رياح باردة ، الفصل الأول

البِداية 

 

صوت إرتطام قطراتِ المطر يملأ جُنبات الحُجرة الصغيرة حيث يسّتلقي شابٌ في عقده الثَاني واضعاً كلتا يديه على وجهه , سُرعان ما إعتدل عِندما سمع وقعّ خطواتٍ تقترب فـ أخرج مُسدسه بـ عجل

- جيمي!!  

صوت ذكوري مَألوف هتف مُنادياً بينما يَطرقُ البابَ بِـ عنف , نهض بـ صعوبه قبل ان يهتف بـ تعب:

 

- المِفتاح في التربه! 

اعاد خُصلات شعره الشقراء مُريحاً جسده على السرير الصدئ والذي بِـ الكاد يحتملُ جسده النحيل , اندفع نحو الداخلِ شاب بـ شعر أسود وعينان رماديتان 

- هل انت بخير؟ , لم تعد بعد تلك المُهمه!

بـ قلق تحدث في حين اكتفى الاخر بـ تتبع حركاته دون ان ينطق بـ حرف واحد حاول الجلوس لكن نوبه ألم حادة حالت دون ذلك

- جيم!!

صاح بـ هلع لكن الاخر رفع يده مُشيراً له بـ الهدوء 

- انها إصابه بسيطة , لم يكن قتله سهلاً هل تلقيتَ النقود؟!

- اجل , أرسلتها الى عائلتك 

إنطبعت ابتسامة باهته على وجه جيمي وهو يُشير لـ صديقه بـ التقدم , إقترب الاخر بـ هدوء و قلق لكن الدهشه ألجمته عِندما إتكأ عليه لـ ينهض

- كين , اياكّ ان تتحدث انا بخير!

بـ شيء من الحِدة تحدث لـ يبتلع الاخر كلماته ويكتفي بـ إطلاق تنهيدة يائسة اما جيمي فما ان لامس جسده الأريكة حتى تأوه بِـ شدة , ورغم ذلك منع كين مِن معالجته.

- سمعتُ ان دواء الفوتا قد إرتفع سِعره!! , اعتقد انهم يحاولون التخلص من سلالتكم؟!

بـ شيء من الجدية تحدث كين لـ يومئ جيمي بـ رأسه مُحدقاً بـ ساعته وقد قطب حاجبيه:

- اجل انهم يريدون ذلك , كما تعلم عائلتنا حكمت البلاد بـ سفك الدماء حتى إنتشر في اوساطهم مرضٌ سمي بـ لعنه فوتا , ليس بـ المرض المعدي لكنه يفتك بـ سلاله فوتا فقط!!

كوم قبضته بـ غضب لم يسبق ان نجى اي شخص مِن تلك اللعنة لذا سقطت البِلاد على يد الحاكم الحالي ومنذ تلك اللحظة وهو يحاول القضاء على كل ناجٍ من عائلتهم 

- كين , ماذا سـ يحدث لو أصبتُ انا بـ اللعنة؟

ارتسم الفزع على ملامح وجه كين و انتفض بـ عجل شاداً كتفيه قائلاً بـ نبرة مُهتزة:

- انت تمزح!! محال ان يكون انت؟!

- رويدك , انني امازحك لاغير!

 

بـ ابتسامة باهته تحدث جيمي مُربتاً على يد زميله الذي عاد لـ مقعده مُطلقاً تنهيدة مُرتاحه , اما الاخر فـ الألم إعتصر قلبه قاضماً شفته بـ غيظ رغم عيشه تحت إسم باركر الى ان دماء الفوتا تجري في عروقه وهذا ما لا يستطيع انكاره!

 

- أخبر توبي ان يُجهز لي الاوراق , لـ طالما اردت ان اصبح معلم 

حدق به كين لـ برهه ثم نهض هاتفاً:

- معلم؟! , اانت جاد؟ 

- كان هذا حلمي , لكن ابي دفعني لـ طريق اسلافنا رغماً عني!

خرج كِين بـ هدوء ليغمض جيمي عيناه بـ مرارة داس على كل طموحاته ليحقق رغبات والده المُتركزه في استرداد البِلاد مهما كانت الأساليب المُتبعه , اراح رأسه مُطلقاً تنهيدة يائسه.

...

