قلبُ يرفض الجمود!

 

 

 كَانَ جَسَدِي يَرْتَجِف كالمصاب بِالْحُمَّى، قُشَعْرِيرَة تَسْرِي فِي جَمِيعِ أَوْصَالُه وَجِهَاتِه ، 

مَدَدْت يَدَي لألمس أَكْثَر الْأَمَاكِن وَجَعًا بِي 

 

يَدَي ترتجف حَائِرَة مابين الاْقْتِرَاب وَالابْتِعَاد 

كُلَّمَا اقْتَرَبَت أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إزدادة قُشَعْرِيرَة جَسَدِي وَزَادَت يدي اِهْتِزَازا وَفَارَت مِنْ عَيْنِي الدُّمُوع 

وَمَا إنْ وُضِعَتْ يَدِي عَلَيْه احرقني لظاه 

ذَلِكَ الْمَكَانِ أَيْسَر الْقَفَص الصَّدْرِيّ 

لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ اِقْتَرَبَ مِنْهُ وَكَأَنَّهُ جُرْح مَفْتُوحٌ أَخْشَى لَمْسُه خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ التقرح أَو النزف ، أَشْعَر بتمزقة بِصَمْت كَمْ هُوَ صَعُب أَن تتمزق بِصَمْت 

لَا أَسْتَطِيعُ حَتَّى إنَّ أَرْبَت عَلَى كَتِفِهِ أَوْ أَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ 

خَوْفًا مِنْ أَنَّ يَنْفَجِرَ أَو يَثُور ! ! 

صَمْتُه مُخِيف اعْلَمْ أَنَّهُ مُتَأَجِّج بِالْأَلَم يَمْتَصّ نَزْفُه بمضض ، يُحَاوِلْ أنْ يحتضن أَشْوَاك وَجَعُه دُونَ أَنْ يَصْدُرَ صَوْت ، يَحْتَرِق دَاخِلٌ نيرانه الْمُشْتَعِلَة لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يُسْمِعَ تَلِك الْأُسْطُوَانَة المشروخه الَّتِي يديرها الْعَقْلِ لَهُ ! ! ! 

أَلَمْ أَقُلْ لَك ! ؟ 

أَلَم أنْصَحُك ؟ ! 

أَرَأَيْتَ هَذَا مَا حذرتك مِنْه ؟ ! 

فالتأكل مِنْ مَا صَنَعَتْهُ يَدَاك ! ! 

لَا ذَنْبَ لاَِحَدٍ بِمَا تُشْعِرُ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ اخْتِيَارِك وعنادك وإصرارك وغباءك الْمُسْتَمِرّ الَّذِي لَا تُرِيدُ التَّخَلُّصِ مِنْهُ ! ! 

كَانَت نَظَرِه ذَلِك الْقَلْبِ نَظَرُهُ متوسله 

أَنَا أُحَاوِل نَزَع سَهْم قَدْر اِنْغَرَس بضلوعة وَهُو يَتَشَبَّث بِه وَيَبْكِي مُتَوَسِّلًا لِي بِأَنْ لَا أَفْعَلُ ! ! 

يُتَوَسَّل وَيَطْلُب مَنِيٌّ إنْ أَتَحَمَّل أَسْوَاط الْعَقْلِ الَّتِي يجْلَد بِهَا رُوحِي لأحمية هُوَ مِنْهَا ! ! 

يُتَوَسَّل لِي ، بِأَنْ لَا أَتَخَلَّى عَنْه وَأَوْقَف مَعَهُ بِلَا أَسْئِلَة وَلَا تساؤلات ! ! 

يُتَوَسَّل لِي أَنْ أَنْصَتَ لشعَوره وإحساسه الْغَرِيب وَالْغَيْر مَأْلُوفٌ وأحاول أَن أتفهمه أُخْلَق لَه المبررات وَالْإِعْذَار ! ! 

يُتَوَسَّل لِي بِأَنْ أمنحه صِفَات الطَّبِيعَةِ لاَ الْبَشَر 

وَرِيد : ياقلبي يَجِبُ أَنْ أخلصك مِنْ ذَلِكَ السَّهْمُ المنغرس فِي ضلوعك فَلَن تَحْصُد مِنْهُ خَيْراً بَل سيتفاقم وجعك إذَا أَبْقَيْت عَلَيْهِ هُنَاكَ ! 

