لغة العصر الحديث

 لغة العصر الحديث,

من قديم الازل و السخرية جزء أساسي من التواصل الإنساني على مدار التاريخ، أداة بيستخدمها المهمشين في مواجهة السلطات، وطريقة يعني الواحد يفرغ الكبت والضغوط اللي بيشوفها. وطبعا زي ما كل حاجه بتتغير اتغيرت السخريه والتريقه من جيل لجيل لحد ما وصلت إلى شكلها الحالي وهي: الميمز والكوميكس.

زادت مساحة الميمز في محتوى الإنترنت عمومًا ومحتوى كرة القدم خصوصًا. ولو انت مش عارف فا في ناس بتكسب كتير اوي سنويا من ورا الصفحات الساخره ديه ، وفي المستويات الأقل، فا في كثير من صفحات الميمز تهدف إلى جني الأموال بطريقة أو بأخرى.

وكذلك فإن كثير من الشركات وأندية كرة القدم بقت بتستخدم الطريقة نفسها على منصاتها الرسمية, بهدف التسويق عشان يستغلو سرعة انتشار الميمز الكبيره والواسعه جدا دي، وبلا شك طبعا فإن الميمز بقت جزء أساسي وفارق جدا في مواقع التواصل الاجتماعي

.ليه بنحب الميمز؟

طبعا السؤال شكلو بديهي جدا واجابتو بسيطه جدا ؛ لأن مفيش حد بيكره الضحك. مهما كانت حالتك المزاجية فأنت مستعد انك تسمع الافيه و تتفاعل معاه، بل في اغلب الاوقات بتروح تدور عليه،علي سبيل المثال لما يفوز فريقك فانت هتلاقي ممزات كتير بتتريق علي الفريق المنافس ، ولما يخسر برضو هتلاقي ميم بيشاركك حزنك، ولما تكون مدايق من لاعب جدا وعايز تشتمو ، هتلاقي ميمز برضو بتعمل ده بالنيابه عنك.

فا ليه بقا اقعد اكتب مية كلمه عشان انتقد لاعب معين وأوجع دماغي بقا وواحد يدخل ينتقد كلامي, وطبعا انا مش هسكت و هرد عليه وهندخل في نقاش ملوش اي تلاتين لازمه ؟ليه اتعب نفسي ما صوره واحده تعمل ده كلو ؟ أفكار ونقاشات وردود وتعليقات احطها في صورة واحدة.

ومش ديه الميزه الوحيده طبعا للميم،ده عندو ميزه تانيه واجمد كمان ؛ أن مفيش حد هيختلف معايا او يناقشني في محتواه او حتي يقولي متفق معاك في نص والنص التاني لا, الضحك هو الضحك ،فا مفيش نقاش هنا ، ولا حتي تحليل أفكار وتفصيلها، و ولا حتي ممكن حد يحكم علي اخلاقك منها ، لأن كل شيء وأي شيء ينفع تتريق عليه، ومحاولة انتقاد الأفكار اللي بيقدمها الميم مش هتفيد بحاجه ،ولو حاولت تعمل مافيا وتناقش هيطلعلك واحد يقولك ده ميم ياعم انت مكبر الموضوع كده ليه

. الموضوع اكبر من مجرد ضحك

هي ديه المشكله الاساسيه للميمز، أنها تخطت اللي هي معموله عشانو، وزي ما قالت الباحثة «إيملي ريد» المتخصصة في علم النفس،فإن الميمز أصبحت تؤثر على رؤيتنا للأمور المهمة في الحياة مثل الآراء السياسية والدينية، والمصدر الرئيسي لأفكار ومعتقدات الكثيرين، وكلما كان الميم جيدًا وأعجب به الكثيرون فإن فرصة اقتناعك بمحتواه تكون أكبر

ده اللي قالتو ايملي ريد .

بعد نصف قرن سينظر المؤرخون في هذه الميمز التي صُنعت خلال أزمة البريكست وحملة ترامب الانتخابية، وسيستخدمونها برهانًا ليستنبطوا رؤيتهم حول تفكير الناس في تلك الفترة الزمنية

وده طبعا مش كلامي ده كلام .

