يقول علماء النفس المعاصرون أن الحكمة: "تنطوي على تكامل المعرفة والخبرة والفهم العميق الذي يدمج التسامح مع عدم اليقين في الحياة وكذلك تقلباتها، حيث إنّ هنالك وعي بكيفية سير الأمور بمرور الوقت، وهذا يمنح إحساسًا بالتوازن والاستقامة".
يجب على المرء أن يظهر المعرفة والفهم والصبر والاعتدال في كل شيء عند محاولة الوصول إلى الحكمة، في عصرنا الحالي، عندما نتفاعل مع الحد الأدنى من المعرفة وعدم الفهم، وغالبًا ما نذهب إلى التطرف والتمييز، فإنّ الحكمة لا تُقدَّر كثيرًا ويمكن تواجدها بشكل قليل ونادر.
عندما نتعرض للهجوم بإهانات شخصية أو حتى نواجه إهانات حول إيماننا واعتقاداتنا؛ يمكن أن تكون هذه لحظة حاسمة لامتلاك الحكمة! إنّه أصعب وقت للحصول على الحكمة، ويمكن القول بأنّ كثيرٌ من الناس فشلوا في هذا الاختبار مرات عديدة فيشعرهم هذا بالخجل من القول للآخرين.
لكن يمكننا دائمًا أن نتوجّه إلى القدوة العظيمة؛ الرسول (صلى الله عليه وسلم) ونحاول الاقتداء به بشكل أفضل، حيث كانت إحدى القصص التي يحتفظ بها الكثيرون؛ عندما وُجّهت انتقادات قاسية إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وقتما زار قرية الطائف لدعوة سكانها إلى الإسلام، حيث لم يكتف أهل الطائف برفضه وطرده من بلدتهم، بل أهانوه برشقه بالحجارة، مما جعله ينزف! على هذا الإذلال الذي تلقّاه النبي (صلى الله عليه وسلم)، جاء إليه الملاك جبريل وقال:
"لقد سمع الله ما يقوله لك قومك وكيف يرفضونك، لقد أمر ملائكة الجبال أن يطيعوا ما تأمرهم به ".
فناداه ملاك الجبال وسلَّم عليه وقال:
"أرسل لي لأفعل ما يحلو لك، إذا شئت فسأطحنهم بين جبلي مكة ".
أجاب النبي (صلى الله عليه وسلم):
"بل أرجو أن يخرج الله من صلبهم؛ من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا". (أخرجه البخاري)
الحكمة في هذه الحالة هي الرحمة، والتخلي عن الأنا، والحفاظ على الصورة الأكبر في الاعتبار، فهذا الموقف مليءٌ بالدهشة تمامًا، وتُظهر لنا قوة الرسول صلى الله عليه وسلم واستعداده التام للصبر على الناس الذين كانوا يهاجمونه على أمل أن يعبد أبناؤهم الله سبحانه وتعالى في يوم من الأيام.
You must be logged in to post a comment.