قَلْبِي : لَم اخْتَر أَنْ يُصِيبَنِي هَذَا السَّهْمِ وَلَكِن فَقَط ، اِمْتَلَك حُرِّيَّة اخْتِيَارُ عَدَمِ التَّفْرِيطِ ، فِيهِ هُوَ سَدّ يَمْنَع تَدَفَّق دِمَاء مشاعري يَحْفَظ لِي حَيَاة نبضي فَكَيْف تَطْلُبِين مَنِيٌّ إنْ أَتَخَلَّى عَنْه ! ! ! 

وَرِيد : هُو يسمم اوردتك يعيق تَدَفَّق الدَّم لاوصالك يجمدك، 

وَإِن ابقيته سيقتلك وَيُنْهِي حَيَاتِك ! ! 

قَلْبِي : أَيْ حَيَاةِ تقصدين تِلْكَ الَّتِي فِي مُجْمَلِ أَيَّامِهَا أَكُون مِضَخَّة دِمَاء فَقَطْ بِلَا شُعُورٌ وَلَا إحْسَاسَ وَلَا شَغَف ! ! 

أَم تِلْك الْحَيَاة المفعمة بالمشاعر الَّتِي تَخَلَّق لِي ، جَنَاحَيْن تُسَافِر بِي وَاحْلِق بِهَا مِنْ مَوْطِن إحْسَاس ، إلَى ، آخَر 

هَذِهِ الْحَيَاةَ الَّتِي شَعَرْت بِهَا وحييت فِيهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ السَّهْمُ الَّذِي تُرِيدِينَ أَنْ تنزعيه وتسرقي تِلْك الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ مِنِّي ! ! 

أَخْبَرَنِي هَل سيفيدك مَوْتَى وَأَنَا انْبِض ؟ ! 

هَل تُرِيدِينَ أَنْ تسكبي دِمَاء مشاعري وتتركيني جَمَادٌ مُتَجَمِّدٌ لَا يَصْدُرُ فِي أَعْمَاقِه سِوَى الخَواء، السَّهْم كَانَ سَبَبًا لِتِلْك الْمُدُنِ الَّتِي شُيِّدَت فِي أعماقي 

وَإنْتِزَاعِه سَوْف يُغْرِقُهَا وَيُمِيت كُلّ حَيَاة دَاخِلِيّ 

فَلِمَاذَا تصرين عَلَى إنْتِزَاعُه أَخْبِرِينِي ! ! 

هَل لِأَنِّي لَا أَسْتَحِقُّ تِلْك الْحَيَاة ؟ ! 

هَل لِأَنَّك تغارين مِنْ شُعُورِ مُنِحْتَه الْأَقْدَار لِي وانتي ترفضينه وَعَقْلُك بِشِدَّة ؟ ! 

أَمْ هَلْ تَخْشِين عَلَيَّ مِنْ أَلَمٍ بَقَاءَه ؟ ! 

وَلَكِن الْأَلَم كَانَ فِي الْبِدَايَةِ فَقَط حِين اِنْغَرَس وَكُنْت أَخَاف وُجُودِهِ وَلَمْ أتقبله وَأُخِذَت أعاني لأتخلص مِنْه لِأَنِّي أرْفَض الْحَيَاةِ مَعَ ألامه، لَكِنَّه الْيَوْم أَصْبَح مُكَوَّنٌ مِنْ مكوناتي أَصْبَح صِمَام أَمَانٌ إنْتَزَع خَوْفِي، لَمْلَم شتاتي 

أنجبني لِلْحَيَاة وَإسْتَطَاع أَن يُرِينِي الْجَانِب الْوَرْدِيّ مِنْهَا 

فَذَلِك السَّهْم لَمْ يَعُدْ مَوْجُودًا لَكِن فَقَط أَثَر مُرُورِه بِي فَلَا دَاعِيَ لخوفك الْغَيْر مُبَرِّر ! ! 

وَرِيد : أَيُّهَا الْقَلْبِ لَا تَخْشَى مِنْ الْجُرْحِ سَتَمُر عَلَيْه الْأَيَّامِ حَتَّى تُخْفِي مَلاَمِحِه وَتَبْقَي فَقَط ندوبه الَّتِي تُذَكِّرَك بعمرك الَّذِي مَضَى مَعَهُ ، لَا تتحايل وَلَا تَخْدَع ذَاتِك بِوَصْف الْأَلَم بِالْجَمَال ، وَالسَّرَاب بالواحه الْغِنَاء ، النَّار بالجليد 

هَل أستعذبت ألامك حَتَّى!!! 

حَتَّى أَصْبَحْت تُقْبَل الْيَدِ الَّتِي تُغْرَس نصالها فِيك وخناجرها َوسهامها ! ! 

