العرب وعصر الجاهلية الأخيرة
في وسط من عرب الشمال ، ومن نزل بينهم وتعلم لغتهم من عرب الجنوب ، على الحالة التي وجد عليها أولئك العرب جميعاً في القرن السادس الميلادي نشأ الأدب العربي وتم تكوين اللغة العربية . إلى هذه الحقيقة انتهينا في المقالة السابقة . والحالة التي وجد عليها أولئك العرب من أهل الشمال وأهل الجنوب معاً في هذا العصر الذي يسمى عصر الجاهلية الأخيرة ، لذا نحتاج إلى وصف خاص في نواحيها : السياسية والاجتماعية والأخلاقية والفنية والعقلية والدينية .
الحالة السياسية : ظهرت ثلاث دول أو دويلات وهي :
1. المناذرة : كانت البداية عندما قامت جمهرة من قبائل الجنوب وتسمى ( تنوخ ) في القرن الثالث الميلادي فحلت في شواطيء الفرات في العراق ، وتعاقب عليها عدد من الملوك ، حتى كان أول المناذرة عمرو بن عدي من بني لخم ، واتخذ من الحيرة عاصمة لملكه ، وظل ملوك المناذرة يتعاقبون على الحكم حتى الفتح الإسلامي سنة 633م وكانوا جميعاً داخلين في طاعة ملوك الفرس . ومن أشهر المناذرة النعمان الأول باني قصري الخورنق والسدير ، ثم المنذر الثالث الذي حكم في الشطر الأول من القرن السادس الميلادي . ومن ملوك المناذرة عمرو بن هند الذي قتله الشاعر الفارس عمرو بن كلثوم التغلبي الذي قال في مطلع معلقته :
أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبـرك اليقينـا
بأنا نورد الرايات بيضاً ونصدرهن حمراً قد روينا
ومنهم النعمان الثالث (أبو قابوس ممدوح النابغة الذبياني) .
وقد ازدهرت الحيرة بحضارة مرموقة ، تلاقت فيها المجوسية الفارسية والوثنية العربية والديانة المسيحية ، كانت الحيرة منزلاً لكثير من النصارى النساطرة ، وهؤلاء يسمون العبـّاد ، ومنهم الشاعر عدي بن زيد العبادي ( توفي 590م ) وهو شاعر جاهلي ، كان والده زيد متولي البريد في الحيرة من قبل كسرى أنو شروان ثم تولى الحيرة ، وتولى تربية النعمان أحد أولاد المنذر الرابع ، وكان زيد مجيداً للكتابة بالعربية والفارسية ، وعلم ابنه عدياً الكتابة بالعربية وعلمه الفارسية حتى حذقها نطقاَ وكتابة فجعله كسرى أنو شروان كاتباً له بالعربية في بلاط المدائن ، وأوفده في شأن من شؤون الدولة إلى قيصر الروم فزار القسطنطينية ومر بدمشق ، وبرع في لعب الفرس على الخيل بالصوالجة وأتقن الرمي بالنشاب . توفي والده ، وأحب هند بنت النعمان بن المنذر فتزوجها ، وسعى في تنصيب عمه النعمان العرش ونجح في ذلك لما له من نفوذ في بلاط المدائن ( النعمان الثالث أبو قابوس الذي قال فيه النابغة اعتذارياته) وسعى الوشاة من الحاسدين والمنافسين بين عدي وعمه بقولهم للنعمان : إن عدياً يتيه عليك ( يفخر ) ويقول إنه هو الذي صنعك ملكاً ، فغضب النعمان على صهره واعتقله وحبسه في الصنين وهو سجن أعده النعمان لمن تنزل عليه نقمته ، وعلم كسرى بسجن النعمان لعدي فأمر يإطلاق سراحه إلا أن النعمان عجل بقتله ، وكان لعدي ولد اسمه زيد ما لبث أن انتقم لأبيه من النعمان بأن دبر مكيدة دفعت كسرى أبرويز إلى طلب النعمان وطرحه تحت أرجل الفيلة لتدوسه وتقتله . على أن عدياً قضى اكثر المدة في السجن وهو ينظم الشعر ويبعث به إلى النعمان أو إلى أخويه يحثهما على إنقاذه ، ولم يكن عدي مأخوذاً بعظمة الملوك وهو يدري أن السابقين