الصديقان
أســرُد لكـــــــم قصـة من طيـات أيـام
لـيـس ببعيــد ظـرف و لا قـريـب زمــان
..
بلــغني منــها يا ســــادة خبـر عـــــن
صـديقيـن اكتسـوا الوفـاء كالتّيجــــــان
..
ألفـــوا بعضـــهم و الحــــــــب يعطـــي
منهـم فليتعـــلم الأصحـــاب و الخــلان
..
عرفــــوا بعـضـــهـم بمنِّ الله رحمــــــة
هـداهــم بفضلــه ربي المنـــــــــــــان
..
كـــان المسـبب محــض جريـــــــــــدة
رســالة واتصـال وتضـاعـف الإحســـان
..
كبـر الـوداد بقلـبهم و أضرمـه الوصـــال
وهدايــا تبـعث صدقــاً بوصفــه يـــزدان
..
قــال الصـــديق ســأزورك في يـــوم ذا
أثلــج صــدر خلـــيله بالـود يجتمعــــان
..
و جــاء يوم اللّــــقاء و القلــوب تتــــوق
للقيـا العزيـــــز و هـــكذا الانســــــــان
..
و موعـــد كــــــان قد تـــم بينــهـــــــم
فأحـــدهم لعرســـه ثبت الأركـــــــــان
..
قــال له فلـنذهـب بزيــــارة لعمــــــــي
و ما شــاءهـا بل شــاءهـا الرّحمـــــــن
..
و في الزيــــارة لمح مــــلاكاً أمامـــــــه
فخطـــفت قلــبه و كـــــان مـا كـــــــان
..
أبـان المضــيف بمـــا رآه و لم يـــــــــزل
مضيــــــفه يــــقـنعـه أن الـــــوصــل آن
..
خطـــبها لــه و تزوجـــــا و لــــم يــدري
أنهــــــا كانـت لصــاحبه قبلُ سيـــــــان
..
و برر أن الصــــداقــة بيـــنهــم أكبــــــر
و لا فرق بيـنهـــم و تـــــابع التِّبيـــــــان
..
أنت أخي ما كـــان لـي لك برضــــــــــا
بنور محـمد نبيـــنا و حكمنـــــا قــــــرآن
..
فالزواج نصــيــب و الأرواح جنــــــــــــود
كتبت في السّمــــا فُلانـــةٌ لـــــفـــلان
..
تم العقـد و تزوج الضــــيـف منهــــــــــا
فكبـر المقــــام بينهـــــــم ببيـــــــــــان
..
ســافـــــر الضيـــف و زوجـــه عائدَيـــن
لبيــت الـزوج و سكــــنت الأجفـــــــــان
..
وبعــد ثــلاث وصـــل الصديـق صديقــــه
زرتـنــي ســـأزورك يا أعــز الإخــــــــوان
..
ولكنــــــي أُعـانـي من بعـض ضيـــــــق
فأرسـل له قليـــلا ليصـــلح الـشـــــــان
..
لــم يــزد و لــــم يعطــه قـط زيـــــــــادة
و بـعــــث اليـــه هاتيـــك العنـــــــــــوان
..
وصــــــــل المضيــف الى بيت ضيـــفــه
فوجد الحرس و بيــت كأنــــه الجنـــــان
..
طلــب الدُّخــــــول من الحـــراس و لـــم
يــزل ينتظـــر بالبـــاب بعد الاسـتئــذان
..
و جـــاء الخــــــبر بعد مـــــرور مـــــــــدة
فـدخــل متأمــلا بـرده العـــــــرفــــــــان
..
مكــــث بداخــــل الــــبيــــت ينتــــــــظر
صديقـــه حبـــــــا بجَمعـــــةِ الاقــــــران
..
كان الـبرود في الاستقبـــال مُزهـــــــقا
لِوِدٍ تأمـــــــل فيـه وتنــــــاثرت أذهـــــان
..
