أعيديني سيرتي الأولى!

مِرْآة مهشمة تَطْمَح للعودة لسيرتها الْأُولَى 

 

إمْتَطَيْت جَوَادٌ خَيَّالِيٌّ بَعْدَ أَنْ شَعَرْت بالإخْتِنَاق مِن وَاقِعٌ يحاصرني مِنْ جَمِيعِ الزَّوَايَا وَأَسْرَعْت أَنَا وَهُوَ لمساحات الْخَيَال الْخَضْرَاء وَهَا أَنَا أَتَنَفَّس بِعُمْق وكأنني كُنْت أغوص فِي أَعْمَاقِ الْمُحِيط دُون عَبْوَة أُكْسِجِين إسْتَنْشَق نَفْسًا عَمِيقا بَعْد إنقاط طَوِيلٌ عَنْ التَّنَفُّسِ ! ! 

 

تَرَجُّلِه مِن جوادي لتلامس قَدَمَاي أَرْض الْخَيَال لأَشْعُر أَكْثَر قَرَّرْت الْمَشْيِ بِلَا حِذَاء وَهَا أَنَا أُغْمِض عَيْنَاي وأحتضن تُرَاب تِلْكَ الْأَرْضِ بِبَاطِن قَدَمِاي تِلْك الْأقدَامَ الَّتِي تَحْمِلُ نقاط إنعكاس لِكُلّ أَجْزَاء جِسْمِي الدَّاخِلِيَّة والخارجية وَفِي ، تِلْكَ اللَّحْظَةَ الْعَمِيقَة مِنْ السُّكُونِ وَالِإتِّحَاد مَع الطَّبِيعَة فِي هَذَا الْمَكَانِ سَمِعَتْ صَوْتًا خَافَتَا وماهي إلَّا لَحَظَات وَأَشْعَر بِأَلَمٍ شَديدٍ فِي قَدَمِي يُرَافِقُه صَوْتًا يَطْلُبُ أَنْ ارْحَمْه وَأَبْعَد قَدَمِي عَنْ جَسَدِهِ المتهالك ! ! 

 

فُتِحَت عَيْنَاي وَمَا إنْ نَظَرْتُ لموطأ قَدَمِي قفزت مبتعدة عَنْ الْمَكَانِ فَلَقَدْ كَانَ هُنَاكَ مِرْآة مهشمة آلمتها حِين خَطَوْت فَوْقَهَا بِقَدَمِي دُونَ قَصْدِ ! 

 

وَرِيد : اعْتَذَر أَيَّتُهَا الْمَرْآةُ لَمْ أَكُنْ فِي حَالَةِ تَرْكِيز لماهو حَوْلِي فَقَدْ كُنْتُ فِي عَالَمِ الْحِسّ وَالتَّحَسُّس 

 

فِي تِلْكَ الأثناء وَحِين تَأَمَّلْت وَجْهُ الْمَرْآةِ وَجَدْتُ نَفْسِي فِي أعْماقِهَا أَجْزَاء مبعثرة فأستوقفني ذَلِك الْمَنْظَر فالبشر رَغِم اكْتِمَال صُورَتُهُم الخارجيةفهم فِي أعماقهم أَجْزَاء متناثرة   

 

وَعَلَى وَجْهِ تِلْكَ الْمَرْآةِ ! 

 

قَطَرَات مِنْ دَمِ ذَلِكَ الْجُرْحَ .   

 

الْمَرْأآة : الْأَلَمُ الَّذِي كُنْت فِيهِ لَمْ يشعرني بخطوتك وَلَكِن تِلْكَ الدّمَاءُ الّتِي سَأَلْت هِيَ الَّتِي أَطْبَقَت عَلَى أنفاسي وَكِدْت أَن إخْتَنَق ! 

 

لَقَدْ خِفْت كَثِيرًا أَنَّ تَكُونَ تِلْكَ الدّمَاءُ رُوحِي الَّتِي تَسَرَّبَت مِنْ بَيْنِ الشُّقُوق !   

 

 

لَقَدْ كُنْتُ أحْتُضِر وأتوسل إلَى اللَّهِ أَنْ يَجِدْنِي أَحَدٌ لينجدني فأرجوكي ساعديني أَنَا هُنَا مُنْذُ أَيَّامِ أَتَأَلَّم وَيَزِيد أَلَمِي وَثَب الْآخَرِين عليّ فَالْكُلّ لَا يَرَى أَيْنَ يَضَعُ قَدَمَهُ ! 

 

وَرِيد : حَسَنًا كَيْف أساعدك هَل بنقلك لِمَكَان أَكْثَر أَمَانًا مِنْ هُنَا أَمْ أضعك فِي صُنْدُوقٍ وَاحْتَفِظ بِك فِي الْعِلْيَةِ ! ؟ 

 

الْمَرْأَة : أَوَّلًا خلصيني مِنْ ذَلِكَ القَلَق وَالْخَوْف الَّذِي أَعِيش فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ أُخْبِرُك كَيْف تساعديني ! 