منهم قد بادوا كما يبيد الناس ، وأن اللاحقين منهم سيبيدون ، هذه لعمرك حكمة عدي والتي تهدف إلى الاتعاظ والتواضع ، وإلى ترك البطر والبغي ، لا ريب أنها حكمة اجتمعت لعدي ثمرة ثقافته وإيمانه بالمسيحية. وشعره لين سهل ، وقد ضمنه ألفاظاً فارسية مثل : دخدار بمعنى الثوب الجميل القشيب ، ومن هنا كان القدماء يقولون عن عدي : إنه في الشعراء بمنزلة سهيل في النجوم ، يعارضها ولا يجري مجراها . وتتجلى حكمته في القصيدة التالية التي نظمها في السجن وهي بعنوان ( الورق المتناثر في الريح ) :
ويقول العداة أودى عـدي وعدي بسخط رب أ سير
أيها الشامت المعبر بالدهــ ر أأنت المبرأ المـوفـور
أم لديك العهد الوثيق مـن الأيـ ـــام ؟ بل أنت جاهل مغرور
من رأيت المنون خلدن أم مـن ذا عليه من أن يضام خفير ؟
أين كسرى كسرى الملوك أنو شر وان أم أين قبله سابور ؟
وبنو الأصفر الكرام ملوك الـ وم لم يبـق منهـم مذكـور
وتذكر رب الخورنق إذ أشـــ ـرف يوماً وللهدى تبصير
سره حاله وكثرة ما يمــ ـلك والبحر معرضاَ والسدير
فارعوى قلبه فقال : وما غبـ ـطة حي إلى الممات يصيـر ؟
ثم صاروا كأنهم ورق جـ ـفّ فأ لوت به الصبا والدبور
ومن الحيرة تعلم العرب الكتابة حتى تعلمها أهل مكة قبل الإسلام .
2. الغساسنة : كان الغساسنة في طاعة البيزنطيين ، من أشهر ملوكهم الحارث بن جبلة ، حيث تولى الحكم سنة 529م ملكاً على جميع من سكن سوريا من العرب ، وكانت بينهم وبين المناذرة معارك طاحنة . وقصد الغساسنة عدد من شعراء العرب بينهم حسان بن ثابت والنابغة الذبياني الذي لجأ إلى أمراء الغساسنة فقربوه منهم ( بعد أن غضب عليه النعمان بن المنذر ملك الحيرة) وتوثقت صلته بعمرو بن الحارث ومدحه النابغة بقصائد رائعة ، منها هذه الأبيات :
كليني لهم ٍ يا أميمة ناصـب وليـل أقاسيـه بطيء الكواكـب
تطاول حتى قلت ليس بمنقضٍ وليس الذي يرعى النجـوم بـآئـب
وصدر أراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانب
عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة لـوالـده ليـسـت بـذات عـقــارب
وثقت له بالنصر إذ قيل : قد غزت كتائب من غسـان غيـر أشائـب
إذا ما غزوا بالجيش حلـّق فوقهم عصائب طير تهتـدي بعـصائـب
يصاحبنهم حتى يغرن مغارهمـ من الضاربات بالدمـاء ا لـدوارب
تراهن خلف القوم خـزراً عيونها جلوس الشيوخ في ثياب المرانب
لهـن عليهم عادة قـد عرفنها إذا عرض الخطـيّ فوق الكواثـب
على عارفات للطعان عوابـس بهـن كلـوم بيـن دام وجـالـــب
إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا إلى الموت إرقال الجـِمال المصاعب
فهـم يتساقـون المنيـة بينهــم بأيديهـم بيــض رقـاق المضـارب
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهــن فـلـول مـن قـراع الكتائــب
رقاق النعال طيـّب حجزاتهـم يحيـّون بالريحاـن يـوم السبـاســب
التعليق :
· أجاد الشاعر حين وصف الغساسنة بالكرم والشجاعة والإقدام وهي صفات أصيلة فيهم ، والنصر حليفهم وهو أمر مؤكد حتى أن أسراب الطير والجوارح تتبعهم أسرابا أسراباً ، لعلمها أنهم سيفتكون بأعدائهم ويتركون لها جثثهم طعاماً لها ، وهذا الحديث سبق النابغة غيره من الشعراء إلى الإجادة فيه ، ويصف خيولهم بأنها تعودت الحرب وعرفت فنونها .
