دائما هناك شخص يكره كل شيء، قديم قدم الأشياء، يستمد قوته من معرفته بعيوب الآخرين، سطحي، يستعمل من الظاهر، يعتبر نفسه – أمام الآخرين على الأقل – مسئولا عن الوطن وعن الكتابة وعن الصحة العامة، هذا الشخص لا غنى عنه، لأن الموهوبين يقيسون – من خلاله – منسوب العمر عندما تفور الخضرة في حبر أقلامهم وهم يكتبون مبررات وجودهم في مواجهة أمثاله.
..
ذهبت إلى عزبة الجسر لدفن إحدى قريباتي، فإذا بمكبرات الصوت تعلن داخل القرية عن موت قريبتي هذه، وتقول العزاء بعد المسلسل مباشرة.. وراح يضحك – على غير عادته – ضحكا هستيريا.. وتوقف عن الضحك فجأة.. وقال بحسم: كانت هناك الحلقة الأخيرة!!
..
سأظل على علاقة بالمكان الذي سأدفن فيه
..
سألتني صديقة جديدة منذ أيام عن سر حزني، فابتسمت وقلت لها كلاما غائما عن إحساسي بالبرد، صدقتني ونظرت إلى ساعة يدها. بعد قليل اتصلت بصديق قديم وسألته: لماذا أنا حزين؟ ضحك بصوت عال وقال: لأنك لم تكتشف – بعد – مكاًنا لا يذكرك بالوحدة، في المستقبل سأكتب قصيدة جديدة تتناول مكاًنا لا يذكرني بالوحدة، لأن روحي هذه الأيام معلقة بمشهد مصر القديمة
..
سألني صديق في العمل لماذا تحب هذا المقهى ففشلت في الإجابة، لا لأنني لا أعرف لماذا أحبه ، لكن لأنني اكتشفت أنه بعد هذه الفترة غير القصيرة لم يعرف –بعد – من أنا.
..
صاحبة المكان تريدني خاليا من ذكرياتي لأن ذاكرتها انتقلت إلى كمبيوتر لا يملك حاسة الشم أو الإدراك، كمبيوتر لم يعر الأحضان اهتماما ولا يستطيع التعبير عن الأشياء السحرية التي أوشكت أن تفتك بي، من الصعب أن أحتمل أكثر من هذا، سأخرج لأنني تعبت من الانتظار، الكتابة تحتاج شخصا آخر لا تكبله هذه الأحزان
دمتم سالمين
قراءة:
المصدر:كتاب كتابات من خارج الكتابة
You must be logged in to post a comment.