 

 

جَلَسَتْ عَلَى الْأَرْضِ ، وَبَحَثْت فِي حقيبتي عَن شَيّ يَنْفَع لِعَمَل ضِمادَة مُؤَقَّتَة لقدمي وإرتديت حذائي لكي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَمْشِيَ دُون حَوَادِث أَخِّرِي حَمَلَتِ الْمَرْأةُ وَكَأَنِّي أَحْمِل طِفْلًا بَيْن ذِرَاعِي ، وَمَشَيْت فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أثب عَلَى جوادي خَوْفًا عَلَيها مِنْ التحطم أَكْثَر . 

 

وَصَلَت لِلْبَيْت وَوَضَعَتْهَا عَلَى الطَّاوِلَةِ قَدْ بَدَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ مُنْطَفِئَة الْبَرِيق وَلَكِنِّي شَعَرْت بِنَوْعٍ مِنْ الرَّاحَةِ لِأَنَّنِي خَلَصَتْهَا مِن جَحِيم الخَوف وَالْقَلَق . 

 

وَبَعْدَ أَنْ إلْتُقِطَت أنفاسي وَأُخِذَت قِسْطًا مِنْ الرَّاحَةِ وَفِي أَثْنَاءِ تعقيمي لِذَلِك الجرح نَزَف مِنِّي شُعُور أَحْدَث جَلَبَه إسْتِفاقَةٌ بِسَبَبِهَا أفكاري مِن سباتها الْعَمِيق ! !   

 

فَقُلْت لذاتي لَيْس فَقَط كسورنا مِن يدمينا وَيَسِيل دِمَاء مَشَاعِرِنَا بَل أَيْضًا كَسُؤْر الْآخَرِين الَّتِي تعيدنا لِفَتْح مِلَفّ أَوَّل جُرْح واستعادة شَرِيط الذِّكْرَيَات ! !   

 

حَاوَلَت إسْكَات تِلْك الْعَاصِفَة وَتَأْجِيل أعاصيرها لِوَقْت لَاحِقٌ فَلَابُدَّ أَنْ أعود لِتِلْكَ الْمَرْآةِ وَاجِدٌ طَرِيقَة لمساعدتها  

 

وَرِيد : أَهْلًا وَمَرْحَبَا بِك فِي مَمْلَكَتِي أَيُّهَا المرآة  

 

الْمَرْآة : ترحبين بِغَائِب فَقَد حضوره  

 

هَل مَازِلْت مِرْآة أَم فَقَط بقاياها ؟ !   

 

وَرِيد : أَصْل الشّي وجوهره لَا يَتَغَيَّرُ وَإِنْ أَحْدَثَ الزَّمَن فِيهِ الْكَثِيرُ يَبْقَى محتفظا بماهيتة الْأُولَى !   

 

أَخْبِرِينِي ماهي حكايتك !   

 

الْمَرْأَة : كُنْت مِرْآة جَمِيلَة لِفَتَاه أَجْمَل وَذَات يَوْم نُقِلَت العَائِلَة لِبَيْت آخَر وَسَقَطَتْ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَحَدَّث مَا حَدَثَ وَلَكِن الفَتَاة كَانَت وَفِيه لِي فأحتفظت بِي دَاخِلُ صُنْدُوقٍ تَحْتَ السَّرِيرِ وَبَعْد عِدَّة أَيَّامٍ كَانَتْ الْوَالِدَة تَرَتَّب الغُرْفَة فَوَجَدْتنِي وَرَأَت إنّي غَيْرُ نَافِعَةٍ فَأَلْقَت بِي خَارِج حُدُود ذكرياتي ونفتني عن وَجْه صديقتي فأرجوكي ساعديني لأَعُود لسيرتي الْأُولَى فَتِلْك الشُّقُوق تتسرب مِنْهَا رُوحِي رُوَيْدًا رُوَيْدًا .   

 

وَرِيد : عزيزتي لَا يُمْكِنُنِي ذَلِكَ فَمَا يَمْضِي لَا يَعُودُ ! ! 

 

الْمَرْآة : كَيْفَ لَا يُمْكِنُ ؟ ؟ ! ! ! ! 

 

 أخبريني مِن سيحتفظ ببقاياي !   

 

وَمَن سيريد أَنْ يَنْظُرَ فِي وَجْهِي المشوة ؟ !   

 

وَمَن سيدمي يَدَيْه مُحَاوِلا لملمت كسوري ؟ ! 

 

 لا أَحَدٌ يُحْمَل الْوَفَاء لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَفْنَى عُمُرِهَا مِنْ أَجَلِّهِمْ وَلَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ فَأَنْتُمْ لَا توفون لبعضكم فَكَيْفَ لَنَا نَحْن تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الصامته ! ! 

 

وَرِيد : لَقَد فَكَّرْت بِطَرِيقِه تعيدك لِلْحَيَاة مَرَّة أَخِّرِي ، وَلَكِن لَن تعودي لسيرتك الْأُولَى ، وَلَكِنَّك ستصبحين ذَاتًا مُخْتَلِفَةٌ بَعْض الشيئ ! 