 

وفي ذلك القصر الفاخر الكبير تجري طِفله في عامها السادس وهي تَرفع فُستانها بـ ذعر , إختبأت تحت أحد الأسِرة تُحاول ضبطَ انفاسها السريعة 

- اين ذهبت تلك الحقيرة؟!..ذات الرأس الأحمر؟! 

صوت انثوي حاد صدحَ في ارجاء القصر الفارغ أغمضتّ الصغيرة عيناها بـ خوف , وهي ترى مربيتها البدينة تقترب علا صوت انفاسها و تجمعتّ الدموع في عينيها الزُمرديتان 

- آنستي!!..السيد الشاب هنا..

بـ عجل هتفت الخادمة الشابه وهي تُحاول إلتقاط انفاسها لـ تقضم المعنية شفتها بـ غيظ

- نجت تلك الطفلة اللعينة!

بـ انزعاج هتفت وهي ترفع شعرها الأشيب , فـ مطاردة الصغيرة اتلفت مظهرها المُرتب إتجهتّ بـ خطى واثقة نحو الباب و انحنت بـ احترام:

- اهلاً بـ عودتك سيدي  

- رين صغيرتي , اين انتِ عمكِ هنا

تجاهلها تماماً وانشغل بـ نداء الصغيرة والتي جرت بـ عجل نحو احضان عمها الذي حملها ضاحكاً

- سيدي , لا يصح ذلك انها..

- انها ابنه اخي ولا خطأ في ذلك

كانت نبرة صوته جافه ما جعلها تبتلع لعابها بـ خوف , اذ بدا مشابهاً لـ سيد القصر المُرعب اطلقت تنهيدة مُرتاحه فـ والد رين ترك القصر مُنذ اعوام ولم يعد 

- سمعتُ انكِ سـ تلتحقين بـ مدرسة العاصمة؟ هذا رائع حقا

- انا متحمسة كثيراً لذلك عمي 

انطبعت ابتسامة حزينه على ملامحه و بعثر خُصلات شعرها بـ هدوء , غياب شقيقه الأصغر طال كثيراً ورغم انه لا يجيب على الرسائل لكنه مُستمر في إرسال المال لـ ابنته 

" تباً لك جيمي"

همس بـ انزعاج وهو يشاهد السماء الرماديه قبل ان يقف بـ حماس هاتفاً:

- رين..ما رأيكِ ان نتسوق؟ سمعتُ ان متجراً جديداً قد افتتح 

التمعت عيناها بـ حماس لكنه سرعان ما إنطفأ وحل مكانه عبوس شديد جعل لاري في حيرة من امره 

- مالامر صغيرتي؟

- هل سـ تسمح السيدة آنا؟ 

اتسعت اعينه بـ صدمة و امسك كتفيها هاتفاً:

- السيدة آنا؟؟..لا يجب على آنسه نبيله مناداة خادمة بـ السيدة!! تذكري انتِ من عائله باركر! 

لم تنطق بـ كلمة اما هو فـ تلفت في أرجاء حُجرتها لا يوجد ما يدل على ان هناك من يعتني بها , كوم قبضته بـ سخط كل هذه ثِمار افعال شقيقه المُهمل

- استدعي جميع من في القصر!! 

بـ حدة هتف وهو يجلس على الأريكة واضعاً رين على فخذه لم تكن الا ثوانِ حتى حضر الجميع 

- من هذه الطِفله؟

بـ نبرة جافه تحدثّ لـ تسري رعشه في اوصال آنا , كان لاري شبيهاً بـ شقيقه بل وكأنهما الشخص ذاته! 

- انها.. الآنسة رين باركر 

بـ تردد تحدثت إحدى الخادمات لـ ينتصب واقفاً ويتجه نحوهم بـ خطى ثقيلة

- بـ الطبع..انها الآنسه رين الابنه الوحيدة لـ جيمي سيد هذا القصر!! , اي اهمال تجاهها يعتبر اساءة في حق عائلة الدوق باركر!

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٨ ص - عاهد الزبادي
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٠ م - Mohamad Choukair
ديسمبر ٩, ٢٠٢١, ٣:٣٢ م - بلقيس محمد
نوفمبر ٢٥, ٢٠٢١, ٤:٥٨ م - وريد فواز
About Author

كاتبة روائيات