الإمام أبو حنيفة رحمه الله؛ مقتصد الكلام وسخيّ الحكمة!

ولد النعمان بن ثابت في مدينة الكوفة (العراق الحديث) في عام 80 هـ (689 م)، المعروف باسم الإمام الأعظم، أو بكونيته أبو حنيفة. ولد في عائلة من التجار من أصل فارسي ومن نسل الصحابي سلمان الفارسي رضوان الله عليهم.

 

لم يكن الإمام أبو حنيفة (رحمه الله عليه) مجرد شخص عاديّا؛ فهو كان يعرف كيفية شرح الأمور ويعي كيفية توضيح الأمور، ولقد عرف أيضًا كيف يخرج نفسه من المواقف ولكنه كان أيضًا رجلاً شهمًا يتصف بصفات حميدة، أولاً وقبل كل شيء، ثمّ يتمتع بإيمان كبير، حيث سئل أحد تلاميذه:- كيف كانت شخصية معلمك أبي حنيفة؟ قال الطالب:- كان تقياً للغاية، وكان يتجنب الممنوعات في كل وقت ويظل صامتًا ومنغمسًا في أفكاره طوال الوقت فلا يتكلم إلا إذا اضطر إلى ذلك، فقد كان يجيب على الأسئلة فقط "إذا كان يعرف الإجابة عليها"، لقد كان كريمًاجدًا ومحترمًا لذاته، لم يطلب معروفًا من أي شخص في حياته، ولقد نبذ رفقة أصحاب التفكير الدنيوي (أي أنه لم يكن يحب الجلوس حول الأشخاص الذين يتحدثون عن المال والممتلكات) ولم يحب الأشخاص الذين يتمتعون بالسلطة الدنيوية الجلوس معه، فلم يكن يحب أن يكون له منصبًا أو مكانة، لقد تجنب القيل والقال والافتراء، ولم يتحدث إلا عن الأشياء الجيدة عن الناس حتى لو كان هناك كلام سيء عنهم، حتى ضدّ أعدائه، حيث إنّه تحدث فقط بشكل جيد أو كان صامتًا! على عكسنا اليوم، إذا كنا نكره شخصًا ما، فإننا نستخدم كل كلمة سيئة لوصفه! لم يكن لدى الإمام حنيفة ما يقوله إلا حسن الكلام حتى عن أعدائه الذين سجنوه وجلدوه، أو كان صامتا، كان هذا اختبارًا فيحياته. كان لديه قدرات تعلم عميقة، وكان كريمًا بعلمه وثروته، هذا هو الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى.

كان يتمتع بذكاء لا حدود له؛ فعندما ينظر إلى شيء أو أمر ما كان مليئًا بالتفكير العقلي، إذ كان شخصًا عقلانيًا للغاية، بما في ذلك، أنّه نظر إلى الأشياء بحس سليم ومن جميع وجهات النظر وبكل الطرق النافعة، فقد كان مليئًا بالمنطق الجيد، عندما أرسل الرومان مبعوثًا، رجلًالمحاولة خداعهم، لمحاولة التشكيك في دينهم؛ وقال للجمهور: جئت بثلاثة أسئلة، فقام وقال أسئلته: - سؤالي الأول من كان هناك قبل الله؟

السؤال الثاني، في أي اتجاه يواجه الله الآن؟ والثالث، ماذا يفعل الله الآن؟ كان عمر الإمام أبو حنيفة حوالي 10 أو 12 سنة فقط، ولم يستطع أحد الإجابة!

فقال الإمام الأعظم لوالده: دعني أجيب! مشى إلى الرجل وقال له:- أما من عند الله فعدّ من 10 إلى الوراء، عدّ الرجل حتى وصل إلى الصفر، فسأله الإمام حنيفة: ما هو العدد قبل رقم 1؟

فقال الرجل:- صفر؛ لا شيء! ناقص واحد وسالب اثنان مجرد أرقام؛ الصفر هو النهاية، قال الإمام أبو حنيفة للرجل: "رب العالمين الخالق العظيم كيف لايكون مبتدئ كل شيء"، عندما تكون في المنطق والفطرة الفعلية؛ إذا عدت إلى الوراء وتنتهي بواحد ولا يوجد شيء قبل ذلك. فسأله الرجل:- في أي اتجاه يواجه الله الآن؟

فأجاب:- إذا أشعلت شمعة فماذا ترى؟ قال: "نور". "أنا في أي اتجاه يواجه ضوء الشمعة؟" قال: "إنه لا يواجه أي اتجاه معين، فالضوء يتجه في كل مكان".

قال الإمام أبو حنيفة:- وماذا تقول في الله الذي هو نور الأنوار؟! أما الجواب الثالث، فقال الإمام حنيفة للرجل: للإجابة على سؤالك الثالث، عليك أن تنزل إلى هنا وأنا أصعد هناك لأن الناس يريدون سماع الجواب، ومن العدل أن يسمع الناس إجابتي، كما طرحت سؤالك أمام الناس ". قام الرجل فقال: ماذا يفعل الله الآن؟ قال الإمام أبو حنيفة: -"الآن، الله ينزل الباطل من على المنبر وينصر الحق على المنبر ليجيبك ويثبت لك خطأك! هذا ما يفعله الله الآن، كل عمل يحدث في الحياة هو من عند الله، الآن الله يفعل هذا، لولا الله لكنا غير موجودين، ولا نبقي أنفسنا أحياء، والله يحفظ كل شيء على قيد الحياة، والله يحرك كل شيء، لا شيء يبقي نفسه في حالة حركة، لأنه ينتهي ويزول". وهذا يوضح مدى ذكاء الإمام أبو حنيفة منذ صغره وحكمته البليغة قبل أن يصل إلى العلم الإسلامي!

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author