نقمة الاحتياج
هل أصبح الاحتياج نقمة؟ كل من يشعر به يقلق أن يظهره لإنه أصبح بمثابة علامة ضعف لصاحبها يستغلها من حوله، لا يمكننا أن نعمم الأمور، لكنه أصبح بالفعل ليست بالبساطة أن يظهر من يشعر بالاحتياج هذا الشعور.
هناك نوعين من الاحتياج، الاحتياج المادي، والاحتياج المعنوي، وكلاهما له صوره، نجد الاحتياج المادي في كل ما هو ملموس سواء الاحتياج للمال، للعمل، للسكن، وخلافه، أو الاحتياج الجنسي وهذا نوعًا آخر من الاحتياج المادي.
أما عن الاحتياج المعنوي، نجده في العديد من الصور، فهناك من يحتاج ان يرى نجاح شريكه بالحياة، أو يتمنى الشعور بالأمان، أو الشعور بالثقة ولا يحظى بهما، وهناك من يفتقد الإحساس بالتقدير من قبل الطرف الآخر، كل هذه الصور وغيرها عندما تتجسد في شكل قصص بالواقع تجد بداخلها الكثير من الصراعات الداخلية التي يعاني منها من يفتقدها.
وأصعب أنواع الاحتياج هو احتياج المشاعر، حينما يفتقد المرء مشاعر الحب والحنان والاهتمام من الطرف الآخر، ما أصعبها هذه المعادلة التي دائمًا ما تجد بداخلها طرف مقبل في مشاعره عن الآخر، يعلم كيف أن يترجم مشاعره في شكل تصرفات ومواقف، وطرف آخر على النقيض تمامًا، يدخل الطرف الأول خلال هذه المعادلة في معاناة وفي حالة انتظار لا تنتهي.
وإذا اقتربنا أكثر من الواقع نجد أنه أصبح الاعتقاد السائد أن من يظهر مشاعره بقوة يمثل الطرف الضعيف الذي يتعامل معه الطرف الآخر على أساس أن مشاعره مؤكدة وأنه لا يمكنه الابتعاد، ويقل أكثر في مبادلته نفس المشاعر، مع العلم أنه في كثير من الأحيان لا يكون ناتج عن ان هذا الطرف لم يعد يحب وإنما مجهوده أصبح أقل في العلاقة عن الطرف الآخر.
حالة من الغضب الداخلي تعتري من يفتقد هذه المشاعر مع من يحب ويعلم أنه يبادله نفس الشعور، ثم يتملكه الحيرة الشديدة مع الكثير من التساؤلات التي غالبًا ليس لها إجابة عند الطرف الآخر، ثم يصل الأمر بمرور الوقت إلى حالة من الاستسلام والهدوء الداخلي.
لا تتعجب أينعم الهدوء الداخلي، استمرار أي شيء تتعرض له في الحياة يجعلك مع الوقت تعتاد عليه رغم قسوته، ما بالك وما تتعرض إليه هو مشاعر تفتقدها من طرف تحبه ولا يمكنك الاستغناء عنه، ولإنك لا يمكنك الاختيار تستسلم له ولما تفتقده معه.
ولهذا احتياج المشاعر هو أصعب صور الاحتياج، لإنك ربما تستطيع ان تختار في صور الاحتياج الأخرى، لكن في هذه الحالة يصعب الاختيار لإنك بقدر ما تحب بقدر ما تحتاج بقدر ما أنت عاجز عن الابتعاد.
رهام ابراهيم
You must be logged in to post a comment.