 

الْمَرْآة : أُرِيد فَقَطْ إنْ أَجِدَ مَا يلملمني عَلَى أَجْزائِي الْمُتَبَاعِدَة بِأَيّ شَكْلٍ مِنْ الْإِشْكَالِ ! أَنَا اريدني فَقَط ! !   

 

وَرِيد : لَيْتَنِي أَسْتَطِيع فَعَلَ ذَلِكَ لِكَيْ وَلَكِنَّ هَذَا الْأَمْرِ غَيْرَ مُمْكِنٍ وماهو مُتَوَفِّرٌ لَك أَنْ تخوضي رَحْلِه التَّغْيِير لِكَي تلائمي وَضْعِك الْحَالِيّ وَإِلَّا سيبقين وَحَيْدَة فِي زَاوِيَةِ مُظْلِمَة دَاخِلُ صُنْدُوقٍ ! 

 

دُعِينَا نَذْهَب لِذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي سَوْف يَجْعَل مِنْك ذَاتًا جَمِيلَة مَرَّةً أُخْرَى ، وَضَعَتِ الْمَرْآةُ فِي الصُّنْدُوقِ وَذَهَبَت لِمَحَلّ إعَادَة تَدْوِير المرايا المهشمة ،   

 

وَصَّلْنَا إلَى الْمَحَلِّ وَدَخَلْنَا وَجَلَسَت أتصفح كَتالُوج تَصَامِيم إعَادَة تَدْوِير المرايا وأعجبني جِدًّا تَصْمِيم بَسِيطٌ لَا يَعْرِضُ الْمَرْآة للتهشيم بَل فَقَط التَّلْوِين وَبَعْض الْخُطُوط الزخرفية وإطار مُرَصَّعٌ بِالْأَحْجَار الْكَرِيمَة ، عُرِضَتْ عَلَى تِلْكَ الْمَرْآةِ ذَلِكَ التَّصْمِيم لِأَخْذ رأيها  

 

وَرِيد : مَا رَأْيِك بِهَذَا التَّصْمِيم ؟ !   

 

الْمَرْأَة : نَظَرِة نَظَرِة خَاطِفَةٌ عَلَيْه ، وَأَجَابَه الْمُضْطَرَّ لَا رَأْيَ لَهُ ، فَهُو مَجْبُورٌ عَلَى الْقَرَارِ ، فَلَيْسَ هُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرَ لِكَي أُقَرِّر أَيِّهِمَا اخْتَار !   

 

وَرِيد : هُنَاك قرارين رُبَّمَا لَمْ تفكري بِالْأَوَّل الَّذِي يَتَمَثَّلُ فِي تقبلك لِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَالْعَيْش فِيه ! وَالْأَمْر الْآخَر أسمحي لِذَاتِك أَن تُجَرَّب وَمِنْ ثَمَّ تَصْدُر الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ قَبْل التَّجْرِبَة كَلَامٍ لَا حَقِيقَةً لَهُ !   

 

الْمَرْآة : أَنَّا لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَبْقَى بِهَذَا الْوَضْعِ ، وَأَخْشَى أَنْ أَعْجَزَ عَنْ تَحَمُّلِ مَا سَأَكُون وَلَكِن سأكذب حَدْسِي حَتَّى يواجهني وَاقِعًا !   

 

إتَّفَقَتْ مَعَ صَاحِبِ الْمَحَلِّ عَلَى ذَلِكَ التَّصْمِيم وَأَخْبَرَنِي أَنَّ الِاسْتِلَام بَعْدَ أُسْبُوعٍ وودَعَت تِلْكَ الْمَرْآةِ قَائِلَهُ إلَى اللِّقَاء إنِّي متشوقة لِتَأَمُّل ذَاتِك الْجَدِيدَة !   

 

عُدْت إلَى الْبَيْتِ مَحْمَلِه بِثِقَل فِي أعماقي يَعْصِف بافكاري لتدور حَوْل بَعْضِهَا وتبدأ التساؤلات بالتساقط الوَاحِدَةُ تِلْوَ الأخري 

 

هَل ستتقبل تِلْكَ الْمَرْآةِ ذَاتِهَا الْجَدِيدَة ؟ !   

هَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ تَنْسَى تِلْك التَّجْرِبَة الْقَاسِيَة مِنْ خِذْلَانِ مِنْ وُهِبَتْ لَهُم حَيَاتِهَا ! !   

هَل ياترى إنكساراتنا لَا تُرَمِّم وَلَكِن فَقَط تَرَدَّم ! !   

هَلْ يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَعُودَ لسيرتة الْأُولَى قَبْلَ الْعَاصِفَة الَّتِي تقتلع وتهشم أَجْزَاءٍ مِنْهُ ! !   

هَل نَحْن نَعيش أَم نَحْيَا ؟ ! وماالفرق بَيْنَ الِاثْنَيْنِ ؟ !   

