موت مزيف !

"في الواقع .. إن ما عايشته أمرٌ لا يصدَّق ! لذا أردت أن أدوّن كل ماحدث باختصار تام ."

بدأت قصتي عندما حاولت عائلتي دفعي إلى التخلي عن حلمي منذ الطفولة .. حلمي بأن أصبح طبيبة تساهم في إنقاذ حياوات الكثير من البشر ، و تساعدهم في خطّ أحداث سعيدة في حياتهم .

و بالأخص مع تفشي هذا الفايروس الذي ما فتئ يحصد أرواح الكثيرين ، وددت أن أكون جزءاً من منظومة الدفاع الأولى بوجه هذا الوباء القاتل ، و لكن ما حدث أن أسرتي عوضاً من أن تكون الداعم الأول لي ، كانواْ هم من اعترضو طريقي ، و عرقلواْ سعيي باتجاه حلمي الأكبر ، و خلقواْ عداوة كبرى بيني و بينهم ما كانت لتحدث يوماً .

و حجتهم الواهنة هي خوفهم عليّ من أن يصيبني هذا المرض اللعين و من إحتمالية أن أنقله لهم .. على الرغم من كل محاولاتي و جهادي في أن أشرح لهم عن طبيعة هذا العمل و مدى رغبتي في أن أكون عنصراً من فريق محاربة هذا المرض القاتل و لكنّ من يُسمِع الصمَّ إذا ما أراد؟!

و الأدهى من ذلك كانت محاولتهم احتجازي في غرفتي و الإبقاء عليّ كرهينة أو كحيوان أليف يمتلكونه و يعبثون معه متى أرادواْ ، حتى ضقت ذرعاً بالحياة معهم و لذت بالفرار من نافذتي صباح يومٍ ممطرٍ ، حاولت الإبتعاد قدر الإمكان عن كل ما يقربني إليهم و إخترت المضيّ في طريق لا يرافقونني فيه ، طريقٌ وعر أتخطاه بمفردي بلا مساعدة من أحد .. إنه طريق الحلم .

و لأنني كنت أعلم أنهم يمتلكون القدرة على إستعادتي بنفوذهم ، تعاونت مع أحد الصحفيين كي يزيّف خبر وفاتي على وسائل الإعلام حتى تتوقف كافة عمليات البحث التي ستتبناها أسرتي بعد ملاحظة اختفائي .. كان تحدياً مرّاً ، أن أتخيل نحيبهم و بكاءهم على فراقٍ وهمي لم يدركهم ، و لكنني اخترت أن أكمل طريقي إلى أبعد نقطة عن مرآهم و مسمعهم ، و هأنذا أستقر في هذه البقعة الخضراء الصغيرة و الهادئة ، التي لا تشبه أي بيئة عشت فيها من قبل ، و لكنني اعتدت على مناخها و ساعاتها ، حتى أنني بتّ أشعر بانتماء روحي و تعلّق بهذا المكان ، و كأنني عشت طوال عمري نازحة في منزلي الذي تحول إلى مأتم بعد رحيلي .. كانت هذه المرة الأولى التي أشعر فيها بأن أرضاً قبلت أن تكون لي وطن و هأنذا أتلذذ بشعور أن تكون شخصاً مرحب به في المكان الذي تقطن فيه .

كنت قبلها أعاني من قيود التجاهل .. عشت كسرابٍ أمام أعين من أحبهم .. كنت أتوجع من جلد الوحدة المبرح ، كل ذلك حوّلني إلى كائن لا يؤمن بجدوى الجماعة ، و لكنني هنا و عندما بدأت بالعمل لأول مرة ضمن فريق متكامل و محبّ .. أدركت معانٍ جديدة لم أكن أعيها من قبل ، تعلمت التعاون و المحبة و التضحية و الإخلاص و الإنتماء معاً ، و أضحيت طبيبةً ضمن الصفوف الأولى في محاربة هذا الوباء ، حتى أنني اكتسبت أصدقاء كانواْ في يوم من الأيام مرضى أداويهم .

كل شيء رائع هنا بالرغم من كل الصعوبات التي نواجهها ، لا أفكر بالإلتفات إلى الوراء و إلقاء نظرة حتى ، و لا أبتغي الوصول إلى عائلتي و لا إحياء التواصل معهم ، كل مأريده هو أن يكونواْ بخير بدوني ، و أن أمضي قدماً في رحلتي .

"ملاحظة : هذه القصة من وحي الخيال ، و أي تشابه بينها و بين الواقع هو من قبيل الصدفة و غير مقصود بتاتاً"

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author

كاتبة محتوى و صاحبة مدونة صمت الضمير .. أحب العبث بالقلم أحياناً .. و أقدّر هذه اللغة العظيمة لأبعد مدى ..