—ريتشارد كلاي، أستاذ الحضارات الرقمية

مشكلة اني اشربك رأيي في ميم بعملو ، الميمز لا تحكمها قواعد المنطق، ولكن بتعتمد علي المبالغه ووضع فرق كبير بين حاجتين عشان تعرف تلاقي المفارقه الكبيره اللي تخليك عايز تضحك ،محدش بيعمل ميم عشان يناقش حاجه معينه ويتبني الاراء المعتدله السويه ، لأن ببساطه كده مفيش حد هيضحك فين الافيه ياعم انت هتوجع دماغي ليه . مهما كان الموضوع اللي بتتكلم عنو معقد هتحاول تختصرو وتسطحو لابسط تسطيحه ممكن تسطحها

عمرنا ما هننسي عبد الناصر الجزء الخامس

اكيد في ناس كتير عارفه تأثير الميمز، لكن الكل بيبرأ نفسو من قدرتها على التأثير في أفكاره.بحجه ان الحجات ديه بتحصل لناس تانيه مش لينا ، وأننا أذكى وأعقل من أن ننخدع بحاجه زي ديه. لكن اللي انا متاكد منو ان مفيش حد بيقرر يتبني راي طالع من ميم بدماغو يعني مش بهواك صدقني ، ولكن التكرار وظهور الميمز الكتير, وإعادة تدويرها مرة بعد مرة بيخلي الموضوع يتسرب ليك تدريجيا وانت مش حاسس .

علي سبيل المثال اسأل شخص اصغر منك عن رأيه في جمال عبد الناصر وشوف ردو هيبقي عامل ازاي ، في الغالب هيضحك شويه وبعدين يقولك أنو كان رمزً للهزيمة.

في الغالب كمان ان اللي انت سألتو ده مقرأش سطر واحد عن عبد الناصر، ومهتمش انو يبحث لواحد من الشخصبات اللي عملت تاريخ لبلدو ،ولكن هو تم تشكيل وعيو بالكامل عنو من خلال الميمز ،تخيل بقا ان اشد اعداء عبد الناصر مقدروش يعملو ده ، مجموعة من الصور وبرنامج فوتوشوب كانت كافية لتحويل الراجل لى نكتة ورمز للهزيمة فقط.

اقتصاد الانتباه

من المرجح أن يلاحظ الناس الميمات بدلاً من مقالات الرأي الطويلة وآراء الخبراء، لأن مدى انتباههم محدود للغاية.

وده مش كلامي ده كلام

—البيلاروسية «ناستاسيا دينيسوفا»، مؤلفة كتاب: (internet memes and society:social, cultural and political contexts)

واللي هي قالتو ده موجود جدا ،وهنروح بعيد ليه قارن انت علي نفسك مدى حماسك واستعدادك لقراءة مقال طويل من 1000 كلمة، وبين حماسك لما يتشوف اي ميمز قدامك . قارن عدد الميمز اللي شوفتها علي طاهر وهي بتتريق عليه وفي الناحيه التانيه المقالات اللي قررت تقراها عشان تعرف طريقة لعبو, هل هي بتتناسب مع طريقه لعب الاهلي ولا لا والمشاكل حتي اللي بيواجها، وفي الوقت ده هتعرف وتكتشف المشكله فين. اسيبك شويه وقت طيب واجيلك تاني,

اديتك وقت اهو هل بعيد عنك اكتشفتها مثلا؟ في الحقيقة مفيش مشكلة هنا إطلاقًا متقلقش، عشان هي دي طبيعة الإنسان في الحقيقه مفيش إنسان دلوقتي في مواقع تواصل بس،وخليني اقولهالك تاني, دايما الضحك هيبقي اقرب لقلبك من الكلام اللي بجد ، و دايما هيفضل الترفيه أسهل من المعرفة.

لكن المشكلة لما تتحول التريقه والسخريه لان هي تكون الطريقه الوحيده للتعبير عن الراي ،ولما يكون هدفك في اي وقت في مشكله او حدث مهم انك تلاقي الافيه المناسب اللي هيموت الناس ضحك ،في الوقت ده هيكون حسم النقاشات متوقف علي ان يكون صاحبها عندو القدرة على تعبئتها على هيئة ميم سطحي بيضحك, مش بقدرته على تقديم الأدلة والحجج المنطقية والكلام الاهبل ده

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author