الروح توؤد أيضا

لطالما كانت تلك الكلمات تتردد في محيطها

الأرواح جنود منجدة

المحبة تأتي من عند الله ليس للمرء يد فيها،

وقد سمعنا قول رسولنا الكريم حين دعا الله

ربي لا تلمني بما لا أملك

فكانت تلك أسلحة بأيدينا

تحيي البعض، وتقتل البعض،

صاحبة القصة اليوم معلمة مبتدأة يقال فيما يقال أنها تعشق الأطفال وطلابها جدا

في تلك السنة الدراسية، كان لطالبة من طالباتها تأثير عجيب عليها، أحبتها كثيرآ، لدرجة خيل لها ويكأنها أبنتها

ربما كانت تظهر المفاضلة، وربما كانت لا تدرك جمال باقي طالباتها، لكنها على كل الأحوال كانت تعشقهن كثيرا وإن خصصت الاهتمام لأحداهن

ذات مرة بينما كانت في حصة فراغ عندهن

طلبت منهن أن يرسمن، أو يكتبن لها رسالة تبقى معها ذكرى للأبد

وفي مساء ذات اليوم قررت أن تقرأ كلماتهن

بعض الرسائل كان لها وقع خطير في نفسها

"مس احنا بنحبك بس انتي بتحبي........."

"مس بعرف اني مش شاطرة بس نفسي تحبيني"

"مس كيف الله بعاقب المعلمات والأمهات الي بغاوزا"

صديقتنا ذلك اليوم نامت باكية كان تأثير تلك الرسائل عليها ثقيلا

أطفال هم نشكلهم بكلماتنا وتصرفاتنا وهمساتنا وإبتسامات لهم من شفاهنا

كيف لنا أن لا نعي تأثيرنا عليهم،

بعدها قامت صديقتنا بعمل نشاط إحتضنت فيه جميعن

التقطت صورا معهن جميعن، وقالت لهن

كم أنها لا تشعر بالسعادة الا معهن وبينهن

من يومها تعلمت أن لا تظهر محبتها، أن تعدل بالمعاملة وتخفي ما يحويه قلبها، أن تترك في نفوس طلابها ذكرى جميلة لا تشوبها شوائب المعاملة

ذكرت لنا أيضا صديقتنا، تلك الطالبة الضعيفة دراسيا الهادئة، الساكنة، اقتربت من المعلمة أثناء إنشغالها بتصحيح أحد الأوراق وهمست بصوت خافت "مس انا بحبك كتير"

إحتضنتها كما لو كانت من زمن لم ترها

ومن يومها لم تفارقها وبقيت معها إلا أن ارتفع معدلها تبنتها كما لو كانت جزء منها،

ويبقى التساؤل

إن كان ذلك تأثير معلمة

فما بال الآباء والأمهات، كيف لهم إن يقتلون أبنائهم بكلماتهم

كيف لهم أن يظهرون محبتهم للبعض ويمسكونها عن آخرين

أبناء كثر قتلهم عدم الاهتمام

قتلتهم المفاضلة، وضاع عمرهم باحثين عمن يتقبلهم ولم يجدوا

فتقبل الذات هو ما يجلب تقبل الآخرين

أما مجتمعنا فقد حكم على الكثيرين بالإعدام حين رفضهم أول مرة

 

فقد كانوا في الجاهلية يوؤدن الجسد ويدارونه تحت التراب

اما الان فالروح توؤد ويبقى الجسد مترنحا فوق الأرض 

لا يعي معاني الحياة ولا معنى الموت

"كلكم راع وكلكم مسؤول"

 

وسوف نسأل جميعا ذات يوم

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author