هَل صُنْعُك لِوَهْم حَيَاة جَعَلَك تَزَيَّن لِنَفْسِك الْقَبِيح فَقَط ، لِتَعَيُّش بِزَيْف الْجَمِيل ! ! أعْلَمْ أَنَّك كُتْلَة مَشَاعِر ونبضات لَكِنْ رُبَّمَا هُنَاك مَشَاعِر لَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ لَنَا أَنْ نحياها فَمَن الْمُؤْلِم أَن نتوهم وُجُودِهَا كشبح فِي أعماقنا لاهو الْمَوْجُودِ وَلَا هُوَ المتلاشي ! 

قَلْبِي : السَّجِين لَا يَمْنَعُ مِنْ رَسْمِ جَمَال الْحُرِّيَّة 

يَأْخُذُه خَيَالُه لِيَنْعَم بشعور لَن يَبْلُغهُ إلَّا بِهِ 

ذَلِك الشُّعُور الْخَيَالِيّ هُوَ مِنْ يمنحه سَلَامِه الَّذِي يُبْقِيهِ صَامِدا ومتماسكا حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ سِجْنُه، الخيال حَقُّ مَشْرُوعٍ فَلَا تَحْرِمْينِي مِنْهُ فَقَطْ لِأَنَّك تُرِيدِين الْعَيْش بمنطق الْعَقْل الْجَافّ، الْجَامِد، والمتحجر، والقانوني، ذُو الْخُطُوط الأفقية والرأسيه والشبكة العنكبوتية الَّتِي لاَبُدّ عَلَي أَنَّ أَسِيرَ وَفْقًا لَهَا وَإِلَّا فَأَنَا الْمُتَمَرِّد وَالْعَاصِي وَالضَّالّ والغبي وَالْجَاهِل ! 

وَرِيد : اتظن يَا قَلْبِي إنِّي لَا أَسْمَعُ صَوْتَ ألامك الَّتِي تُجَاهِد لِكَيْ لاَ يَسْمَعُهَا أَحَدٌ خَوْفًا مِنْ أَنَّ تَهَزَّم أمَامٌ مِنْ تحديتهم بشعورك وحدسك ، أَسْمَعْه بِشَكْل مَفْصِل وَمَعَ ذَلِكَ أَنَّا مَعَك حَتَّى تَقَرَّرَ لِأَنَّ أَيَّ قَرَارٍ يتبناه الْعَقْل لَن يُطَبِّق دُونَ أَنْ تقتنع بِهِ أَنْتَ أَوَّلًا ! 

رُبَّمَا مازالَت لَا تَسْتَطِيعُ فِي الْوَقْتِ الْحَالِيّ ، أَنْ تَضْعُفَ 

وتبدأ مِنْ جَدِيدٍ لِذَلِك تَرْفُض انْتِزَاعَ ذَلِكَ السَّهْمُ وَلَكِنْ أَنَا مُتَأَكِّدَةٌ إنَّك فِي يَوْمِ مِنْ أَيَّامِ تقاويك ستفعلها دُونَ أَنْ تَسْمَحُ أَنْ تَنْزِفَ قَطْرَة شُعُور ! 

قَلْبِي : لَن يفهمني أَحَدٌ وَلَمْ يفهمني مِنْ قِبَلِ فَأنا لَا أَتَعْجَب وَلَكِن صدقيني ياوريد احْتضان ذَلِك الشُّعُور سَلَام لِي ، لَا أُرِيدُ أَنْ اتجرد مِن إحساسي ، وشعوري فَقَطْ لِأَنَّ مَا أَصَابَنِي لَا خَيْرَ لِي فِيهِ للعلن الْمُهِمّ عِنْدِي أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ مَا احْتَاجَ وَكُلُّ مَا احْتَاجَ لِلْبَقَاء وَلَن اتنازل عَنْهُ مَا نبضت !

وريد :أخشى عليك ياقلبي من نفسك فأنت لا تتنازل بسهوله ولا تقتنع بسهوله وفي أعماقك أفكار لا تشبة أحدا تعشق الشعور رغم رفضك الشديد للاحتياج

بنيت لنفسك عالم لا يشبه عوالم القلوب تستمد قوتك من الطبيعة التي اتخذتها قدوة لك، فماذا عساي أن أقول!! وأنا أعلم جيدا أن في هذا السهم روحك وانتزاعه بمعنى رحيلك للأبد وبقاءه مجهول المعالم هل هو فعلا حياة لك أو توقف لها!

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٨ ص - عاهد الزبادي
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٠ م - Mohamad Choukair
ديسمبر ٩, ٢٠٢١, ٣:٣٢ م - بلقيس محمد
نوفمبر ٢٥, ٢٠٢١, ٤:٥٨ م - وريد فواز
About Author