بين الغموض والسلاسة أيهم أصل العرب؟

الأدب الرفيع: هو الأدب الموجه لفئة واحدة فقط وليس لعامة الناس - هكذا يَفترض الكاتب ۔ وكما قال أحد أصدقاء الشاعر الفرنسي مالارميه " إن الجماهير لم تخلق کی تفهم الفنانين ناهيك عن أن تطلق عليهم الأحکام ، يكفي أن يفهمنا بعض الأصدقاء الأذكياء والمتنورين " 

أنا ضد استخدام هذا النوع من الأدب إلا إذا كانت الفئة الموجه لها النص فئة معينة هنا أستخدم هيك كتابة ويكون غرضي منها إفهام شخص واحد لا ننسى أن الغرض من الكتابة الإفهام علما أن داخل الكاتب أفكار وأمور كثيرة معقدة وينبغي عليه ترجمتها وإخراجها من داخله. 

إخراجها على نحو مبسط وليس إخراج التعقيد بتعقيد يعادله.

أما فيما يخص الأصل

 فالغموض دخيل على الفرنسيين وعلى العرب أيضا . حيث أن كُتاب العرب سواء في الشعر أو في النثر كانت كتاباتهم واضحة صريحة وهذا بالطبع ليس بالشيء الذي يعيبها فجو الشرق جو واضح مشرق ونستذكر هنا رواية زينب لمحمد حسين هيكل التي تكلم بها عن الأرض والمجتمع المصري في ذلك الوقت مجسد ذلك في شخصية زينب بطريقة سلسة أوصلت لنا كل حدث كما هو، وكذلك كتاب ألف ليلة وليلة الذي أدهش الغرب من سعة خيال العرب فقد كانوا يسكنون الصحراء مما يتيح لهم التأمل والغوص في النفس و الخيال بكل سهولة . وكذلك هو جو فرنسا الذي تميز بالوضوح الذي مكنهم من التأثير في كل آداب العالم على خلاف تلك الآداب التي اتسمت بالتعقيد فلم تصل إلى المتلقي بالشكل الصحيح فهذا ما جعل أثر وفلسفة فرنسا حاضرة في كل الدول فمن أين نبع هذا الغموض ؟

إن الفرنسيين أخذوا هذه الصفة من الشمال حیث الضباب والصقيع , ومن الجدير التنويه إليه أن التربة التي ينشأ بها الشاعر من المستحيل أن لا تؤثر في شخصيته . إذن من هنا ولد الغموض والذي يكلف الشخص الذي يقرأ عناء إعادة وتحليل النص حتى يتبين ما يقصد هنا الكاتب لكن من الجدير بالتنويه إليه أن النص الغامض بالنسبة لشخص ما قد يكون واضحًا عند شخص آخر لكن بالنهاية وظيفة الكاتب هي الإفهام وليس من وظيفة المتلقي عناء البحث عن قصد الكاتب والبساطة ليست عيب. 

فمثلا الإنياذة رغم بساطتها الجلية إلا أنها من أورع ما قالت البشرية. 

والكاتب يستطيع أن " يفتعل " الغموض فهنالك كتاب فوضويين يعبرون عن أفكارهم بطريقة فوضوية متناسين أن الفوضى لا تصنع الإبداع. 

بالنهاية أعيد قول أنه '' ليس كل المياه الملوثة بالطين مياه عميقة ولا كل المياه الصافية مياها سطحية'' وتعني أن ليس كل الوضوح هو شيء ركیك سطحي ولا كل الكتابات المزخرفة والمنمقة كتابات رائعة . 

ملاحظة:

  فرنسا هي رائدة الأدب في العالم يعني أي شيء توقع عليه فرنسا ويدخلها يصبح أدب عالمي ويعبر لكل العالم لذلك انتشر الغموض لدرجة أصبحت الكتابة البسيطة عار ولا تندرج ضمن إطار الكتابة الجيدة فكلما كان النص أكثر تعقيدا كان أكثر إغراء لنقده من قبل النقاد.

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author