وكيف أذكرهُ إذ لستُ أنساهُ !

أذكر يومًا أنني نسيت كم أبلغ من العمر ويومًا نسيت عدد أصدقائي ونسيت عشرات المرات أين وضعت أقلامي ومئات المرات نسيت شعوري وآلاف بل ملايين المرات نسيت أن أعيش، ولكنّي لم أنسى يومًا يا صاحب الشاربين واللحية تلك الشامة على يمين فمك، لا ولن أنسى ذلك القميص الأسود، كم كنت تبدو جميلًا!
لم أنسى ضُحكَة ثغرك لحظة واحدة ولا بهجة قلبي وشدة خفقانه فقد كان يكاد يفقز من صدري ثلاث مرات في كل مرة كنت أرى فيها مبسمك، ولا صوتك الذي مازال وليد اللحظة في أذني.
أنسى وعودي لوالدتي يوميًّا وأتوه في نفس الطريق يوميًّا ولا أذكر، أضعت اسمي ذات مرة وبعد مكابدةٍ شديدةٍ وجدته في جيب ذاكرتي فحفرته على حائط غرفتي في وَهى، ولكني أذكر جيدًا رقم هاتفك القديم الذي دار عليه الزمان واندثر، وأذكر عدد الخطوات التي مشيتها على ذلك الرصيف قبل ثلاث سنوات وأنت هامدٌ تفكّر، هل فككتَ العقَبَة أم أنك تحتاج إغاثَة؟ فأنا مازلتُ هناك.
ألم يخبروك أنك إن بعُدت عن العين فستبتعد عن القلب كذلك؟ وأنك إن أدرت ظهرك فستنكسر ذكراك وتندثر وكأنها لم تكن؟ حسنًا إذن، أظن أن علي إخبارك بأن ذلك صحيح، فأنت الذي سلكت سبيل الرحيل وطبعت على قلبي بذلك لعنة أبدية لا خلاص منها، كلما نويتُ التجلّد جئتَ إلي من جديد!

أخبرك آسفة بكل ذلك.. فأنا لم أعد أذكر اسم جدك الثامن ولا رقم سيارة والدك حتى.
نسيت أن بيتك يقع على الطابق الثالث وكذلك أنك تفضل الشاي على القهوة والصيف على الشتاء والليل على النهار وأن لونك المفضل هو الأزرق وطعامك المفضل هو المالح وأغنيك المفضلة كانت للعندليب، ممم آه (على حسب وداد..) تخيل حتى أنني نسيت أدق التفاصيل المتعلقة بك مثل أنك لا تحب طعم الليمون أبدًا!

أخبروه أني ما عدت أذكره!

رزان رواشدة 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author

لا الدنيا أقبلت إليّ ولا الزمانُ أدبر