عادة، أصبحت تلازم غالبيتنا يوميا وبالأخص كل صباح، شرب القهوة أصبح بمثابة الحل الأسرع والمثالي لطرد النعاس وتحسين المزاج وحتى للتخلص من الصداع !!! لتقف القهوة اليوم في الوسط بين فئة تشجع على استهلاكها وأخرى تحذر من مخاطرها كونها تسبب الإدمان.
كما سماها الكثيرون بأيقونة الصباح، العشق الأسمر وغيرها من أسماء الغزل، ليس هذا فقط، فللقهوة نصيب من كلمات الشعراء والكتاب اللذين قاموا بتخليدها من خلال العديد من القصائد، فوصفها الشاعر نزار قباني في قصيدته: ” القهوة هي عجوز معمرة لها أحفاد بررة يقبلونها كل صباح ومساء. وأنا أكثرهم برا بها “، محمود درويش كان له أسلوبه للتغزل بمعشوقته قائلا: ” القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأني والوحيد الذي تقف فيه وحدك مع ماء تختاره بكسل وعزلة في سلام مبتكر مع النفس والأشياء.”
ترتبط القهوة بالعديد من المواقف والمشاعر كالحب، العزلة، الهدوء والفخامة. يربطها الكثير بممارسات معينة كقراءة كتاب وسكون الليالي الباردة من الشتاء وغيره، أجدادنا وآباءنا كان لهم أيضا قصص مع عشق القهوة حتى أنهم ألفوا أمثالا شعبية كانت ولا تزال تستخدم إلى يومنا هذا، فيقال:
” قهوتكم مشروبة “وهي كناية عن عبارة شكر تقال في معرض رفض مهذب لفنجان قهوة يعرض على الضيف. وقيل: “القهوة حماصها لطيف ودقاقها خفيف و شرابها كيف”، فالقهوة بالنسبة لمجتمعاتنا العربية تعد من أهم تقاليد الضيافة على مدار قرون عدة طبعا تختلف طرق تحضيرها باختلاف التقاليد والتراث وكذا عادات المنطقة، باختلاف أنواعها عربية كانت، تركية أو أمريكية فجميعها تحتوي على نسبة من الكافيين الذي يصنف من زمرة المنبهات التي تدعى ميثل كزانثين، الذي يسبب الإدمان على شربها، ويتم تعريف الشخص المفرط في شرب القهوة بأنه الشخص الذي يتناول أكثر من 300 ملغ من الكافيين يوميا، ويؤدي هذا الإفراط إلى القلق، التهيج، الأرق والشعور بالإعياء.
لكن وبالرغم من سلبياتها إلا أن آخر دراسة للدكتور روبين بول (باحث في جامعة ساوثهامبتون البريطانية) تشير إلى أنه ثمة علاقة إيجابية بين تناول القهوة وصحة الكبد، إذ أن الخطر يقل لدى الأشخاص الذين يتناولون القهوة بانتظام أي من ثلاثة إلى أربعة أكواب يوميا، ونتج عن ذلك انخفاض فمعدل خطر الوفاة أو الإصابة بأمراض القلب إذ لم تسجل أضرار بعد شرب القهوة بالكميات المذكورة. كما ارتبط شرب القهوة أيضا وفق ذات الدراسة بانخفاض خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري ومتلازمة التمثيل الغذائي والحصوات المرارية وحصوات الكلى.
كما أنه مرتبط بانخفاض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان والاكتئاب ومرض الزهايمر لكن مرض الكبد يتمتع بفائدة أكبر وفق ما ذكره الدكتور روبين بول، وأكد في السياق ذاته على وجوب تفسير كافة النتائج السابقة للدراسة بحذر، إذ تأسست الدلائل على نتائج الأبحاث القائمة على الملاحظة وبالتالي لا يمكن توظيفها لتشجيع الناس على البدء في شرب القهوة أو زيادة تناولها.
هنا السؤال الذي يطرح نفسه عند العديد من الناس، أنا أستمتع فقط عند شربي للقهوة، ما السبيل الآن وسط الخلاف القائم بين نفعها وضررها للصحة هل يجب العزوف عن تناولها؟، دونالد هِنسرود -المدير الطبي لبرنامج’ حياة صحية ‘التابع للمجموعة الطبية’ مايو كلينيك‘-يجيب عن هذا التساؤل قائلًا:’’ بالطبع لا؛ فنحن نحتاج إلى الاستمتاع بالحياة، وإذا كنت تستمتع بشرب الشاي، فاستمر في الاستمتاع به. إن كل هذه الأشياء مفيدة؛ فهناك فوائد صحية للقهوة والشاي الأسود والشاي الأخضر‘‘.
إلا أن هِنسرود يشير إلى أن هناك بعض المشكلات المرتبطة بالجرعات الكبيرة من الكافيين كما ذكر سابقا عن دراسة الدكتور روبين بول؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لكمية الكافيين الموجودة في أكثر من فنجانين من القهوة يوميًّا أن تتداخل مع الحمل وأن تزيد من احتمال التعرض للإجهاض. ويضيف هِنسرود أنه نظرًا إلى أن معدل استقلاب الكافيين يختلف من شخص إلى آخر، فإن أولئك الذين يعانون من انخفاض معدل الاستقلاب ربما يكونون أكثر عرضةً لآثار جانبية مثل حرقان فم المعدة، والأرق، وخفقان القلب، وحدة الطبع.
خلاصة الأمر؟ ربما تكون عاداتك الاستهلاكية مقبولة فيما يتعلق بالقهوة، وربما تكون لها بعض المنافع أيضًا. ولكن إذا حدثت لك آثار جانبية بسبب القهوة، مثل حرقة المعدة أو العصبية أو الأرق، ففكر في تقليل الكمية التي تتناولها واستمتع دون أن تسبب ضررا لنفسك كما قيل: ” إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده “
You must be logged in to post a comment.