رواية الموقع القاتل

 

منذ ثلاثة أشهر نزل اعلان بإحدى الصحف عن موقع بعنوان "الانتقام من الرجال" وهو عبارة عن موقع تطلب منه الفتيات الانتقام من حبيب تركها او خانها او أي شخص يضايقها ويقوم مسؤول الموقع بأخذ صورة مضحكة او محرجة لهذا الشخص على موقعه وهذا مقابل مبلغ بسيط من الفتاة واخذ الناس الامر كدعابة من شخصا ما وبدأت الفتيات تفكر بالتواصل مع هذا الموقع. 

 

كانت الفتاة الاولى وهى بسمة وارسلت الرسالة سرية

"لقد تركني حبيبي بعد ان اخذ منى مبلغ كبير، ثم اخبرني انه يفكر بخطبة فتاة أخرى وهددني قائلا ان لم اتركه شأنه سيبلغ عائلتي بأمر المبلغ الذى سرقته منهم لأجله، اعلم انه لن يعيد المبلغ لذلك يكفى ان تسخر منه"

وكان مع تلك الرسالة بيانات حبيبها السابق بالسكن والعمل وصورة له. 

 

وقالت في نفسها لن تخسر شيء لأن الدفع بعد الانتقام، وما كان يخيفها هو ان يعلن صاحب الموقع انها من طلبت هذا، وبقيت منتظره حتى وصلها الرد

"طلبك تحت التنفيذ، وبياناتك سرية". 

 

وفى مساء اليوم التالي انزل الموقع فيديو لحبيب تلك الفتاة وهو مضروب بالكف على وجهه اثناء خروجه من احد الاماكن من شخص مار بموتوسيكل وكان كف سائق الموتوسيكل عليه صبغة برسمة حرف اس قبل ان يضربه بالكف وبقيت صبغة الحرف اس واضح على وجه حبيبها وكُتب تحت هذا الفيديو

"الانتقام الاول وعلى وجهك علامتي المميزة اس" 

وكان حرف اس هو رمز لصاحب الموقع. 

 

وهذا اثار ضجة بين الفتيات بعد رؤيتهم اول شخص يتم السخرية منه وتشجعت فتاة اخرى وارسلت بيانات جارها الذى يرمى نفايات شقته امام شقتها وامام شقق الجيران متعمدا لإغاظتهم، وطلبت منه ان يتعلم هذا الشخص درسا قاسيا، وما طمئنها ان جارها له الكثير من الاعداء لذلك لن يعرف مَن التي طلبت الانتقام منه. 

 

وفى اليوم التالي نزلت صورة هذا الجار وهو داخل حاوية نفايات وكتب اسفل الصورة 

"الانتقام الثاني، انت فى مكانك الصحيح" 

وكان مكتوب على الحاوية حرف اس. 

 

كان صاحب الموقع يحتفظ ببيانات الفتيات سرا ولا يشرح سبب الانتقام وكل ما يفعله فقط هو الاستهزاء بالرجال الذين يستحقون من خلال صور مضحكة او اهانة على حسب طلب الفتاة، وبقي هكذا مع باقي الطلبات وبدأت الفتيات يلقبوه ب سوبرمان وهذا ما جاء ببالهن بسبب حرف اس. 

 

وبدأ سكان المنطقة الذين يتعرضون للإهانة يقدمون شكاوى على هذا الموقع وقدموا بلاغا لإغلاقه والقبض على صاحبه، وبعد عدة محاولات ولم يتمكنوا من القبض عليه او حتى معرفة هويته فقد كان هذا الشخص يدير الموقع من اماكن مختلفة حتى استطاع شخصا ما اغلاق هذا الموقع. 

 

وهذا ما جعل رجال المنطقة يشعرون بالاطمئنان بخلاف رأي الفتيات فان اغلاق الموقع ازعج الكثير منهن وخاصة التي كادت ترسل رسالتها للانتقام قبل اغلاقه. 

