجيتي الخاصة ، ومضيت كان يوماً روتينياً باهتاً، غصون الشجر العارية الباردة تداعب الغمامات وكأنهن حقل قطنٍ بهي، والمزن تسِحُ دمعها حبات ودقٍ ناعمات....وصوت هتوفها يحرك لواعج الحنين والشجنِ في فؤادي، وهروب الناس إلى بيوتهم والشوارع الفارغة والأرصفة المبتلة ... وحنيني إلى شيءٍ لا أعرفه! ....

كان يوماً باهتاً ، حتى دخلت تلك النسمة فغيرت توقيتي كله وقلبت زماني ويومي ليومٍ مليءٍ بالألوان والسنا ... شابةٌ ناعمة دخلت واشترت صنوفاً مختلفة ، دفعتْ ثمن حاجياتها وخرجت نحو الباب ....ثم عادت

عادت تلتفتُ يميناً وشمالاً ، راقبتها من بعيد ، عادت تلتفت نظرتُ إليها فخجلتْ وأدارت وجهها...كانت تبحث عن سيدةٍ مسنة دخلت المخبز تنظر مالذ وطاب ...راقَبتها الشابة كانت مشققة النعلين رثة الثياب ، غائرة العينين من شدة الحزن والضنك ، فتحت المسنة جزدانها الصغير فلم تجد نقوداً خجلتْ ثم إختفت....دفعت صاحبتنا ثمن حاجياتها ثم أخذت تبحث عن المسنةبلهفة هناك وهناك في أقسام المخبز وحوله ،حتى وجدتها

نظرت إليها بلهفة ومودة وأعطتها كل ما اشترت من أكياس ، وأنا أراقب خِلسةً، وقالت: لا تخجلي يا أمي أنا بمثابة إبنتك،تبسمت أنا وأخطأت في الحسابات ووبخني مديري عدة مرات، وقلتُ في (مونولوجٍ داخلي):  ها هي شقيقة الروح ...منشودتي...وردتي ولحن أغنيتي!.....وأسرعتُ في طلب الصبي الصغير (أجير المخبز) وأرسلته ليدرك مكان سكناها مشددا ألا يضيع الوقت في اللهو ويأتيني بالعنوان والخبر اليقين ، أنحنُ ورهيفة الفؤاد صانعة المعروف وضيئة الوجه جيران أم تناءت الأماكن ؟.... واتضح أن منشودتي حارتنا....وتم النصيب غداة إلتقينا 💛

بقلم ريهام الخطيب 💙

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٨ ص - عاهد الزبادي
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٠ م - Mohamad Choukair
ديسمبر ٩, ٢٠٢١, ٣:٣٢ م - بلقيس محمد
نوفمبر ٢٥, ٢٠٢١, ٤:٥٨ م - وريد فواز
About Author