الأبله عدو نفسه ..

الأبله ، عدو نفسه ..

  الأبله أو الأبلم أو الأبكم أو الأحمق ، وكلها بمعنى قليل العقل والتصرف قليل الفكر ، ضيق الأفق هذا الإنسان من أشر الناس ، " إن شر الدواب عند الله الصم البكم ، الذين لا يعقلون "  .

  وإن ضيق الأفق يتأتى من العمى ، ليس عمى البصر وإنما عمى البصيرة ، " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " وعمى القلب سببه الغل والحقد والبغضاء والكراهية التي رانت على القلب فصار أسود ، " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون "وما يكنون فيه من غل وحقد وكره وبغض بغيض .

  فتجد الإنسان بلا سبب يكره أخاه ، لا لشيء إلا لأنه أفضل منه أو أقوى منه أو أكثر منه مالا وولدا ، ونسي أنها سنة الاختلاف لحكمة لا يعلمها إلا الله " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ، ولذلك خلقهم ..."، ونسي – أيضا - أن هذا التفاوت إنما سببه إحسان العمل ، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .

  ومن علامات البلاهة والحمق التي تجعل هذا الإنسان عدوا لنفسه حين يكره هذا ويعادي هذا ، ويمتلئ قلبه بالغل والحقد تجاه إخوانه ، فلا يعين أخيه ، ولا يواسيه ، ولا يسلم عليه ، ولا يزوره ولا يصله ، فيقطع كل صلة بإخوانه وجيرانه ، فيعيش معزولا منبوذا مكروها ، وحيدا يتجنبه الناس اتقاء شره .

  وقد نسي - هذا الأحمق - مبادئ وتعاليم الأديان ، وعادات وتقاليد الجماعة السوية ، وقيم الفطرة السليمة أنها تحث- جميعا -  على التآلف والمحبة والمودة والرحمة والتعاون ، ليعيش الناس تحت مظلة الأمن والسلام .

  وقد أكد النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى في مواضع كثيرة من هديه فقال " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، ومكارم الأخلاق التي ينبغي أن تسود ليعيش المجتمع في أمن وسلام  هي : الألفة والمحبة والمودة و الرحمة والتعاون والتواصل ، فيعيش المجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى وتأثر له باقي الجسد .

  وقد بين النبي الأكرم – صلى الله عليه وسلم -  الطريق الموصل لهذه المحبة حين قال : " أ فلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم " أفشوا السلام بينكم " أي تسلم على من عرفت ومن لم تعرف وتحييه بأجمل التحيات ، وإن التحية التي هي " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " لم يكن معناها قاصرا على مجرد ألفاظ تلقى ، وإنما هي في الحقيقة نية خالصة بالدعاء من الذي يلقي التحية لأخيه ، بالمبادرة والاعتراف أنه لا يلحقه أذى منه ، وإنما السلام والرحمة منه ومن الله ..

  فعلى الأبله الأبكم الأحمق أن يلتزم بتعاليم الأديان وينزع الغل والحقد والبغضاء والكراهية من قلبه ، فالدين المعاملة ، ولم يكن قاصرا على الطقوس والمناسك أو الفرائض ، إنما الدين المعاملة " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "

وقديما قالوا توافقا مع الفطرة السليمة : " كيف أصبحت ؟ كيف أمسيت ؟ مما يغرس الود في فؤاد الصديق " فلا تكن أحمقا ؛ لأنه .. لكل داء دواء يستطب به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها ..           

وشكرا لكم .. وإلى لقاء ..

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author