يتميز الشعر العربي الحديث بملامح خاصة تختلف عما جاء قبله من أدب في العصور السابقة، ويطلق على الشعر العربي الحديث شعرَ التفعيلة، وذاع صيته في ستّينات القرن العشرين بين الشعراءِ العرب، إذْ امتلك خصائص فريدة ميزته عن الشعر الكلاسيكيّ القديم؛ الذي كان يتّسم بمواضيع خاصة مثل التفاخر بالنفس، ولكن الشعر العربي الحديث اتسم بالرمزية إلى جانب تقليده للأدب الغربي والميل نحو استعمال الخيال، واتجه شعراء العصر الحديث إلى استخدام بعض المفردات العامية الشعبية، وبات له أغراض متنوعة منها ماهو تاريخيّ ودينيّ وسياسيّ، وبرز من شعراء العصر الحديث أسماء كثيرة مثل محمود درويش ونزار قباني وبدر شاكر السياب ولكني سأخصُّ بالذكر هنا الشاعرة الفسطينية فدوى .(1)
فدوى طوقان
الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان واسمها الكامل فدوى عبد الفتاح آغا طوقان ولدت في مدينة نابلس لعائلة معروفة في الأول من آذار/ مارس لعام 1917، كتبت الشاعرة العديد من القصائد والتي بلغ عددها ما يقارب 1220 قصيدة، وحملت قصائدها العديد من المواضيع المتنوعة التي تختص بالمرأة بدءًا من الحب والثورة ورفض المجتمع والاحتجاج عليه، وبرز لها قصائد تتميز بالجزالة والصدق العاطفي وقصائد مليئة بالفرح تارة وبالحزن تارّةً أخرى، وبالرغم من عدم إتمامها الدراسة فقد كانت فدوى موهوبة وصاحبة لغة قوية متمكنة؛ إذ دأبت على إنارة عقلها وتثقيف نفسها ذاتيًا في المنزل بمساعدة أخيها الشاعر إبراهيم طوقان فكانت مثالًا للمرأة الناجحة بالرغم من طفولتها الحزينة والعادات والتقاليد التي أحاطت بها من كل جانب وسطوة الإحتلال الإسرائيلي. ومع جهودها المبذولة في صقل موهبتها تحولت قصائدها من الشعر العامودي الرومانسي إلى الشعر الحر الذي يمتاز بالواقعية والرمزية وبذلك أصبحت قصائدها تسير نحو القصائد التقليدية الشائعة آنذاك.(2)
طفولة فدوى طوقان ودور أخيها الشاعر
خرجت فدوى من المدرسة بعد إنهائها للمرحلة الابتدائية فقط إذ غادرت المدرسة وأُجبِرت على البقاء في المنزل مِن قِبل أخيها الكبير، بعد أن علم بأن فتىً في السادسة عشرة من عمره ألقى لها وردة فُل تعبيرًا لها عن إعجابه، وقد كانت عائلتها آنذاك تحُد من مشاركة المرأة في الحياة العامة وتعتبره أمرًا مرفوضًا.
لم تيأس فدوى وواظبت على القراءة لأي شيء تقع عليه أعينها بمساعدة أخيها إبراهيم طوقان الذي نفسيًا وثقافيًا، كانت فدوى منذ نعومة أظفارها تحب القراءة، فكانت تقرأ أي شيء تقع عيناها عليه، وبعد مغادرة المدرسة لم تتوقف عن التعلم، فأخذت في تثقيف نفسها بنفسها وساعدها في ذلك أخوها ابراهيم طوقان، إذ عادت للدراسة ذاتيًا بفضله إذ كان يشرح لها قصائد معينة ويعطيها فترة من الزمن حتى تنقلها وتحفظها ثم اختبارها بها ولم يكن إبراهيم طوقان يختار القصائد عشوائيًا إذ اختار لها بدايةً قصائد لامرأة ترثي أخاها بهدف تعريفها بالنساء العربيات وكيف كُنّ قديمًا ينظمن الأشعار ويبدعن فيها، إذ ساهم كثيرا بصقل موهبتها الشعرية وتنميتها حتى باتت تكتب الشعر وتنشره في العديد من الصحف العربية، وبذلك عادت لفدوى ذاتها وإنسانيتها وحقها في الحياة والتعلُّم.(3)
مؤلفات فدوى طوقان الشعرية والنثرية
- الأعمال الشعرية
برز التنويع في أعمال فدوى طوقان الأدبية إذ تنوعت بين الشعر والنثر، واتخذت نتاجها الأدبي ما لا يقل عن خمسين عامًا من الدواوين الشعرية والكتابات النثرية، إذ أصدرت خلالها ثمانية دواوين شعرية وهي:
ديوان وحدي مع الأيام الذي صدر عام 1952م، وتتصف القصائد الشعرية فيه بالتركيز على الذات، ووصف مشاعر الحيرة والضياع والشوق للمجهول.