حَاوَلْت أَنْ أُشْغِلَ نَفْسِي كَثِيرًا لِكَي تُعَبِّر تِلْكَ الْأَيَّامِ السَّبْع لِأَنِّي كُنْت متشَوقة لِمَا سَتَكُون عَلَيْهِ الْمَرْآةُ مِنْ الْخَارِجِ َووقعه عَلَى أَعْمَاقِهَا !   

فِي الْيَوْمِ الْمُنْتَظَر إستيقظت بَاكِرًا وَأُخِذَت أتجول فِي زَوَايَا الْبَيْت لَأَجِد الْمَكَان الْمُنَاسِب لِأَضَع الْمَرْآةُ فِيهِ وَوَجَدْته وَذَهَبَتْ مُسْرِعَةً لإستلامها مِن المحل  

وَرِيد : صَبَاحِ الْخَيْرِ أَيُّهَا السَّيِّد لَقَدْ جِئْت لإستلام جميلتي  

صَاحِب الْمَحَلّ : صَبَاح النُّور وهاهي جميلتك جَاهِزَةٌ هَل تَوَدِّين إلْقَاءُ نَظْرَةٍ عَلَيْهَا الْآنَ أَمْ تفضلين رَأَيْتهَا فِي ، الْمَنْزِل ؟   

وَرِيد : أَفْضَلُ إنْ أَخَذَهَا لِلْمُنْزَل وَإِنْ كَانَتْ لَدَيّ مُلَاحَظَاتٌ سأعود إلَيْكُم .  

صَاحِب الْمَحَلّ : حَسَنًا وَبِكُلّ سرور  

وهرعت بِهَا لِلْمُنْزَل وَكُلِّيّ فُضُول وتشوق لِرَأْيِه شَكْلِهَا الْجَدِيد وَهَا أَنَا افْتَح الصُّنْدُوق وَأَطِل بِرَأْسِي فيه  

وَتَتَّسِع عَيْنَاي مِنْ جَمَالٍ مَا رأيت  

وَاو كَم أنتي جَمِيلَة يَا مرآتي ، هَل تُرِيدِينَ أَنْ تَرَيْن ذَاتِك الْجَدِيدَة ؟ !   

 الْمَرْآة : هَل مَازِلْت اِحْتَفَظ بِذَات الِاسْم ! ! ! مِرْآة 

أَم تَحَوَّلَت لشي آخَر يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ مُخْتَلَفٌ فَأَنَا الْآنَ أَقْرَب للوحة وَلَسْت مِرْآة فالمرايا يُتَأَمَّل الْإِنْسَانِ فِيهَا مَلاَمِحِه الْخَارِجِيَّة وَتُعْكَس عَلَى وَجْهِهَا تَفَاصِيلَه ليبدوا كَمَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ إمَّا الْآنَ فَأَنَا لَوْحَة تَعْكِس أَلْوَان مُشْرِقَةٌ قَد يَقِف المتذوقون لِلْفَنّ أَمَامَهَا وَقَدْ لَا يلاحظها الْكَثِير ! 

وَلَا حَاجَةَ لِي بِرُؤْيَة شَكْلِي الْخَارِجِيّ فَقَدْ رَأَيْتُ اِنْعِكاسِي فِي مَرَايَا عَيْنَك الَّتِي اتَّسَعَت سُرُورًا بِمَا رَأَتْ وَلَكِنْ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَنْظَر لَمْ يُحَرِّكْ بداخلي شَيْئًا مَازِلْت مُنْكَسِرَة ومهشمة ! 

وَرِيد : ياجميلتي تحتاجين لِفَتْرَة مِنْ الزَّمَنِ حَتَّى تردمين تِلْك الانكسارات الدَّاخِلِيَّة وتسعدين بِمَا انتي فِيه ، فحوادث الدَّهْر إمَّا أَنْ تبقيك مُنْكَسِرًا منكفئا عَلَى وَجْهَك تَغْتَالَك التعقيدات وَالْعَقْد النَّفْسِيَّة حَتَّى  تَجَهَّز عَلَيْك أَوْ تَجْعَلُك تَقِف بِكُلّ شُمُوخ قَابِضًا عَلَى جروحك رَغِم نَزَف رُوحَك ! 

وَضَعَتْهَا فِي مَكَان جَمِيل تلْقِيَ عَلَيْهَا الشَّمْس تَحِيَّة الصَّبَّاح حِين شروقها وَتلوح لَهَا بالوداع وَهِي غاربه 

كَان ضَوْءِ الشَّمْسِ يَتَلَأْلَأ أَلْوَانًا فِي أعْماقِهَا وَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ مَنْزِلِي يُلْقَى عَلَيْهَا قَصَائِد الْغَزْل وَالإفْتِتَان بِجَمَالِهَا ويسألني مِنْ أَيْنَ إقتنيت هَذِهِ اللَّوْحَةُ الْمُلْهِمَة 

كَان صَمْتُهَا نَاضح  بِسَيْل مِنْ الْمَعَانِي والأحاسيس ، وَكُنْت سَعِيدَة جِدًّا فِي تَحَوُّلُهَا مِن مِرْآة مَهْجُورَةٌ مُلْقَاة تَحْتَ قَدَمٍ الْإِهْمَال إلَى لَوْحَة سِيرِيالِيَّة تَحْمِل العَدِيدِ مِنَ الْمَشَاعِرِ ! . 

