رواية احزان فريدة ج٢

كانت ولاء امرأة كبيرة وحكيمة بعمر الخمسة وأربعون، وزوجها رجل بسيط يكسب بالكاد قوت يومه وفي بعض الأحيان يلجأ للسلف حتى تراكمت عليه الديون، ولديهم ولدان هاني يبلغ من العمر التاسعة عشر ورامي يبلغ من العمر السادسة عشر، ورغم ضيق رزقه كان رافضا عمل اولاده ليتفرغوا تماما لدراستهم وتعليمهم فهو يطمح أن يعلى شأنهم كي لا يكرروا مأساة أبيهم.

عادت ماجدة للمنزل لتفقد أولادها الثلاثة إياد وزياد وعمر وكذلك ابنة أختها فريدة، ورغم أن فريدة الأصغر سنا إلا أنها كانت تحاول أن تهتم بهم وتقوم بشراء الطعام وتحضير الطعام بمساعدة أولاد خالتها الأكبر سنا، كان إياد بعمر الخامسة عشر وزياد بعمر الرابعة عشر وعمر بعمر الثانية عشر.

 كان أولاد ماجدة الثلاثة يحبون فريدة لجمالها وذكائها وحُسن تصرفها، وهي لم تتعلم الاهتمام بمثل هذه الأمور لم تتعلم كيف تحب او تكره، هي تعلمت ألا تخطيء وأن يكون كل شيء على ما يُرام، فلم تهتم بمحاولاتهم اسعادها أو اضحاكها أو المرح معها، كانت طفلة محظوظة خارجيا ولكن بائسة داخليا، حُرمت من إدراك المشاعر والحب والاهتمام، فلم تستطع أن تعطي ما لم تأخذ.

وفي اليوم التالي ذهبت ماجدة للمشفى لتطمئن على حالة أختها بعد وضعها طيلة هذه الفترة في العناية المركزة، ذهبت للطبيب لتسأله إذا كانت تحسنت حالتها وتم نقلها من العناية المركزة ولكن أخبرها الطبيب أن حالتها لم تتحسن وانها ما زالت في العناية المركزة وزوجها قد توفى منذ قليل، حزنت ماجدة كثيرا وقامت بإخبار أهل عماد بوفاته ولكن أهله لم يهتموا فهو كان ابنا جاحدا وظالما ولا يهتم سوى بجمع الأموال.

بعد هذه المكالمة المتوقعة فهي كانت على علم بخلافات زوج أختها مع أهله ولكنها أرادت أخبارهم على كل حال، قام الطبيب بإخبارها ان أختها قد توفت أيضا، حاولت ماجدة أن تمتلك أعصبها وأن تقوم بإجراءات الدفن لكليهما وتعود للمنزل، حاولت أن تشرح لفريدة ما حدث ولكن لم تستطع إيجاد الكلمات لتخبرها، أخبرتها جارتها أنها ستحاول أن تخبرها هي بذلك، وحينما نظرت ولاء في عين فريدة شعرت بالأسى والحزن لهذه الطفلة الحسناء الفطنة أن ينتهي بها الحال هكذا ولم تستطع هي الأخرى أخبرها وفاة والديها، كانت فريدة في هذه الأيام قد علمت بحادثة والديها وفهمت من حزن كل من خالتها وجارتها ولاء أن أحد والديها او كليهما توفوا، أخبرتهم فريدة هل أبي او أمي في السماء؟ فبكت ماجدة في انهيار شديد وكأنها تجيبها بهذا البكاء ان كليمها قد توفوا، ذهبت فريدة بعيدا ونظرت في السماء وقالت تركتموني وحدي ولم تعلموني العيش دونكم ، كيف سأعيش وماذا سيحدث لي وأنا لم يكن لي صديق او اخ او أخت يقف بجانبي، لم اتعلم اقضي وقت مع أحد حتى أقاربي لم اتعلم كيف أنسجم معهم.

متابعة: رواية احزان فريدة ج٣

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

About Author
Aya
Aya