· تحدث النابغة عن طول الليل بكناية لطيفة تصور قلقه واضطرابه فيقول : ليل بطيء الكواكب ، ويأتي بالاستعارة تدل على ضيقه بالنجوم فيقول : وليس الذي يرعى النجوم بآئب ويقصد به الصبح ،
· يمثل الشاعر همومه وقد أثارها الليل وجمعها في صدره ، برجل يجمع ماشيته المتباعدة ليعيدها إلى مرابطها آخر النهار ، وهي صورة علقت بذهنه من حياة الصحراء وهذا تأثر بالبيئة .
· استعان الشاعر بخياله وجاء بالكناية في قوله : خزراً عيونها عندما أراد الدلالة على أنها تحد بصرها . وفي قوله : إذا عرض الخطي فوق الكواثب ، ليصور استعدادهم للحرب ، وجاء بالكناية في فوله : رقاق النعال ليدل على نعمتهم وترفهم ، وهم طيّب حجزاتهم ، ليدل على عفتهم ونقاء أعراضهم ، ويقول : يحيون بالريحان يوم السباسب وهذا يدل على سيادتهم وشرفهم ، فالتحية بالريحان من عادات النصارى وهنا نلمس مظاهر النعمة ورسوم التحية ما لا نعلمه عند عامة العرب .
· استخدم التشبيه في قوله : جلوس الشيوخ في ثياب المرانب وفي قوله : أرقلوا إرقال المصاعب ، واستعمل الاستعارة في قوله : يتساقون المنية بينهم ، فقد جعل المنية كالكأس التي تدور في مجلس الشراب ليصور شجاعتهم وترحيبهم بالموت ، وكذلك في تشبيه المن والأذى بالعقارب السامة .
· أما قوله : لا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول .. فالبيت فيه براعة بيانية ، حيث أوهم السامع أنه يأتي بصفة ذم ، ولكنه فوجيء بصفة مدح أخرى وهي أن سيوفهم تثلمت من كثرة الطعن والضرب ،وهذا إنما جاء توكيداً لمدحهم بالشجاعة ، وهذا الأسلوب يسمى : تأكيد المدح بما يشبه الذم .
· ونرى مظاهر البيئة : العقارب والخطي والخيول والجِمال والسيوف والرماح والطيور والجوارح .
· ونرى في القصيدة انتقال الشاعر من غرض إلى آخر على عادة الشعراء الجاهليين دون مقدمات أو تمهيد حيث انتقل من من حديث الليل إلى الحديث عن فضل الممدوحين .
· في النص من قوة العبارة وجمال التصوير واستقصاء الفكرة ما يعطي صورة واضحة عن شاعرنا الذي لقب بالنابغة ، لنبوغه في الشعر بعد أن تقدمت به السن ، والذي اختير حكماً بين الشعراء في أسواقهم ( مثل عكاظ وغيرها ) ، اعترافاً بفضله ومكانته .
وكان آخر ملوك الغساسنة جبلة بن الأيهم الذي شهد فتح المسلمين لسوريا ، بلغ الغساسنة مبلغاً عظيماً في الحضارة فاق ما بلغه المناذرة في الحيرة .