وَبَعْدَ مُرُورِ أَشْهُرٍ فِي يَوْمِ مُظْلِم وَلَيْلَة دَهْمَاء فَزِعَت فِي نَوْمِي وَذَهَبَت للمطبخ لاحضر الْمَاء وَأَنَا فِي طَرِيقِي سَمِعْتُ صَوْتَ بُكَاءٍ مُنْقَطِعٌ الْأَنْفَاس فَأَسْرَعَت إلَى ، الصالون وأشعلت الْأَنْوَار وَإِذَا بمرآتي تَبْكِي بِحَرْقِه 

اقْتَرَبَت مِنْهَا وَسَأَلَتْهَا مَا الْخُطَب ماالذي حَدَث لِمَاذَا كُلّ تِلْك الحشرجه فِي صَوْتَك ؟ 

الْمَرْآة : ارجوكي أقتلعيني مِنْ هَذَا الْحَائِطِ وَأَلْقَى بِي بالمحيط أُرِيدُ أَنْ أُدْفَنَ فِي قَاعٍ الْمُحِيط فَإِنَّا لَمْ أعُدْ أَعَرَفَنِي ! ! لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أتأقلم بِمَا أَنَا فِيهِ وَلَا أتجاوز مَا حَدَثَ لِي ، وَلَا أَنْسَى مَا كُنْت عَلَيْهِ ! 

لَا طَاقَةَ لِي لخداع نَفْسِي وَالْكَذِب عَلَيْهَا وَنُسِج خُيُوط السّرَابَ حَتّى أَصْدَق تِلْك الْأَوْهَام فَلَسْت تِلْك وَلَسْت هَذِه ! ! 

مَنْ أَنَا ؟ ! أجيبيني ؟ ! 

هَلْ أَنَا الْمَرْأَةُ أُمُّ اللَّوْحَة السيريالية ؟ ! 

هَلْ أَنَا مَا أُحِسُّ ؟ ! أَمْ مَا أبدو ؟ 

هَلْ أَنَا الْمَحْسُوس ، أَم الْمَرْئِيّ أَم كِيان آخَرَ لَيْسَ ، بِهَذَا وَلَا ذَاكَ 

لَا أَشْعُرُ بِوُجُودِيّ ، وَلَسْت متلاشية 

هُنَا وَلَسْت هُنَا وَرُبَّمَا هُنَاك 

كَيْفَ أَسْتَطيعُ أَنْ أَشْرَحَ لَك شُعُورًا لَا يُوصَفُ 

أَنَّا لَا أَعَرَفَنِي أبْحَث عَنِّي وَلَا أَجِدُنِي فِي شَيّ حَتَّى فِي ذَاتِيٍّ ! ! ! 

ماهُو الْمُهِمّ وَالْأَهَمّ مَا أَشْعَرَ أَمْ مَا يَبْدُو وَيَظْهَر عَلِيّ ؟ ! 

مِنْ أَيْنَ تَبْدَأ الْحَيَاةُ مِنْ الدَّاخِلِ أَمْ مِنْ الْخَارِجِ ؟ ! 

أَجِيبِي أَن كنتي تجدين الْجَوَاب ؟ ! 

وَرِيد : مازلتي مِرْآة جَمِيلَة وَلَكِن فَقَط اخْتَلَف مَا تعكسينه لِلْآخَرِين فِي عَهْدُك الْأَوَّل كنتي تعكسين هَيْئَاتِهِم الْخَارِجِيَّة أَمَّا الْآنَ فَإِنِّي تعكسين أعماقهم هُم يَتَأَمَّلُون دواخلهم مِنْ شُعُورِ وإحساس وأَفْكَار فِي أعماقك 

فَأَيُّهُمَا يَسْتَوْجِب أَن تفخرين بِرِسَالَة ! ! ! 

فِي السَّابِقِ كنتي تعكسين الْقَبِيح فِيهِم فيتألمون لِأَنّ صراحتك مُؤْذِيَةٌ أَمَّا الْآنَ أنتي تلمسين أحاسيسهم ترسلين لَهُم رِسَالَة مَآثِرِه أَن الْكُسُور لَا تَعْنِي النِّهَايَةِ بَلْ رُبَّمَا هِي الْبِدَايَة الْحَقِيقِيَّة لِلذَّات ، فحاولي أَنْ تَنْظُرِي لإنعكاسك فِي أَعْيُنِهِمْ وَلَا تتقوقعي فِي أعماقك فَقَط ! 

