الإسهامات العلمية لدافنشي

لقيت إنجازات دافنشي في مجال الرسم والنحت والأدب والموسيقى والفنون العسكرية والاختراع والهندسة اهتماماً كبيراً، علاوة على أن دافنشي قد ساهم بشكل كبير في مجالات متعددة من العلم، خاصة في أواخر علومه. ولكنه كان نادراً ما يقوم بإنهاء أي من الدراسات والأبحاث التي كان يقوم بها. كما أنه قام بتدوين عدد قليل من الاكتشافات التي قام بها وثائق، بالإضافة إلى أن عدداً كبيراً من الأفكار التي قدمها كانت مجرد تأملات ولم توجد الأدلة التي تثبت صحتها في وقته. ولكنه أدرك الكثير من المبادئ المهمة التي تعد بمثابة الأساس الذي قامت عليه مجالات العلم كافة.

كان علم الجيولوجيا من العلوم التي قدم فيها دافنشي الكثير من الإنجازات، ففي أثناء عمله كمهندس قدم بعض الملاحظات حول الهيكل الطبقي للصخور في شمال إيطاليا واستنتج أن الصخور قد تراكمت طبقة تلو الأخرى على مدار السنين وأن الصخور الأقدم هي التي توجد في القاع. هذه الملاحظات هي الأساس التي قام عليه قانون تعاقب الطبقات الذي وضعه العالم نيقولاس ستينو بعد مرور قرن من الزمان (1667).

لاحظ ليوناردو أيضاً أنه يمكن التعرف على الصخور وتتبعها من مسافات بعيدة نم خلال الحفريات المميزة التي توجد على طبقات الصخور المتنوعة. وبعد مرور 300 عام انطلق العالم وليم سميث (1799) من هذه الفكرة لكي يضع مبادئ علم الطبقات والتخطيط الجيولوجي الحديث. وكان ليوناردو يعتقد أن الحفريات من أمثال القشور هي بمثابة بقايا لكائنات حية، ويمكن لهذه الحفريات أن توضح التاريخ الذي مر به كوكب الأرض.

اشتملت كتاباته على مراجع لاستخدام المرايا والعدسات لتقديم صور مكبرة للكواكب. وسواء قام دافنشي باستخدام التيليسكوب أم لا، فإنه توصل إلى عدد من الحقائق المهمة، فقد توصل مثلاً إلى أن السبب وراء لمعان وإضاءة القمر ليس القمر نفسه، بل الضوء الذي تعكسه الشمس. فعندما يتكون قمر جديد، يقوم الضوء الذي ينعكس من الأرض بإضاءة الجزء غير المضيء من القمر. كما أنه توصل إلى حقيقة طالما كانت محل جدل وهي دوران الأرض حول الشمس، وليس العكس، وأن الأرض عبارة عن كوكب مثله مثل الكواكب الخمسة الأخرى التي تم التعرف عليها في هذه الفترة.

بالنسبة لفنان ونحات مثل ليوناردو كان استيعاب الطريقة التي تم بها بناء جسم الإنسان أمراً في غاية الأهمية. ولذلك كان دافنشي رائداً من رواد علم التشريح، وقدم في هذا المجال رسومات غاية في الدقة. ولقد فهم الطريقة التي تعمل بها صمامات القلب وتوصل أيضاً إلى بعض الحقائق العلمية المهمة، فقد توصل إلى أن الدم يسير في حركة دائرية عبر الجسم وأنه لا ينحسر ثم يتدفق إلى الأمام والخلف، كما كان يعتقد العلماء في ذلك الوقت. ولقد أقر العالم وليم هارفي (1616) أي بعد مرور قرن، هذه الحقيقة.

كان ليوناردو رائداً من رواد علم الطبيعة، حيث قدم بعض الملاحظات الأولية التي ساعدت على التشكيك في النظريات الخاصة بالحركة التي وضعها أرسطو والتي كانت لا تزال مسيطرة على عقول عدد كبير من لاناس. فقد أوضح دافنشي أن الأشياء يمكن أن تستمر في الحركة بثبات دون الحاجة إلى الدفع باستمرار، وأن قوة الدفع أمر ضروري فقط لزيادة أو تقليل سرعة الأشياء وتغيير اتجاهها. وقد سلّم بأن "لكل جسم وزن معين في اتجاه حركته". وهنا نجد أن دافنشي يدعم النظريات التي وضعها جالييلو (1604) وإسحاق نيوتن (1686).

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author