كنت تضيق – مثلي – عندما تجد نفسك وسط أناس يتحدثون عن الماضي، وكيف كان الجرسون جرسوًنا، وكانت الخمرة خمرة، والنساء نساء، لأنك كنت تظن أن الحياة مؤجلة، وأن المكان الذي تجلس إليه جميل كما ينبغي أن يكون.. الآن أظن أنك كنت متسرعا عندما ضقت بكلامهم.
..
لم أكن أتصور أنني سأقيم معها – أو مع غيرها – علاقة بعد عدد لا يستهان به من الهزائم، الهزائم التي أشعر بها وأنا أفرد جسدي على السرير آخر الليل، والتي لم يشاركني فيها أحد حتى أصدقائي الذين أغتال الوقت معهم، ليسوا أذكياء للدرجة التي يلحظون فيها أشياء مؤلمة تلمع في القلب،
..
لم تكن الخلافات بين المثقفين في ذلك الوقت حادة ولم يكن بينهم بلطجية ولا نجارو مسلح كانت خلافات حول أفكار ومذاهب وتيارات، خلافات بين مبدعين موهوبين،
..
نحن نستعين بالغناء لكي نقاوم به الحزن ونغسل به أرواحنا، وغناء المصريين لا يشبه غناء اللبنانيين لسبب بسيط أننا زراع وهم تجار.. وحاجتنا للغناء ليست حاجة للكلام المثقف الحلو الذي يلخم التخين، لكنها حاجة لفض مخزون الموسيقا داخلنا لكي ننفض عن أرواحنا غبار القهر والفقر ولكي تظهر بعد طقوس الغناء ( الدرة المخفية ) داخل كل واحد منا
..
هذه المرأة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ظهرت في فترة كنت متماسكا فيها أمام الناس، في الوقت الذي أحسست فيه أن العمر سرق في غفلة من الزمن، وأن الفروسية رياضة قديمة، في الوقت الذي كان فيه العمل شيئًا مملا مثل الأكل والنوم والسهر والأصدقاء، في الوقت الذي فوجئت فيه بالأشجار الصغيرة التي احتضنتها أصبحت كبيرة بشكل مخيف، لكنها غير مثمرة. في الوقت الذي اقتربت فيه من مطبخ الحياة العامة لأكتشف أن الظل" سترة" وأن السوس ينخر في ساق بلادي، و أن الحالمين من أصدقائي لا مكان لهم في هذا العالم المليء بالبالونات والأنفلونزا.
قراءة:
المصدر:كتاب كتابات من خارج الكتابة
You must be logged in to post a comment.