 

وبعد أسبوع ظهر موقع أخر بإعلان اخر بإحدى الجرائد وكان "ارسلوا طلباتكن جميعا وسأنفذ جميع الطلبات مجانا حتى ان تم اغلاقه سيتم انشاء موقع أخر"

واسرعت الفتيات لإرسال طلباتهن وبقي الامر بأعمال خفيفة للانتقام وكان كل شخص يتأذى من صاحب الموقع يجد العلامة اس بجواره، وكان هذا الامر عاديا وعلى العكس كان ممتع للكثير بسبب الصور الساخرة والفيديوهات المضحكة،

حتى تم العثور في فجر أحد الايام على جثة شخصا ما بالقرب من السكة الحديد مطعونا بسكين ولم يكن هناك سلاح الجريمة وبجواره ورقة عليها حرف اس. 

 

وكانت هذه اول جريمة قتل وهى خارجه عن عادات اس الذى يعتمد على الاهانة والسخرية، وبعد هذا الخبر تم حذف الموقع بواسطة صاحبه وبقيت هذه الجريمة جريمة غامضة. 

 

قرر الضابط سمير البحث عن هوية الجثة ومعرفة جميع الاشخاص المحيطين به ومحاصرة اعداءه وخاصة الفتيات. 

 

فقد كان الضحية رجل يدعى اسماعيل في منتصف العشرينات طويل القامة لاعب كرة سلة في إحدى النوادي وذهب الضابط للتحقيق مع افراد الفريق ولاحظ الضابط عند التحقيق ان هناك ثلاثة اشخاص يبدو عليهم الكره الشديد لإسماعيل وهم: 

 

الشخص الأول 

وهى سلمى خطيبة اسماعيل وقد وافقت على خطبتها منه غصبا عنها بعد أن امسك ايصالات امانة على والدها. 

 

الشخص الثاني 

وهى فريدة ابنة مدير الفريق وكانت خطيبة الهداف الاول بالفريق حتى أُصيب خطيبها بحادث مما جعله يترك الفريق وانتحر منذ شهر من اليأس وهى تظن ان اسماعيل هو السبب في تلك الحادثة التي تسبب له بجروح بالغة ولم يكن لديها دليل على ذلك. 

 

الشخص الثالث 

وهو شهاب لاعب كرة سلة وتسبب اسماعيل في طرده من الفريق منذ ثلاثة اشهر، كما انه كان يحب سلمى وغضب عند خطبتها من اسماعيل. 

 

كان تركيز الضابط على احدى الفتاتين حتى جاء شخصا إلى القسم ليدلي بشهادته بعد ان سمع بأمر الجريمة وقال:

-الحقيقة هو ان صاحب الموقع لا يقبل طلبات الا من الفتيات لذلك تحدثت إليه من خلال صفحة مزيفة باسم فتاة وقمت بتأليف قصة وهميه لينتقم من زميلي بالعمل وبالفعل قام صاحب الموقع وبرش الماء متسخ على زميلي امام منزله مما جعله يتأخر عن العمل في يوم الاجتماع.

-وما سبب تلك القصة؟

-اقصد ان السبب في قضية مقتل ذلك الشخص ليست بالضرورة فتاة، ربما رجل وتحدث بصفحه مزيفة باسم فتاة.

-كيف دفعت المال إلى صاحب الموقع؟

-الحقيقة كان ذلك العرض المجاني.

-حسنا، فهمت. 

 

بقي الضابط يفكر كيف يصل إلى الشخص الذى طلب قتله من بينهم فبهذا الثلاثة تحت الشبهة، فقرر إعادة التحقيق مع ثلاثتهم، 

وتوجه اولا إلى منزل سلمى واستأذن والد سلمى لتحقيق بصفة غير رسمية مع ابنته، كانت سلمى فتاة في بداية العشرينات وقام الضابط بسؤالها: 

-ما سبب ايصالات الامانة التي تدين والدك؟

-لقد تعرض والدى لسرقة حقيبته المليئة بأموال الشركة مما عرضه للديون وقد دفعها بالكامل بمساعدة اسماعيل.

