تداعيات مريرة للتجارب النووية الفرنسية فى الجزائر بعد مرور أكثر من 60 عامًا

بعد عقود من التجربة النووية الفرنسية الأولى في الجزائر، ما زال آلاف الضحايا ينتظرون تعويضات من الحكومة الفرنسية، ولا زالت فرنسا تتباطأ في هذه القضية، ففى أولى التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية - بالقرب من الحدود الجزائرية مع موريتانيا- في 13 فبراير 1960، والتى حضرها حشد من الجنود والمسؤولين رفيعي المستوى، لم تسير الأمور كما هو مخطط لها بالضبط، فبدلاً من احتوائها تحت الأرض، حدث تسرب للغبار إلى الغلاف الجوي، ويعتقد الخبراء منذ فترة طويلة أن أكثر من ثلاثة عقود من التجارب النووية قد تكون خلفت العديد من الضحايا، أولاً في الجزائر، ثم في بولينيزيا الفرنسية حيث تم إجراء الجزء الأكبر من التجارب.

لكن حتى الآن لم يتم تعويض سوى المئات، من بينهم جزائري واحد فقط، والتداعيات التي لم يتم حلها لهذه الانفجارات النووية قد أدت أيضًا إلى توترات طويلة الأمد بين فرنسا ومستعمرتها السابقة الجزائر، وتعتبر هذه التجارب النووية جزء من قضية إنهاء الاستعمار برمتها، ويطالب الجزائريون بالاعتراف الفرنسي بالجرائم المرتكبة كونها كانت قوة استعمارية، وهذا الاعتراف بالنسبة لفرنسا قد يعني تعويضات مالية بملايين اليورو.

إجمالاً، فجرت فرنسا أكثر من 200 قنبلة نووية، كان معظمهم في جزر مرجانية نائية في بولينيزيا الفرنسية، لكن أول 17تجربة  كانت في صحراء الجزائر، وفي عام 1996 دعا الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) إلى وقف الاختبارات.

وفي الجزائر لا تزال مواقع الاختبار ملوثة كما يقول النشطاء، والعديد منها محاط بالأسلاك الشائكة فقط في أحسن الأحوال، وقال الفيزيائي الفرنسي المتقاعد (رولان ديسبوردس) -الرئيس السابق والمتحدث الآن باسم CRIIRAD، وهي مجموعة بحثية فرنسية مستقلة حول السلامة الذرية- الذي زار المواقع: "رأيت مستويات إشعاع تنبعث من المعادن والصخور المزججة بفعل حرارة القنابل الهائلة، هذه ليست مواقع مدفونة في زاوية الصحراء، وكثيرا ما يزورها البدو الجزائريون الذين يستعيدون النحاس والمعادن الأخرى من المخلفات"، وفى بولينيزيا الفرنسية أيضا تم الكشف عن مستويات إشعاع عالية، و لاحظت الأمهات تساقط شعر أطفالهن ومرضهن بدون سبب واضح.

ويزعم (رولان ديسبوردس) أن الجيش الفرنسي لديه معلومات سرية رئيسية حول الاختبارات التي لن يفتحها للتدقيق العام، بما في ذلك الآثار الصحية والبيئية للانفجارات، لكنه يعتقد أن السلطات الجزائرية تتحمل بعض اللوم، وقال: "في كل ذكرى سنوية يتحدثون عن عدم نجاح هذه التجارب النووية، لكن الأمر متروك لهم أيضًا لإغلاق هذه المواقع لضمان عدم تمكن أي شخص من الوصول إليها".

وتشير التقارير إلى أن الاختبارات تركت ندبة لا تمحى على المجتمعات المحلية، فالأهالى غير المدركين للخطر، قاموا بجمع الخردة المعدنية المدفونة التي كشفتها رياح الصحراء، وقاموا بتحويلها إلى مجوهرات وأدوات مطبخ.

إجمالاً، تأثر ما بين 27000 إلى 60000 شخص من المجتمعات المحيطة بمواقع الاختبارات، وفقًا تقديرات فرنسية وجزائرية مختلفة، ولكن من بين أكثر من 1600 مطالبة تم تقديمها بموجب قانون التعويضات الفرنسي الذي مضى عليه عقد من الزمن والذي أقر أخيرًا بحدوث مشاكل صحية بسبب الاختبارات، جاءت 51 مطالبة فقط من الجزائر، وفقًا للجنة التعويضات النووية الفرنسية CIVEN، ومن بين المعايير التى يتطلبها القانون، إثبات حد أدنى من التعرض لاختبارات الأسلحة، ويحدد قائمة بـ 23 نوعًا من السرطانات المؤهلة للحصول على تعويض.

المصدر: www.bbc.com

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
مايو ٢٠, ٢٠٢١, ١:٢٥ ص - آلاء عرب
أكتوبر ١٠, ٢٠٢٠, ٩:٠٩ م - khateeb Abdel Sabour Elzaky
سبتمبر ٢٢, ٢٠٢٠, ٣:٣١ ص - Mohammad Aburomman
سبتمبر ١١, ٢٠٢٠, ٤:٠٣ ص - Eman hiary
About Author