 

وَلَم أَسْتَطِعْ أَنْ أُغِيرَ مِنْ شُعُورُهَا الْقَاتِل لِكُلّ جَمِيل لَم تكتشفه بَعْدُ فِي أعْماقِهَا أَخَذَت تَصْرُخ أَنَا مُقَيَّدَةٌ بإطار لَا يَخْتَلِفُ عَنْ ذَلِكَ الصُّنْدُوق الْمُظْلِم الَّذِي ، كُنْت فِيهِ تَحْتَ ذَاك السَّرِير وَتِلْك الْأَلْوَان ماهي إلَّا أقْنَعَه تُخْفِي قُبْح وَجْهِي المتشوه أَنَا لَسْت حُرَّةٌ وَلَا أَرَى نُورِ الشَّمْسِ الَّذِي يَسْقُطُ ، عَلِيّ صَبَاحًا وَلَا ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلًا رُوحِي مَغِيبِه عَمْيَاء لَا تَرَى 

وَأُخِذَت تتشنج وَتَبْكِي حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهَا بِغَزَارَة مِنْ تِلْكَ الشُّقُوق وَذَاب وَجْه الْأَلْوَان مِنْهَا وَفَرّت تِلْك الإطارات هَارِبَةً مِنْ جحيمها  

 

أُرِيدُ أَنْ أَرَانِي عَلَى حَقِيقَتَي مَهْمَا كَانَتْ بشعه  

 

أُرِيد تِلْكَ الْعَيْنِ الَّتِي لَا تجرحني حِينَمَا تَكَشَّفَ لِي عَنْ تِلْكَ الانكسارات بَل تُحَاوِل أَنْ تُرِيَنِي إيَّاهَا بِعَيْن قَلْب وَرَوْح وَلَكِنْ لَمْ ألتقيها بعد  

 

لَا تَحْزَنِي مِنِّي ياوريد وَلَكِنَّك رُوحًا مُخْتَلِفَةٌ عَن مَادَّةٌ رُوحِي رَغِم جَمَال مَا تَقُولِينَ وَجَهْدٌ مَا تَفْعَلِين لَكِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَدّقُك لانكي لَن تستطيعي بُلُوغ مَا أَشْعَرَ نَظَرًا لِذَلِكَ الِاخْتِلَافِ ! !   

 

هَلْ هُنَاكَ مِرْآة مِن مَادَّتَي تتقبل إنْ أَسْقَطَ فِي أعْماقِهَا دُونَ أَنْ تَرْتَعِد خَوْفًا مِنْ بَشَاعَةٌ وَجْهِي ! ! وحالتي الوجدانية وضعفي ، وكئابتي وَحُزْنِي وتكراري لَذِكْرَى جُرْحِي َونزفي الَّذِي لَا يَتَوَقَّفُ أَظُنُّ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ ! ! !   

 

وَفِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ تَرَدَّدْتُ فِي الأجْوَاءِ عِبَارَة بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ بَلْ يُوجَدُ ! !   

 

نَظَرِه خَلْفِي وَإِذَا بِمِرْآة تَقَابَل تِلْك اللَّوْحَة هِيَ مِنْ نَطَقَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ دَهَشْت مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ وَحِين نَظَرِه الْمَرْأَة المهشمة وَجَدْتُ عَلَى ، معالمها بَريق مَنْ أَمَّلَ بَعْدَ جَحِيم يَأْس عَاشَت بِه لشهور متعددة  

 

انْسَحَبَت مِن الْمَشْهَد وَجَلَسَت أتأمل الْمَوْقِف مِنْ بَعِيدٍ ! ! 

 

الْمَرْأَة : لَقَد قسوتي عَلَى ذَاتك كَثِيرًا وَكُنْت أنتي وَإِحْدَاث الزَّمَن عَلَيْهَا لَمْ تسمحي لِذَاتِك بِالنَّظَر خارجك وحولك فَمُنْذ أَن الْتَقَيْت بِك فِي هَذَا الْمَنْزِلِ وكنتي كَمَا انتي الْآن وَدِدْت الْحَدِيث مَعَه ، وَلَكِن وَرِيد قَالَتْ مَا أَوَدّ فَالْتَزَمَت الصَّمْت وَمُنْذ أَن وضعتكي بَعْدَ أَنْ جُعِلَتْ مِنْك لَوْحَة فاتِنَة كنتي معكوسة فِي أعماقي وَلَكِنْ لَمْ تلتفتي لِنَظَر لِي وَلَوْ لمرة وَاحِدَة كُنْت أَنْصَت كُلَّ لَيْلَةٍ لِحُزْنِك وَأَقُول غَدًا سأحاول أَن أَحْدَثَهَا ثُمّ أَتَراجَع فَأَحْيَانًا نَحْتَاج لِلْوَقْت حَتَّى نفزغ مِنْ كُلِّ أوجاعنا وَنَبْدَأُ مِنْ جَدِيدٍ !   

 

الْمَرآة المهشمة : هَل تِلْكَ الَّتِي فِي أعماقك أَنَا ؟ ! أَمْ أَنْتَ ؟ !   

