لماذا سمي حي درب المهابيل بهذا الاسم وما علاقته بمشروب البوظة الشهير؟

الأسرار التاريخية لتسمية حي درب المهابيل بهذا الاسم وعلاقته بمشروب البوظة الشهير

"درب المهابيل" هو اسم لفيلم سينمائي كتب قصته الروائي المبدع الأستاذ نجيب محفوظ الذي كان يبجر في أعماق الشخصية المصرية في الحارات والشوارع ويرصدها بكل إتقان.

واسم "درب المهابيل" اسم لحي شهير من أعماق أحياء القاهرة القديمة التي لها جذور تاريخية عميقة ولها حكايات وأسرار تاريخية عريقة عراقة هذه المدينة, ويقع في بين شارع محمد على وشارع عبد العزيز, ولذا فهو حي شعبى يتبع قسم عابدين إداريا وجغرافياً يتبع قسم الموسكى بمنطقة العتبة

ليكون بهذا من اعرق أحياء المدينة.

ولتسمية هذا الحي بهذا الاسم الغريب حكاية تعبر عن الشخصية المصرية الراسخة في وجدان هذا الشعب وتعبر أيضا عن نظرته وتقييمه لكل الأمور من حوله.

وبداية نتحدث عن المعنى اللغوي للاسم, فالاسم ينقسم إلى كلمتين, كلمة "درب" وكلمة "المهابيل ".

فكلمة درب معناها: طريق, وفي الأمثال العربية " من سار على الدرب وصل" ومعناه أن كل من سار على اطريق الصحيح وصل إلى غايته مهما بعدت مسافته أو قلت سرعته, فالمهم ان تحدد اتجاهك الصحيح ولا تحيد عنه وستصل إلى غايتك بإذن الله.

وكلمة "مهابيل" كلمة عربية فصيحة وهي جمع كلمة "مهبول", والمهبول هو المجنون أو المعتوه أو السفيه أي فقد العقل أو التمييز أو حتى فقد القدرة على التصرفات السوية الصحيحة, ولا زالت هذه الكلمة تستخدم في العامية المصرية بنفس المعنى, فيقال للرجل كلمة أهبل ويقال للمرأة كلمة هبلة وتستخدم كلمة الهبل لأي شئ غير منطقي أو غير معقول .

وقد تضرر بعض سكان الحي من التسمية فأحبوا تغييرها فتم تغييرها رسميا إلى "درب المناصرة" عام 1951 ولكن لا يزال الناس حتى اليوم يعرفون الحي بالاسم القديم والشهير له ولا يستخدمون الاسم الجديد إلا في المعاملات الرسمية فقط وخاصة أن الألقاب تفقد القدرة على الترجمة الذهنية للمعنى بطول الاستخدام.

وأسباب إطلاق هذه التسمية عل هذا الحي كثيرة منها :

1-      فأول هذه الأسباب كما يروي بعض سكان هذا الحي أن هناك تشريفة عسكرية كان تمر من هذا المكان دائما في العصور الملكية السابقة وكان الجنود يأتون بحركات غريبة من رفع أيديهم وخفضها أثناء مرور الوالي, فكان الناس يستغربون تصرفاتهم تلك ويعتبرونهم مهابيل فسمي هذا الطريق بدرب المهابيل نسبة لهم.

2-      بينما يقول سكان آخرون أن احد الباشوات السابقين كان يسكن بقصره وكان مطلا على هذا الحي, وكانت تقام في الحي حفلات زار وهي الحفلات التي كانت تدق فيها الطبول بعنف وبنغمة واحدة مترددة دائمة تسمح للحاضرين وخصوصا للنساء بالتمايل والتراقص على غير نظام وكانوا يعتبرون أن حفلات الزار تقام لإخراج الجن الذي يتلبس الإنسان, ولذا كانت حركاتهم جنونية لا نظام لها, فقال الباشا هذا عندما رآهم يرقصون بجنونك " ايه الناس المهابيل دي" فتناقلها الناس وأطلق على الحي درب المهابيل

3-      ويرجح كثيرون السبب الثالث, وهو أن سبب إطلاق هذا الاسم نتيجة لكثرة وجود محال بيع وشرب البوظة في هذا الحي, فكان الناس يشربون البوظة ويسكرون ويتمايلون وهو يمشون سكارى فأطلق الناس على هذا الطريق درب المهابيل لذلك .

والبوظة مشروب أصله تركي وهو منتشر في العالم العربي كله ويقدم مثلجا وخاصة في فصل الصيف, وهو ليس مسكرا إذا قدم بعد وقت قليل من تحضيره, ولكن إذا أضيفت إليه الخميرة وترك لفترة فانه يتحول كأي عصير إلى شراب مسكر, ولذا كان يعتبر في هذه الفترة خمر الفقراء الذين لا يمتلكون المال الكافي لشرب المشروبات الأخرى, وكثير من الناس كانوا يشربونه وهم لا يدركون حرمته بعد تخمره.

 

وهكذا نجد أن المصري الأصيل في الحارات الشعبية كان يتم الوقار في هيئته ومشيته وكل طرق تعامله, وفي المقابل يعتبر الانتقاص من الوقار سواء كان في تشريفة أو في زار أو نتيجة لشرب البوظة المسكرة أنواعا من الهبل, ولم يكن يحترمها ولا يحترم فاعليها ويطلق عليهم الألقاب الساخرة مثل أكثر الألفاظ سخرية وهو لفظ المهابيل.

اشكر لك قراءتك للموضوع وأعدك بالمزيد بإذن الله عن أسباب تسمية الشوارع والحارات في المدن والقرى المصرية.

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles