ميلان فيشت و"حكاية زوجتي"

 

هو أحد أهم وأعظم الكتَّاب المجريين، إنه ميلان فيشت، الكاتب والشاعر والروائي المجري الكبير. ولد ميلان فيشت في 17 يوليو عام 1888، في بودابست، باسم كونشتانتين، لأسرة مجرية فقيرة. نشأ الطفل الصغير بين ظروف أسرية مضطربة. كان أبوه، مارتون فيشت، شخصية غير مسؤولة ومستهترة، يعيش بأسلوب غريب. مات في ريعان شبابه، ولم يكن عمر ابنه ميلان حينذلك قد تجاوز الثامنة. لذا ليس لكاتبنا أي ذكرى عن أبيه إلا مجرد حكايات لا تخلو من الشكوك. تأخذ الأم، يوزافين فايس، على عاتقها مسؤولية تربية ابنها، ويساعدها هو في ذلك لضيق المعيشة. ينهي الولد دراسته بالمرحلة المتوسطة في أكثر من مدرسة ويضطر في أثناء ذلك للقيام بأعمال عَرَضية لتأمين لقمة العيش في ظل الظروف الصعبة التي تحيط به، فيعمل حمّالا على سبيل المثال، ومرافقا لسائق عجوز. ومن رحم هذه الظروف ولدت روايته الجميلة "شباب الولد النبيل كونشتانتين"، وهذا هو اسمه عند الميلاد كما ذكرنا. ثم بدأ في دراسة القانون والاقتصاد، لكنه كان يؤجل امتحاناته باستمرار. ربما كان يلعب دورا في ذلك اختلافه الدائم مع أمه، بالإضافة إلى الظروف والأحوال المحيطة التي خلقت فيه مبكرا ميولا للحزن العميق. 

 

بعد الحرب العالمية الثانية يبدأ مسار حياته الأدبية في الصعود. ففي عام 1948 يحصل على جائزة كوشوت، ويتم عرض مسرحيته الشهيرة، "التعساء"، في المسرح، ثم يتم عرض المزيد من أعماله بعدها، مثل "هنريك الرابع" و"كاتولوس"، وما زالت تظهر هذه الأعمال الدرامية على المسارح المجرية حتى يومنا هذا. أما روايتنا، "حكاية زوجتي"، فبعد أن تظهر بالفرنسية في عام 1958، يتم ترجمتها إلى لغات عالمية أخرى ويتم ترشيحه لنيل جائزة نوبل في الآداب في عام 1965. يعيش ميلان فيشت آخر سنوات حياته في حب وعشق من جمهوره وقرائه، خاصة من الشباب، ويرحل عن عالمنا في 26 يوليو 1967عن عمر ناهز الثمانين عاما. 

 ظهرت رواية "حكاية زوجتي" عام 1942 بعد عمل دؤوب ومتواصل استمر لقرابة السبعة أعوام. نجح ميلان فيشت في تحقيق التركيبة الفريدة للفن الجديد والحداثة الطلائعية في عصره، وهو يتبع الواقعية المصورة للروح الإنسانية في القرن التاسع عشر، وفي نفس الوقت يطور نهج القرن العشرين الجديد بشكل مميز. قدوته في المقام الأول تولستوي لكن شكسبير هو المعلم الأهم في نظرياته الجمالية بالكامل.   

 لهذا السبب كان من الصعب عليهم فهم روايته التي بين أيدينا الآن في عام 1942، وتستقبل الدولة المنجرفة إلى حرب عالمية جديدة أهمَ عمل نثري لميلان فيشت، إبداعَه الذي دأب على كتابته لأكثر من سبع سنوات، الصورةَ القويةَ دراميا للعشق والغيرة عليه آنذاك، بلا مبالاة شديدة. بل يتلقى كاتبنا تقييمات غير مفهومة من نقاد عصره المتميزين في ذلك التوقيت، ولنفس السبب أيضا حقق نجاحا عالميا مبهرا في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية. لذا يجب أن نقول إن فكر ميلان فيشت وأسلوبه كانا سابقين لعصره.

 

لا يهتم كاتب روايتنا في المقام الأول بتتابع الأحداث الإبراز العاطفي والوجداني للأحداث الدائرة في المستوى الأعلى فقط ، وإنما بالرسم الروحي للعشق والغيرة على العشيقة، بالإضافة إلى علاقة إنسان القرن العشرين بالمشاعر والعواطف الوجدانية برفيقه المعشوق، بالمجتمع، بالعالم. يمكننا أن نعبر عن ذلك أيضا بغربة إنسان القرن العشرين كما سيعبر عنه الوجوديون مؤخرا في مكان ما في غرب أوروبا على مستوى فلسفى، بعد ميلاد هذه الرواية بعقد من الزمان.

صدرت النسخة العربية الأولى من هذه الرواية عن الدار المصرية للطباعة والترجمة والنشر في القاهرة بترجمة الدكتور عبد الله عبد العاطي النجار.

 

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author