ســلام من بعــــــيد كأن القلــــــــــــوب
ماتـت و الرؤوس استوقــفت غِربــــــــان
..
تلاشـــت بوقــــــع الـــــبـرود رواســـــخ
فتنـــــاثــرت و تطـــــايــرت كثبــــــــــان
..
مكـث القليــــل و لم يـــــزل على أمــــل
اســتــأذن و خـرج و شـــعـر بالحــــرمان
..
أنى يـكـــــون الـصـديــق كــمــثـــل هذا
دمـعـــــت عيـــون و احمـــرّت الخـــــدان
..
و خـطـــــا خــطــــــــوات خـــارج البـيــت
يمشــــي يطـــرق فكــــــــرَهُ بهـــــــوان
..
رجـــــل ينــــادي مســـترســلا يــــا هـذا
مالــــي أراك ماشـيـــــــا حيـــــــــــــران
..
أتبحــــث عن عمــــــل فإني بحـــــــاجة
لرجـــل يعمـــــل عنـــــدي في الدّكـــان
..
وافــــق المضـيـــــف فرحــــا مستبـشـرا
و شــرط عـلــــيـه الوفـــــاء و الأمـــــان
..
جهز لـــه أوراقــــه و إقامــــة و عمــــــل
و زاده بكــــــرم و أسكنــــه المكــــــــان
..
و رأى الـــــرجل منــــــه مــــــا يــحـــب
دين و أخـــــلاق في الـمــــرء يجتمعــان
..
فـصــــارحه بطلــــب إدارة الشــــركـــات
و مال يـزيــــــــد عن حلمـه الـفـتــــــان
..
و زاد فـي الكــــــــــــلام أن أحبــــــــــه
فقد رأى فيـه الشهـامــة بـــعد إمعــــان
..
أزوجــك ابنتـي يا عـزيــــــــزا علـــــــي
فـلمثــلك ربيتـــها لترسـو على الشطـآن
..
وافق الـمــضيــف على الطــــلـــــــــــب
و أعطــاه الشــركــات بعـد عقـد قــــران
..
و جــاء يوم زفــاف الـفــتـى و قد دعــــا
خليـــله الأول صاحـــب الخــــــــــــذلان
..
و في وسط الزفـــــاف أطرق صامتــــــا
وبدا يســـرد قصــة لجمع عيـــــــــــــان
..
أن كــان و كــان و جرى للصديقـــــــــان
و جعـــل يفرغ اللــهيب و النيـــــــــــران
..
فأســـكـــته خليــــله ووقــــف ليكمـــــل
قصـة بدأ بهــا صديقـــه وقـــــد آن الأوان
..
قال لــهم انا الصــديـــق الذي أســـــــاء
ولـكـن أمر كـنت أخفيــه هو الغــــــفران
..
فحمـــــاك أبي و العروس أخــــــــــــتي
وليشـهد الله كـم أحبك يا زينـة الخـــلان
..
وتعــــانقا و ســالــت ادمـع الفـــــــــــرح
وصـفـق الحضــور سرا و في الاعـــــلان
..
إن الصــديـق لمن يصــادق وحــــــــــدة
فـإن سمــــا يتطـــــــاولا جبـــــــــــلان
..
في وجـه الريح و في المعــاقـل إخـــوة
في روضـة قـلبـهـم ببـعـضـهم إيمــــان
..
أن الخـليـــل اذا نــادى خـليـلـه فـــــداه
بدمـه و لو غطـت أجســادهـم أكفــــان
..
على السـراء و الضـراء صحبتــــــــــــهم
و الــــود يبنــي فيـحـسـن البنيـــــــــان
..
جمـع الصــداقـة قوتــه فـي حزمــــــــة
و لــو افتـرقــن تكـــســرت عيــــــــدان
..
يصـدقـون بـعـضـهـم في الـحـق دومــــا
روح يضــم جـميـعـها جســــــــــــــــدان
..
بقلمي -بها السيد عبيد
You must be logged in to post a comment.