 

هَل تِلْك التشوهات بِي أُمُّ بِك مِنْ مِنَّا يَعْكِس ذَاتِهِ عَلَى  الْآخَر ! ! وَلَوْ كُنْت أَنْتَ مَكَانِي مَاذَا سَيَكُون مَوْقِفَك مِن ذَاتِك هَل ستتلو عَلَيْهَا ذَاتُ الْعِبَارَات أَم سَيَكُون الْأَمْر مُخْتَلَفٌ ! ! ؟   

 

الْمَرْأَة الْمُقَابَلَة : بِالنِّسْبَة لِي الشَّكْل الْخَارِجِيّ لَا يُؤَثِّرُ مَهْمَا تَعَرَّض للانكسارات الْمُهِمّ أَنْ تَكُونَ مكتملا مِن أعماقك فَمَا هُنَاكَ هُوَ مَا يَنْعَكِسُ عَلَيْك وَلَيْس ماهُو خارجك فَأَحْيَانًا نَكُون مصقولين مِنْ الْخَارِجِ ومبعثرين لِقَطْع صَغِيرَةٌ مِنْ الدَّاخِلِ مَا يَجْعَلَنَا نَقِف ونستمر هُو الْعُمْق وَلَيْس السَّطْح !   

 

حِين تَخَافِين مواجهت حقيقتك فَإِنَّك لَنْ تَسْتَطِيعِين تَجَاوَزَ مَا حَدَثَ وَهَذَا مَا تعرضتي إلَيْه انتي رفضتي أَن تواجهي ذَاتِك لِوَقْت طَوِيلٍ حَتَّى اهلكتي رُوحَك مابين الْخَوْف وَالرَّفْض فَأَنَا كُنْت أَمَامَك مُنْذُ وَقْتِ طَوِيلٌ لَكِنَّك لَم تَمْلِكِين الشَّجَاعَة للمواجهة مَع ذَاتِك !   

 

الْمَرْأَة المهشمة : كُلُّ مَا قُلْت حَقِيقَةً لَا أَسْتَطِيعُ نكرانها  

 

لَمْ أَسْتَطِعْ وَلَمْ أُرِدْ وَلَم أَتَقَبَّل وَكُنْت مابين رَفَض لِمَا حَدَثَ لِي وَمَا أَصْبَحْت عَلَيْهِ حَتَّى غادرتني رُوحِي بِلَا عَوْدِه وَالْآن أبْحَث عَنْهَا واتوسل إلَيْهَا لِتَعُود وَلَكِنَّهَا غادرت وَلَا سَبِيلَ لِي بإستعادتها وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ اتظاهر بِأَنِّي أَمْلَكَهَا وَلَا أَرَى أَنْ هُنَاكَ مَنْ يُمْكِنُهُ مساعدتي فَذَلِكَ الْأَمْرُ خَارِجٌ عَنْ إمكانيات الْجَمِيع !   

 

الْمَرْأَة المعاكسة : أَخْبَرَنِي بَعْدَ أَنْ إلتقيتي بذاتك وَجْهاً لِوَجْهٍ فِي أعماقي هَل تشعرين بتحسن ؟ !   

 

الْمَرْأَة المهشمة : رَغِم إِنَّك كِيان خَارِجٌ عَنْ كينونتي وَلَكِنِّي شَعَرْتُ أنِّي أحاور أعماقي مِنْ خِلَالِ ذَلِكَ الِانْعِكَاس لَم أَتَرَدَّد مِنْ كَشْفِ قبحي إمَام اِنْحِسار ضوءك وَلَا التَّعَرِّي بِكُلِّ مَا أُوتِيت مِنْ مَشَاعِرِ وأَفْكَار يَائِسَةٌ لَقَد ساعدتني كَثِيرًا فِي أَنَّ أَخْرُجَ أعماقي السَّطْح وأتحدث مَعَهَا بِكُلّ صَرَاحَة وَبِصَوْت مُرْتَفِع وكأنني اجْلِس نَفْسِي إمَام نَفْسِي ، لَمْ أعُدْ اِكْتَرَث لِرَأْي الْآخَر سَالِبٌ كَانَ أُمَّ إيجَابًا الْمُهِمّ مَا تَقُولُهُ ذَاتِيٌّ هُو ماكان يؤلمني ، 

وَعَلَى أَنَّ أَفْهَمَه إنَّنِي لَا أُرِيدُ الْأَلَم ، فَأَنْتَ تَعْلَمُ إنَّنِي مُنْذ إنْ دَخَلْت هَذَا الْبَيْتِ لَمْ أَسْمَعْ كَلِمَة سَلْبِيَّة بَلْ الْكُلُّ كَانَ يُمْتَدَح ظَاهِرِيٌّ الْجَمِيل مَا نَالَ مِنْ رُوحِي وَضِيق عَيْشِهَا هُوَ مَا أَشْعَرَ بِهِ وَأَحُسُّه فِي أعماقي لَا مَا اشاهده وَأَسْمَعَه ! ! 

الْمَرْأَة المعاكسة : هَلْ مَا تشاهدين هُوَ مَا كنتي تشعرين أُمِّ أَنَّ احساسك كَان مُبَالِغٌ فِي الْأَمْرِ ؟ ! 

