سيرة التابعي سعيد بن مسيب رضي الله عنه

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الصحابة ينشرون علمه بين جموع الناس ولقد تتلمذ على يدهم عدد كبير من الناس كان من بينهم من كان له شأن كبير أحدهم تابعي جليل لقب بسيد التابعين وعالم أهل المدينة في زمانه وأحد رواة الحديث النبوي، وأحد فقهاء المدينة السبعة من التابعين كلامنا هنا يدور حول سعيد بن مسيب رضي الله عنه والذي سيكون عنوانا لمقالتنا هذه والتي سنتطرق فيها الى سيرته من خلال التطرق الى الفقرات الآتية نشأته، طلبه للعلم، محنته، وفاته.

 

سعيد بن مسيب المكنى بأبو محمد أبوه المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي  و أمه أم سعيد هي أم سعيد بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السُّلَميّة ولد سنة 15 للهجرة لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب في المدينة المنورة ، وهو قرشي مخزومي النسب أسلم أبوه المسيب وجده حزن، وكانت لهما صحبة، وكان أبوه المسيب ممن حضر بيعة الشجرة، أما جده فكان ممن قُتل يوم اليمامة

  نشأ سعيد في المدينة المنورة، واجتهد في طلب العلم من علمائها لقي عددا من الصحابة ونهل من علمهم حيث سمع من  زيد بن ثابت وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عباس وابن عمر، وسمع من زوجات النبي محمد عائشة بنت أبي بكر وأم سلمة، كما سمع من عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وصهيب الرومي ومحمد بن مسلمة، وكان يسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد ولزم أبو هريرة وسمع منه وتزوج من ابنته، حتى أصبح أعلم الناس بحديثه و معظم أحاديث رواها عنه كما لزم عمر بن الخطاب في صباه، حتى سُمّي «راوية عُمر» لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته وكان عبد الله بن عمر يرسل إليه يسأله عن قضايا عمر وأحكامه و بلغ مبلغه من العلم فكان يُفتي والصحابة أحياء، وقد شهد له ابن عمر بقوله: «هو والله أحد المفتين»،  و كان يتتبع المسائل و الفتوى فأصبح سعيد مُقدّمًا في الفتوى في زمانه، ولُقّب بـ «فقيه الفقهاء» و كان الخلفية الأموي عمر بن عبد العزيز لا يقضي في قضية حتى يستشيره فيها اعتمد سعيد بن المسيب في منهجه الفقهي على القرآن والسُنّة والإجماع والقياس، فإن لم يجد فيها حُكمًا، تخيّر من أقوال الصحابة وقد برع كذلك في علومٍ أخرى غير علوم الشّريعة، ولعلّ أبرزها علم تفسير الرّؤى وتعبيرها الذي اكتسبه من أسماء بنت أبي بكر، التي أخذتها أسماء عن أبيها ، حيث كان النّاس يقصدونه لتعبير رؤاهم ورغم علمه بالحديث النبوي، إلا أن سعيد بن المسيب كان يعزف عن تفسير القرآن. كما كان يحب أن يسمع الشعر، وكان لا ينشده

 ولقد كان سعيد بن المسيّب ورعًا زاهدًا في متاع الدّنيا، ولقد كان سعيد بن المسيّب ورعًا زاهدًا في متاع الدّنيا، كثير الصّلاة والصّيام حتّى روي عنه أنّه كان يسرد الصّوم، ولا يصلّي الصّلوات الخمس إلا جماعة في المسجد، كما حجّ سعيد بن المسيّب ما يقارب من أربعين حجّة طيلة حياته و لم يؤذن المؤذن طوال ثلاثين سنة إلا وهو في المسجد  كان حريصا على قراءة القرآن والدعوة إلى الله  وكان يعيش من التجارة بالزيت، ولا يأخذ عطاءً من أحد كان سعيد بن المسيب شديدًا في الحق، لا يماليء الحكام ولا يسكت عن خطاياهم فكانت بينه وبين الأمويين خصومة لما رأى من سوء سيرتهم، وكان لا يقبل عطاءهم المفروض له في بيت المال حتى جاوز بضع وثلاثون ألفًا، وكان يدعى إليها فيأبى وكان سعيد يدعو عليهم في صلاته. وقد بادله بنو مروان العداء، حتى نهوا الناس عن مجالسته في المسجد،  وقد حاول الأمويون استمالة سعيد بن المسيب، فخطب الخليفة عبد الملك بن مروان ابنة سعيد لولده الوليد، فأبى سعيد، وزوّجها لفتى من قريش  يُدعى «كثير بن عبد المطلب بن أبي وداعة السهمي» بمهر قدره درهمين. 

تعرّض سعيد بن المسيب لمحنتين كبيرتين، الأولى حين استعمل عبد الله بن الزبير جابر بن الأسود بن عوف الزهري على المدينة قال عبدالله بن جعفر: استعمل عبدالله بن الزبير جابر بن الأسود بن عوف الزهري على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة لابن الزبير، فقال سعيد بن المسيَّبِ: لا، حتى يجتمع الناس، فضربه ستين سوطًا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه ويقول: ما لنا ولسعيد، دَعْه و الثانية حين عقد عبد الملك بن مروان لابنيه الوليد وسليمان بالعهد، وكتب بالبيعة في الولايات، ودعا ولاته لأخذ البيعة من الناس. حينئذ، دعا هشام بن إسماعيل المخزومي والي المدينة المنورة سعيد لمبايعتهما، فأبى فضربه هشام ستين سوطًا، وطاف به المدينة، ثم سجنه، وأرسل إلى عبد الملك ينبأه برفض سعيد البيعة. فكتب عبد الملك لهشام يلومه، ويأمره بإطلاقه وأمر عبد الملك قبيصة بن ذؤيب بأن يكتب لسعيد معتذرًا، فقال سعيد حين قرأ الكتاب: «الله بيني وبين من ظلمني»

مات سعيد بن المسيَّبِ بالمدينة سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد بن عبدالملك وهو ابن خمس وسبعين سنةً، وكان يقال لهذه السنة التي مات فيها سعيد: سنة الفقهاء وقد أعقب سعيد من الأبناء محمد وسعيد وإلياس وأم عثمان وأم عمرو وفاختة، وأمهم أم حبيب بنت أبي كريم بن عامر بن عبد ذي الشرى الدوسية، ومريم وأمها أم ولد، إضافة إلى زوجة أخرى وهي ابنة الصحابي أبي هريرة

 

 

كان لسعيد بن مسيب اثر بالغ  على هذه الأمة حيث تتلمذ على يديه خلق كثير  و له فضل  في توصلنا باحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث روى عنه جماعات من أعلام التابعين، منهم عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم و يظهر ذلك جليا من خلال تزكية المعاصرين له ومن بعدهم  .

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author