باتت فريدة ليلتها حزينة بدون دموع تتألم دون وجع فقد تعودت التأقلم على أي وضع مهما كان سيء دون إهدار دمعة واحدة، نشأت في بيئة لا تهتم بما قد حدث ولكن تفكر فيما ستفعل، ولكن لم يخطر ببالها أن ما ستفقد لا يمكن تعويضهم لذلك شعرت لأول مرة أنها لا تجد حل لما هي عليه الآن.
تأملت ماجدة أن تكون وصية على أموال زوج أختها وأن تصرف منها على فريدة وكذلك أولادها، فذهبت لمقابلة محامي ومتابعة إجراءات وصاية الورث، ولكن كان محامي عماد بالشركة وشركاء عماد وكذلك الموظفون قد سلبوا الكثير من أموال الشركة وقاموا بتزوير الكثير من الاوراق لديون مالية كبيرة على عماد وقروض من البنوك لم تُسد، لم تستطع ماجدة فعل شيء أو رفع قضية أو مصاريف من هذا القبيل، اكتفت بسؤال محامي الشركة وماذا سيتبقى بعد هذه الديون أخبارها أنه بعد بيع كل ممتلكاته حتى منزله وسيارته سيتبقى عشرة آلاف جنيه فقط، اخذت ماجدة الأموال ولا تعلم ماذا ستفعل مع فريدة، فقررت نقل فريدة من مدرستها باهظة الثمن إلى مدرسة حكومية.
علمت فريدة بكل هذا وأن ثراء والديها ذهب معهم وهي لم يبقى لها سوى العيش مع خالتها والتأقلم على الأوضاع الجديدة، بدأت معانتها في الالتحاق بالمدرسة الحكومية ولكن حاولت التأقلم فليس هناك وقت لرفض الوضع.
بعد عام من معانتها ومعاملة خالتها التي تزيد سوءا ولاسيما بعد اجتماع اولاد خالتها حولها ومحاولة إرضائها وكذلك زوج خالتها الذي فرح بها كثيرا ويحب النظر إليها وإلى جمالها الخلاب، كانت نتيجة العام الدراسي قد ظهرت ورغم أن ماجدة كانت مهتمة بأولادها فقط وتعطي لهم دروس وتكفي حاجتهم ولم تهتم بفريدة ولا بمتطلباتها فكانت فريدة من الاوائل والمدرسين جميعا يمدحونها ويحبون الحديث معها ولكن اولادها درجاتهم ضعيفة وبالكاد ينجحوا وخصوصا ابنها عمر الأصغر كانت درجاته سيئة للغاية فهو كثير المزاح مع فريدة ولا يهتم سوى بفريدة.
قررت ماجدة أن تترك فريدة المدرسة وأن تساعدها في أمور المنزل فهي تحتاج من يساعدها، أخبرتها فريدة انها ستساعدها في كل شيء ولكن تريد أن تكمل دراستها، كل محاولات فريدة فشلت لإقناع خالتها وقامت ماجدة بسحب أورقها لكي لا تكمل تعليمها، حاول المعلم شريف الذي كان شاهد حادثة والديها ولكن لا يعلم ان فريدة ابنتهم أن يمنع خالة فريدة من سحب اوراقها وتتركها تكمل تعليمها، وهذا زاد من غضب ماجدة وأصرت على رأيها، فالغيرة والحقد من طفلة بريئة لم تؤذي أحد ويحبها الجميع ملأ قلب ماجدة ونسيت أنها قطعة من أختها منال.
حاول أولاد ماجدة التخفيف عن فريدة ولكن بلا جدوى، ذهب عمر لفريدة وأخبرها أنه سيعطيها كُتبه الدراسية لتذاكر بها فهو قريب منها في العمر، ولأول مرة فرحت فريدة وابتسمت ابتسامة بها مشاعر وشكرته وذهبت، خفق قلب عمر الصغير وشعر بحبها أكثر فأكثر فقد رأى وجه لم يره من قبل، شعرت فريدة أن عليها رد الجميل وأن تساعد عمر في دراسته وتذاكر له فأخبرته بذلك تحمس عمر كثيرا وأحب الدراسة والمذاكرة فهي المنفذ الوحيد لرؤية فريدة وقضاء وقت بجانبها، كانت فريدة تستيقظ كل يوم باكرا لتحضير الفطور لأولاد خالتها وتوضيب المنزل وشراء مستلزمات المنزل ومساعدة خالتها في المطبخ حتى يعود أولاد خالتها من المدرسة، وفي الليل تذهب إلى مكان نومها على الأرض وتذاكر من الكتب المدرسية لتتعلم وتزداد علم ومعرفة وتذاكر لعمر أيضا، تقربت فريدة من عمر وكانوا يحكوا يومهم إلى بعض وكل منهم يهون على الأخر آلامه.
You must be logged in to post a comment.