الجار القريب خير من الأخ البعيد

تنقلت كثيرا بين هنا وهناك وقابلت الكثير من الجيران منهم من لا أستطيع نسيناه  عشت معهم أجمل الأوقات اهتموا بكل تفاصيلي أزعجهم حزني فرحوا كثيرا لفرحي تشاركنا معا المائدة واللباس كثرت بيننا الزيارات كاد لا يمر يوم دون أن أجلس معهم كم قضينا من الأوقات معا دون كلل أو ملل أحببتهم وكأنهم أهل لي ستبقى ذكراهم  محفورة بداخلي كما لو حفرنا اسما داخل صخر لا تمحوه امطار الشتاء ولا تؤثر به حرارة الصيف ما أجمل اليوم الذي جمعني بهم سأظل شاكرة للقدر الذي أتاح لي لقائهم

ومنهم من لا أكاد أتذكره فمروره بذكراي مرور عابر كطيف أتى مسرعا ثم رحل

ومنهم تلك الجارة المزعجة التي لا يتسنى لها افتعال المشاكل مع زوجها وأولادها إلا عند منتصف الليل جلسنا كثيرا وتذمرنا منها وبعد ذلك اعتدنا عليها وكأن صوتها كطبل مزعج

لا يمكنك الهرب من صوتها ولا يمكنك إسكاته.

وتلك الجارة التي كان يغار عليها زوجها فتكون في حيرة من أمرها إذا اجتمعنا وجلسنا معا وتسمع أصواتنا وهي تتمنى الانضمام إلينا ولكن يمنعها خوفها من زوجها ذاك المتعجرف الذي يسيطر على زمام الأمور كم قالت له تلك الجارة المسنة: اجعلها تنضم لنا فنحن كلنا نسوة  دون  فائدة  حتى أصابها اليأس والإحباط .

 لن ننسى أيضا الجارة المتدخلة بشؤون غيرها  التي تضع أنفها في كل كبيرة وصغيرة يقتلها حب الفضول تشعلها نيران الغيرة تهتم بأدق التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة تلك التي تحب أن تكون  اول من يعلم أخبار الجيران لتبدأ بالتنقل من بيت لبيت لنقل تلك الأخبار

وأيضا الجارة التي يجتنبها الجميع لسوء سمعتها  ويتحاشون الخوض معها في أي حديث ويفضلون الابتعاد عنها قدر الإمكان تلك التي لم تجعل لها من محب يذكر

وهناك الجارة المسنة التي لطالما تعلمنا منها حكما وعبر كم من القصص المسلية سمعناها وكم من الأكلات الطيبه تذوقناها وتعلمناها منها تلك مرجعنا في كل مأزق نأخذ مشورتنا من سنين تجاربها التي كانت لا تبخل علينا بشيء منها فكانت كالكتاب المفتوح والصدر الحنون لنا جميعا.

 وتلك الجارة التي تفتعل المشاكل بلا سبب فهي كالأفعى السامة تلتف بين أبناءها وأبنائنا لتضع سمها بينهم وتصنع المشاكل وهي لا تعلم بأن قلوب الاطفال أطهر من الثوب الأبيض وأنقى من الماء العذب

فلن  يؤثر ذاك السم طويلا                            

كم تزاورنا وجلسنا سوية وكم ضحكنا وكنا نساند بعضنا الآخر وكم تبادلنا الأشياء سوية من طعام ولباس وزيارات  وكم كانت تنقصنا بعض الحاجات فنطلبها منهم دون خجل وكأنهم جزء منا نراهم كل يوم اكثر من اهلنا هم الأهل حقا 

صدقت تلك المسنة حين قالت : جارك القريب خير لك  من أخيك البعيد

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.