هذه القصة التي سأرويها على مسامع و أعين القراء و المتلقين هي من الحكايات القصيرة العربية لا أدري إن كانت حقا واقعية أم مجرد تخييل حكاه بغض الناس؛ لكن ما يهمنا ليس هو كون القصة حقيقة و واقعية أم مجرد خيال و وهم ؛ سأناقش فيها مبدأ أو خاصية يجب التحلي عليها لمجابهة الأيام القاسية و الأشخاص القساة الذين نراهم في حياتنا كل يوم؛ فكما هو معلوم الحياة ليست جنة بل هي اختبار وضع الله تعالى عز وجل لنا ليبلونا و من خلال صبر الإنسان فيها و اتباعه الحق يدخله الله الجنة برحمته؛ القصة هي لولد يتيم مات والده وهو غلام صغير بعد ما كان له فقط والده حيت إن والدته ماتت وهي في المخاض تلده؛ فعاش ذلك الطفل اليتيم مشردا بين المقربين من والديه منهم من يستقبله لساعات ثم يطرده بسبب تافه لا يجاوز أن يكون كسره لكأس عن غير قصد ؛ يخرج الولد للشارع عوص أن يكون في المدرسة مثل أقرانه من الأطفال لكن لم يتجرأ أي من ذاك المجتمع على أن يكفل ذلك اليتيم إلا محطة الحافلات هي التي تحتضنه في كل مساء ليبيت فيها؛ في تلك المحطة هنالك حلاق مغرور يدعي أنه بارع في كل شيء ؛ يسرد قصصا خيالية عن بطولاته الوهمية لكل من يحلق شعره عنده حتى يسيطر النعاس على كل من يجلس في كرسي الحلاقة من كثرة الأكاذيب التي يحكيها الحلاق؛ فسار الولد من المحطة على الرصيف و نظرات الناس ترمقه منهم من يتعاطف معه و يسرها في نفسه؛ ومنهم من ينظر إليه باحتقار من لباسه المتسخ و المتهالك؛ حتى وقع نظر الولد على محل الحلاق فدخل يطلب شيءا من المال فقال له الحلاق متهكما هل تريد درهما أم نصف درهم؛ فأجاب اليتيم أريد نصف درهم فقط؛ فضحك الحلاق بقهقهة وناوله نصف درهم وانصرف الولد؛ لكن مساعد ذلك الحلاق بقي متعجبا من اختيار الولد لنصف درهم عوض درهم ؛ فجاء الولد مرة أخرى في اليوم الموالي عند الحلاق ليخيره الحلاق بين درهم و عشرة دراهم فاختار درهما واحدا فصاح الحلاق مقهقها أمام الزبناء "ألم أقل لكم بأنه ولد غبي لقد ترك عشرة دراهم و اختار دورهما" انصرف اليتيم و معه الدرهم فاشترى بها مايسد رمقه من الجوع فتعجب أحد الزبناء الذي سيأتي هو الآخر ليشاهد في اليوم الموالي اليتيم يختار درهما ؛ وكما العادة اليوم التالي جاء الولد و خيره الحلاق بين درهم و عشرة دراهم فاختار درهما فضحك الجميع إلا ذلك الزبون الذي جاء يراقب من بعيد؛ فقام من مقعده وخرج ليتبع الولد اليتيم و يسأله قائلا: لما اخترت درهما عوض عشرة دراهم هل أنت فعلا غبي كما يدعي الحلاق؟ فأجاب اليتيم بثقة في النفس "إذا اخترت العشرة دراهم ستنتهي اللعبة "؛ فقال الزبون متعجبا ما أذكاك يا ولد و ما اغبى الحلاق!
- العبرة من القصة هي أنه الغباء في بعض الأحيان يكون حيلة ذكية لاستدراج من يحتقرك أو من يريد بك شرا أو حتى من يستهزء بك.
مقال جميل أتمنى لك حضا موفقا
You must be logged in to post a comment.