ديوان الرحلة المنسية: وفيه تحكي الشاعرة رحلتها الأولى في طفولتها المنسية.
ديوان وجدتها: صدر في عام 1957م عن دار الآداب في بيروت.
ديوان أعطنا حبًا: صدر عام 1960م عن دار الآداب في بيروت.
ديوان أمام الباب المغلق: صدر عام 1967م عن دار الآداب في بيروت.
ديوان الليل والفرسان: صدر عام 1969م عن دار الآداب في بيروت.
ديوان على قمة الدنيا وحيدًا: صدر عام 1973م عن دار الآداب في بيروت.
ديوان تموز والشيء الآخر: صدر عام 1989م عن دار الشروق في عمان.
ديوان اللحن الأخير: صدر عام 2000م عن دار الشروق.
- الأعمال النثرية
خلفت الشاعرة فدوى طوقان خلفها العديد من الأعمال النثريّة؛ وهي عبارة عن ثماني مقالات سبقت كتاب أخي إبراهيم وقد تناولت موضوعات النقد والتعقيب، وقد عمل على جمعها يوسف بكار، أمّا كتاب أخي إبراهيم فقد صدر عن المكتبة العصرية في يافا سنة 1942م، وكتاب رحلة جبلية رحلة صعبة، الذي صدر عن دار الأسرار في عكا سنة 1985م ويعتبر بمثابة الجزء الأول من السيرة الذاتية للشاعرة فدوى طوقان، أمّا كتاب الرحلة الأصعب فهو الجزء الثاني من السيرة الذاتية وقد صدر عن دار الشروق في عمان سنة 1993م وأخيرّا فإنّ لها كلمتي افتتاح وثلاث مقالات وعشرة حوارات.(4)
مقتطفات من قصائد فدوى طوقان
أظهرت فدوى في أشعارها كل آلامها النفسية وما تعاني من قلق وضياع كغيرها من الأجيال الصاعدة التي تؤمن بالحرية، وتهتم بالوطنيّة إلى جانب المأساة الفسطينية التي أشعلت قلب فدوى كغيرها من الشعراء في ذلك الوقت وقد انعكست في أشعارها اتجاهاتها نحو العديد من الأمور فنجدها تارةً تغنّي للطبيعة وتقول:(5)
هذي فتاتك يا مروج
فهل عرفت صدى خطاها
عادت اليك مع الربيع
الحلو يا مثوى صباها
عادت اليك ولا رفيق
على الدروب سوى رؤاها
كالأمس، كالغد ثرة
الاشواق، مشبوباً هواها
وفي قصائد أخرى نجدها تنظم الشعر في أخيها الذي اغتاله الموت دون أن تستطع وداعه ولا طبع قبلة جبينه فتقول:
اهكذا بلا وداع يا حبيبنا ويا
اميرنا الجميل
لا نظرة اخيرة تحملها زاداً لنا
في وحشة الفراق.
وفي مواضع أخرى نجدها تصف حياتها الملئى بالآلام والأحلام، فتقول:
حياتي، حياتي اسى كلها
اذا ما تلاشى غدا ظلها
سيبقى على الارض منه صدى
يردد صوتي هنا منشداً
حياتي دموع
وقلب ولوع.
وفاة الشاعرة فدوى طوقان
توفيت الشاعرة الكبيرة والمناضلة فدوى طوقان بعد معاناة مع المرض استمرت لأشهر، وقد كانت وفاتها في 12 كانون الأول/ ديسمبر عام 2003، ودفنت إلى جانب أخيها الشاعر إبراهيم طوقان الذي فجعها برحيله عن عمرٍ صغير، وهي التي وصفها الشاعر الراحل محمود درويش بأنّها شاعرة المقاومة الفلسطينية وأم الشعر الفلسطيني، ومن أبرز شعراء وأُدباء فلسطين المحتلة في القرن العشرين.
المراجع
1- طوقان.https://sotor.com/شعراء_الشعر_الحديث
2- https://www.arageek.com/bio/fadwa-tuqan#biographyAbout-173788
3- https://www.arageek.com/bio/fadwa-tuqan#biographyAbout-173788
4-mawdoo3.com
5- http://www.diwanalarab.com/قراءة-في-شعر-فدوى
6-https://www.arageek.com/bio/fadwa-tuqan
حلوووو
اهلا وسهلا
You must be logged in to post a comment.