الْمَرْأَة المهشمة : لَا لَمْ يَكُنْ مُبَالِغًا بَلْ كَانَ شُعُورًا فتجسد لَوَاقِعٌ مُشَاهَدٌ وَلَكِن حِين تُتَقوَقَّع عَلَى  الشُّعُور ستحس بفقدان تَامّ لِمَا تُشَاهَد جَمِيل كَانَ أُمَّ قَبِيحَ تُنْتَزَع مِنْك اللَّحْظَة ويتسرب الْوَقْت مِنْك دُون اكْتِرَاث ! 

 

لَقَد تَعَجَّبْت كَثِيرًا رَغِم أَن الحِوَار مُقَارِبٌ لَمَّا كُنْت أَقُولُه وأعيده عَلَيْهَا وَلَكِنَّهَا لَمْ تَنَصَّت وَلَمْ تَحْمِلْ كَلَامِي إلَى ، أَعْمَاقِهَا كَانَت تَسْمَعَه بِإِذْنِهَا الْيَمَنِيّ ، لِتَلَقِّيهِ مِنْ الْيُسْرَى وَذَلِكَ لِأَنِّي لَسْت مِنْ الْمَادَّةِ الَّتِي ، تَشَكَّلَت مِنْهَا وتاه عَنْهَا إِنِّي رَوْحٌ يُمْكِنُهَا أَنْ تُشْعِر بِأَلَم الْأَرْوَاح الْأُخْرَى ، مَهْمَا تَعَدَّدَت مَادَّةٌ تكوينها َ ، وَكَانَت غَافِلَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ يُحْمَل مِرْآة أَيْضًا وَلَكِنَّهَا فِي ، جَوْفِه وَهِيَ الْقَلْبُ وَرَغَم ذَلِكَ فَهِيَ تَتَعَرَّض للكسور وللنزف والانشطار وَأَنَّ تِلْكَ الْكُسُور تنغرس بِاللَّحْم الْحَيّ حَتَّى يتقبلها الْجَسَد وَيَعْتَادَهَا لِتَكُون جُزْءًا مِنْ كينَونته ، كَان التَّفَاهُم الْعَمِيق فِيمَا بَيْنَهُمَا يُعِيد لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ بَعْضًا مِنْ قُوتِهَا وَكَان الْأَرْوَاح الْمُتَشَابِهَة هِي دَوَاء وبلسم وَحَيَاة وَشِفَاءٌ لِبَعْضِهَا فَهِيَ لَا تَرَى ظَوَاهِر بَعْضِهَا بَلْ تَبَصَّر بِقَلْبِهَا جَوْهَرٌ بَعْضِهَا ! تِلْكَ الْمَرْأَةِ لَمْ تَكُنْ تُحْدِثْ شَيْئًا مُخْتَلَفٌ عَنْهَا بَلْ هِيَ تَناقَش ذَاتِهَا فِي ذَلِكَ الْآخِرِ تَرَاهَا بِوُضُوح وَكَانَ كُلُّ رَوْحٌ لَهَا رَوْحٌ تعكسها لِذَاتِهَا وَكَأَنَّهُمَا ذَاتٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّ بهيئتين ! 

وَفِي هَذِهِ الأثْنَاءِ انْتَهَى حِوار الْمَرْأَتَيْن 

وَتَوَجَّهَت لِي صديقتي بِالْكَلَام 

الْمَرْأَة المهشمة : أُرِيدُ أَنْ أَطْلُب مِنْك شَيْئًا 

وَرِيد : تَفَضُّلِيٌّ وَكُلِّيّ اسْتِعْدَاد لتلبيته 

الْمَرْأَة أُرِيدُ أَنْ انْتَقَلَ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ ضعيتي فِي مَكَان يُنَاسِب هيئتي الْحَقِيقِيَّة 

وَرِيد : حَسَنًا أَنَا سأضعك فِي غُرْفَةٍ النَّوْم لِكَي أتأمل ذَاتِيٌّ فِي أعماقك فَأَنَا أَشْعَر إنِّي اشبهك كَثِيرًا رَغِم اخْتِلَاف الْهَيْئَات ! 

الْمَرْأَة : لَا أمانع الْمُهِمّ أَنْ أَكُونَ سَبَبًا فِي النُّهُوضِ لَا السُّقُوطِ 

وَأُرِيدُ أَنْ تجعليني اُنْظُر لذاتي فِي وَجْهِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ فَقَدْ رَأَيْتُ الْكَثِيرِ مِنْ الْجَمَالِ فِي أعْماقِهَا 

ََوريد : بِكُلّ سُرُور فَلَقَد طَلَبَتْ مِنِّي تِلْكَ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الطَّلَب وكلاكما سَوْف يُنَالُ مَا يُرِيدُ الْمُهِمّ أَنْ تَكُونِي بِخَيْر آيَتِهَا الصِّدِّيقَة الْعَزِيزَة .

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٨ ص - عاهد الزبادي
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٠ م - Mohamad Choukair
ديسمبر ٩, ٢٠٢١, ٣:٣٢ م - بلقيس محمد
نوفمبر ٢٥, ٢٠٢١, ٤:٥٨ م - وريد فواز
About Author