مكة : لم تكن قبل القرن الخامس الميلادي سوى قرية قليلة الشأن ، نهضت حتى أصبحت في أواسط القرن السادس الميلادي أعظم مدن الجزيرة العربية كلها ، وذلك بسبب مركزها الديني والتجاري ، فقد كان العرب يحجون إلى الكعبة ( التي اجتمع فيها أصنام العرب واعظمها هبل ) في الأشهر الحرم ، وفي هذه الفترة كانوا يكفون عن الغزو والسلب والحرب وسفك الدماء ، فتزدهر أسواق الأدب والتبادل التجاري بين القبائل ، وبرع القرشيون في التجارة فهم يرحلون كل سنة : رحلة الشناء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام وهم آمنون على أموالهم وأرواحهم بقوة الغنى ، وبحرمة الدين مذ كان منهم حجّاب الكعبة وسدنتها ، وقد وثق القرآن هذا الكلام فقال تعالى ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) سورة قريش ، وتعلموا الكتابة واتسع جاههم فاقتنوا العبيد وظهرت فيهم الطبقات الاجتماعية وتعاطوا الربا الفاحش ، وأفردوا لهم ندوة يجتمعون فيها ويتشاورون ، وأنشأوا لواء للحرب .
حالتهم الاجتماعية : كان أكثر العرب بدواً وكانت القبيلة أساساً لمجتمعهم ، والتي كانت تقوم على رابطة الدم ، وترضى للغرباء الانتساب اليها بالولاء ، ولكل قبيلة رئيس أو سيد ويجتمع أهل القبيلة الواحدة عصبية لقبيلتهم وحمية وطاعة عمياء على نحو ما يتجلى في قول فارسهم دريد بن الصمة :
وهل أنا إلا من غزيـّة إن غوت غويت وإن ترشد غزيـّة أرشد
لأهل القبيلة حرص على أنسابها وتفاخر بها عظيم ، والفرد مسؤول عن قبيلته وهي مسؤولة عنه ، وإذا عظمت جرائم الفرد وأبت القبيلة أن تتحمل التبعة نبذته وتبرأت منه ، عندها يلجأ إلى قبيلة أخرى ينتسب إليها بالولاء ، فإن لم يجد أصبح من الصعاليك رزقه في حد سيفه وسنان رمحه ، وفي هذا يقول الشنفرى الشاعر الصعلوك في قصيدته ( لامية العرب ) يخاطب قومه :
ولي دونكم أهلون ، سيـد عملّس وأرقط زهلول وعرفاء جيـأل
هم الأهل لا مستودع السر ذائـع لديهم ولا الجاني بما جر يخذل
والمعنى لئن ضقتم بي ذرعاً فإن لي اهلاً غيركم : الذئب والنمر والضبع ، أولئك أهل لا يبوحون بسر صاحبهم إذا استودعهم سراً ، ولا يسلمونه للعقاب إذا جنى جناية وظاهر ما في هذا المعنى من نزعة فردية وتحد ٍ للقبيلة .
والقبائل يقتتلون لأبسط الأسباب من عشب وماء وماشية وطلب الثأر، يقول دريد بن الصمة :
يُغـار علينـا واتـريـن فيشتفـى بنا إن أُصبنا أو نُغير على وتر
قسمنا بذاك الدهر شطرين بيننا فما ينقضي إلا ونحن على شطر
وقد يصطرعون بينهم سنين طوال كحرب البسوس بين بكر وتغلب بعد مقتل كليب سيد تغلب وحرب السباق بين عيس وذبيان وتسمى القبائل حروبها أياماً وتغار القبائل على أعراضها وتعتبر القبيلة نساءها عنوان كرامتها وتتحمس جداً لأقوالهن وأناشيدهن وتجعلهن وراء المقاتلين لئلا يقعن في الأسر ، في أواخر العصر الجاهلي حوالي سنة 610م وقعت بين العرب والفرس معركة ذي قار وانتصر العرب فيها وقامت النساء بدور كبير في تحميس الرجال ينشدن :
نحن بنات طارق نمشي على النمارق مشي القُطّيّ البارق
المسك في المفارق والدر في المخانق إنْ تَهزموا نعانق
ونفرش النمارق أو تُهزموا نفارق فراق غير وامق ( وامق :كاره وغير محب)
عِرس المُوَلّي طالق والعار منه لاحق
وقد توأد لضيق ذات اليد ، وقد تسبى المرأة في غزو أو حرب .