-هل تظني ان اسماعيل هو السبب في هذا؟

-لا، على العكس لقد ساعد والدى لتخطى الامر.

-مَن كان يعلم بأمر الحقيبة المليئة بالأموال؟

-الكثير فقد تحدث والدى عن امر توصيل المبلغ بالمقهى وقد سمعه الكثير ولكن وجد ابى ورقة وعليها حرف اس وقد رماها السارق قبل هروبه.

-وهل أبلغتِ الشرطة؟

-لا، لم ينزل صاحب الموقع صورة بهذا لذلك اظنه شخص محتال واستغل رمز اس.

-هذا احتمال. 

 

وفى تلك اللحظة كان شخص يطرق باب المنزل ففتحت سلمى الباب وكان الطارق هو صديقها شهاب، وعندما راه الضابط سمير قال له:

-جيد أنني رأيت، فقد كنت انوى التحدث معك مرة أخرى.

-حسنا، لا بأس بهذا.

-دعنا نتحدث بالمقهى القريب من هنا. 

 

وقام شهاب بتحية سلمى ووالدها ثم ذهب مع الضابط سمير وعندما جلسا بدأ الضابط بالأسئلة:

-انت تسكن بالقرب من هنا، أليس كذلك؟

-نعم فقد وجدت شقة بسعر رمزي.

-وهل تقضى وقت فراغك هنا بالمقهى؟

-نعم.

-هل كنت جالس هنا وقت ما تحدث والد سلمى عن حقيبة الاموال؟

-نعم وكان اسماعيل معي ايضا.

-لما لم يبلغ والد سلمى ان اس هو من سرق الحقيبة؟

-لأنه اتهام بدون دليل طالما لم ينزل اس صورة بذلك.

-ألم تكن الورقة التي عليها حرف اس تكفى؟

-هل كنتم ستصلون إلى اس من ورقة؟

-لن يهرب منا هذا المجرم، كما يبدو ان مقتل اسماعيل افادك كثيرا فالان يمكنك خطبة سلمى حبيبتك.

-انت تفهم الامر بصورة خاطئة، نحن لسنا احباب بل اصدقاء فقط.

-لقد ذكرت فريدة أمامي انك كنت تنوى خطبة سلمى.

-فريدة مخطئة بالتأكيد، ربما فهمت الأمر بصورة خاطئة لان سلمى كانت تشجعني بحماس اثناء التدريب.

-لماذا بقيت بالنادي بالرغم من طردك من الفريق؟

-لم يتم طردي بل انا من نويت ترك الفريق.

-يبدو ان فريدة قد فهمت اشياء كثيرة خاطئة.

-لا تصدقها لكونها ابنة مدير الفريق، هي تكره الجميع منذ حادث خطيبها.

-حسنا فهمت. 

 

وبعد ذلك نهض شهاب وترك الضابط سمير جالس بالمقهى يفكر وقال في نفسه ان كان اس القاتل والسارق هذا يعني ان صاحب الموقع يرتكب جرائم خفية وما هذا الموقع إلا موقع لارتكاب الجرائم ومخفى حول انتقام ساخر للفتيات!! كيف لم أدرك من قبل ان هذا الموقع قاتل؟! 

 

وبعد لحظات جاء النادل وقال له:

-انت الضابط سمير، أليس كذلك؟

-نعم، ما الأمر؟

-لقد طلب منى زبون توصيل هذه الرسالة إليك ثم دفع حسابه وانصرف بعد ان اشار نحوك. 

 

اخذ سمير الرسالة وقرأ المكتوب:

"صاحب الموقع بريء من تلك التهمه الملفقة، ابحث عن القاتل الذى تخفى تحت رمز اس وقتل وسرق"

قال سمير إلى النادل:

-واين هذا الشخص؟

-انصرف منذ لحظات

-في أي اتجاه؟!

-نحو اليمين 

تحرك سمير مسرعا للخارج ووجد امامه الكثير من المارين فقال إلى النادل:

رواية الموقع القاتل الجزء الثاني

بقلم: أمنية نبيل

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author