سر السعادة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 (يُقال إن تاجراً قد أرسل ابنه؛ كي يتعلم الحكمة عند أحكم رجلٍ في العالم، وليعلمه سر السعادة، فسار الفتى مسافةً طويلةً جداً، وبعد أربعين يوماً وصل إلى قصرٍ جميل على قمة جبلٍ مرتفع، أخبره الناس أن الحكيم يعيش في هذا القصر، فدخل إليه، ولكنه وجده مليئاً بالكثير من الاشخاص الذين جاءوا لطلب المشورة من الرجل الحكيم، فانتظر عدة ساعات حتى حان دوره.

 

حين جاء دور الفتى وقف بين يدي الحكيم يسأله عن سر السعادة الحقيقية، فأنصت إليه الحكيمُ بانتباه، ثم قال له: "إن وقتي لا يتسع الآن للإجابة عن سؤالك، ولذا أرجو منك أن تتجول في القصر حتى أنتهي من عملي، وعد إلي بعد ساعتين"، أضاف الحكيم بعد أن قدَّم للفتى ملعقةً صغيرةً تحتوي على القليل من الزيت: "أمسك هذه الملعقة في يدك وأنت تتجول في القصر، ولكن احذر أن تسكب الزيت في أنحاء القصر!".

 

 بدأ الفتى يتجول في القصر، وظل طوال هذا الوقت مركزاً على الملعقة التي في يديه خشيه سقوط الزيت منها حتى يقابل الحكيم، ولما وقف أمامه بدأ الحكيم بسؤاله: هل رأيت التحف القديمة والثمينة التي أحتفظ بها في غرفه جلوسي؟ وهل رأيت الأزهار التي تزين الحديقة الجميلة؟ وهل استوقفتك الكتب الثمينة التي أحتفظ بها في مكتبتي؟ شعر الفتى بالارتباك والصدمة، وأخبر الحكيم أنه لم يعر هذه الأمور أي اهتمام، فقد كان مركزاً على ألا ينسكب الزيت من الملعقة التي في يده، فقال الحكيم: "عُد وتجول في القصر مرة أخرى".

 

 عاد الفتى للتجول في القصر، وأخذ ينظر الى اللوحات الجميلة المعلقة على الجدران، واستمتع بمشهد الحديقة الجميلة والزهور العطرة، وحين عاد إلى الحكيم روى له بالتفصيل ما رأى في القصر، فسأله الحكيم: "ولكن أين الزيت الذي كان موجوداً في الملعقة؟" نظر الفتى إلى الملعقة، فوجد أنه قد انسكب دون أن ينتبه، فقال له الحكيم: "هذه النصيحة التي أستطيع أن أسديَها إليك! إن سر السعادة -يا بني- أن تكون قادراً على الاستمتاع بالحياة وجمالها دون أن تسكب الزيت من ملعقتك")

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author