حالتهم الأخلاقية : المروءة و الكرم وحسن معاملة الضيف والشجاعة والوفاء والحمية للأهل والقبيلة والغيرة على العرض وإباء الضيم مع الحِلم والصبر على الشدائد والاكتفاء باليسير من القوت والكساء ، يشربون الخمر ويفخرون بذلك وخير من يذكر أخلاق الجاهليين دريد بن الصمة ويرثي أخاه عبد الله الذي قتل في إحدى الغزوات ويصفه بالمروءة:
فإن يك عبد الله خلّى مكانه فلم يك وقّافـاً ولا طائـش اليـد
ولا برماً إذا الرياح تناوحـت برطب العضاه والهشيم المعضـد
قليل التشـكي للمصيبـات حافظ من اليوم أعقاب الأحاديث في غد
تراه خميص البطن والزاد حاضر عتـيد ويغدو في القميـص المقـدّد
وإن مسه الإقواء والجهد زاده سماحاً وإتلافاً لما كان في اليد
حالتهم في الفنون : كان الحداء وهو غناء فطري ينشّطون به أنفسهم على السير في الصحراء ، وكانت لهم بعض الآلات الموسيقية ومنها : العود ولم تخل حياتهم من الرقص . أما حالتهم العقلية : كانوا في الجملة أميين قليلي الحظ من المعرفة العلمية الثابتة إلا ما حصلوه بفطنتهم الحادة وطول اختبارهم ، أو وصل إليهم من علم من سبقهم أو من علوم الفرس والروم ، وأخذوا بأوليات الطب البشري والبيطري ، وأحاطوا بشيء من أحوال النجوم يستطلعون بها وجهات السير وما يهب من ريح وما يكون من مطر أو حرّ أو برد وألموا بأصول القيافة أي تتبع الأثر ، وعرفوا بعض أخبار صادقة في التاريخ والأنساب ، وكانوا يؤمنون بالخرافات ويعتقدون بالجن وصدّقوا الزجر وهو استدلال بأصوات الحيوان وحركاته على مستقبل الأمور ، وينقادون للكهان والعرافين . وأما حالتهم الدينية : فقد عرفوا الديانات الموحدة كاليهودية والمسيحية ، إلا أن غالبيتهم كانت على الوثنية ،فألهوا الأصنام وذبحوا لها الذبائح واستقسموا بالأزلام ( تسمى القداح وهي السهام التي يطلب بها معرفة الحظ عند الصنم ) وعبد بعضهم مظاهر الطبيعة مثل : حيوان يسمى يعوق وهو صنم على هيئة الخيل وشجرة تسمى ذات أنواط ، كما اتخذوا إلهاً للقمر اسمه ودّ ، وهبل وهو أشهر أصنامهم ، والعزى وهي كوكب الزهرة وكانت معبوداً لقريش ، ومناة الهة المصير الإنساني واللات اسم لصنم ، والجدير بالذكر أنه ما كان لوثنيتهم أثر في أدبهم إلا بالقدر الزهيد جداً ، إلا بعض القصائد التي تنسب إليهم في استسقاء المطر والحديث عن فكرة الدهر ، ولكن الإسلام عفى على ما كان في أدبهم من أثر الوثنية .
وختاماً : نستطيع القول : إن ما نقل إلينا من الشعر الجاهلي أكثر مما نقل من نثرهم ، لأن الشعر أسهل حفظاً من النثر لما فيه من موسيقى الوزن والقافية ، لذا اعتبر الشعر سجلاً لحياتهم ومرجعاً من مراجع تاريخهم ، وأن الدارس للشعلا الجاهلي يجد بين يديه حياة العرب مرسومة علة لوحته الرائعة حتى ليخيل إليه أنه يعبش بين هؤلاء القوم ويرى ما يرون .
You must be logged in to post a comment.