البطالة ظاهرة اقتصادية ظهرت بعد ازدهار الصناعة و تزايد المصانع في القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين إثر الثورة الصناعية فأصبحت وحدات الإنتاج غير كافية من حيث طاقة الاستيعاب للعملة على توفير العمل لجميع طالبيه و العاطلين عن العمل هم الأشخاص القدرين على العمل و الباحثين عنه وفي تونس نسبة البطالة وصلت إلى 15% وهي ستتصاعد إذا بقي الوضع عليه فازمة الشغل في تونس لها أسباب أعمق من عجز الدولة عن جلب الاستثمار و توفير العمل بل تجاوز الأمر الدولة و خطط تنمية فالسبب الأساسي اجتماعي لا محال كما قلنا أن البطالة هي عجز وحدات الإنتاج عن توفير موطن الشغل لطالبيه فهناك عجز لرجل الاقتصاد عن التشغيل و ذلك يعود لمحدودية الاستثمار في البلاد فكل استثمار يليه عرض وظائف سوى كان الاستثمار عمومي أو خاص و هنا تتدخل الدولة فالاستثمار العمومي يليه ربح للمؤسسات العمومية و توفير لمواطن الشغل كما هو الحال للمؤسسات الخاصة فالاستثمار وسيلة لنمو الإنتاج و الانتاجية و القيمة المضافة و توفير لمواطن الشغل كذلك إلا أن الوضع في تونس لا يشجع على الاستثمار و بعث مواطن الشغل فدرجة حرية الاستثمار و هو عدد تأليفي مؤشر يتراوح بين الصفر و المائة (كلما قرب الى المائة فاعوائق أقل ) يعني أن الإستثمار الداخلي و الخارجي يمكن أن يقوم بأقل عوائق و هذا المؤشر في تونس التي تعاني البطالة و الظاهرة في ازدياد قيمته 35.0 سنة 2017 أي أقل من المعدل وأما في ألمانيا التي تمثل فيها نسبة البطالة 3.7% في تراجع فقيمة نفس المؤشر لنفس السنة 80 و هنا نفهم جميعا أن الإستثمار و حريته عوامل أساسية في خلق فرص العمل و تراجع البطالة كذلك يجب أن لا ننسى الاستثمار الأجنبي و الانفتاح الاقتصادي أساسيان لنمو الاقتصاديات عامتا وخلق الشغل خاصتا و خصوصا في ظل العولمة فالاستثمار الأجنبي لا يخلق فرص العمل فحسب بل و يحسن جودة اليد العاملة في البلاد و كفائتها إلا أن الإستثمار الأجنبي في تونس قيمتا 809696519 دولار أمريكي سنة 2017 و في نفس السنة لألمانيا التي تعاني كما قلنا 3.75% نسبة بطالة فرقم الاستثمار الاجنبي لديها 83415033637 أي ضعفه ألف مرة وهكذا صنع الفارق بين نسبتي البطالة للبلدين 1. رغم تعدد الاسباب الاقتصادية ووضوحها بالارقام و النسب يبقى العامل الاجتماعي مهما لاعبا دورا محوريا في المسألة فأغلب العاطلين عن العمل ينتظرون الشغل اما من الدولة أو القطاع الخاص إلا أن فرصة بعث المشاريع الصغرى و المتوسطة ممكنة لأصحاب الشهائد العليا بدون ضمانات و بنسب فائدة محدودة و هو امتياز تمنحه الدولة لاصحاب الشهائد ذوي افكار المشاريع في اختصاصاتهم إلا أن مبدأ المبادرة الفردية مغيب نوعا ما في مجتمعنا فرغم التقنين يظل عدد المستنفعين بهذا النوع من الامتيازات محدود و محتشم جدا ففكرة بعث المشروع في مجتمعنا شبه مغيبة وذلك لتوفير الدولة للشغل في القطاع العام لعدة عقود مما جعلنا نرى الأب يحث أبنائه على البحث عن شغل لا البحث عن فرصة بعث مشروع أو فكرة إستثمار في اختصاصه و هنا الفرق فالعقلية الغالبة في المجتمع هي أن الدولة المشغل الأساسي ثم يليه القطاع الخاص مع تغييب مبادرة الفرد تماما إلا أن بعث المشاريع و المؤسسات الصغرى و المتوسطة ممكن و مسهل و مربح أكثر على مستوى الفرد و الجماعة فبإنشاء هذا النوع من المؤسسات ستقل حتما نسب البطالة و انعكساتها السلبية على المجتمع كالجريمة و التطرف و الانحراف و نسب العنف فيبدء المجتمع و الإقتصاد بالتعافي تدريجيا من عاهاتهما و تخلق الثروة شيئا فشيئا 2. كما قلنا أن أسباب هذه الظاهرة الاقتصادية أعمق بكثير مما نضنه فهي تعود لأسباب إقتصادية مباشرة مما لا شك فيه و تعود أيضا بصفة أكثر تعمق إلى العقليات السائدة في المجتمع و نظرة المجتمعات للعمل إن كان مجرد وسيلة لجلب الرزق أو هو وسيلة لإثبات الذات و النجاح المهني
You must be logged in to post a comment.