الكتاب من تأليف الأمير المجري ورائد الطيران الشراعي والمغامر الشهير لاسلو ألماشي الذي كان يعشق مصر وكان له علاقات وطيدة بالملك في ذلك الوقت حتى قيل إن مطار "ألماظة" في مصر قد سُمي باسمه ولكن تم تحريف الاسم من "ألماشي" إلى "ألماظة"
ستصدر الترجمة العربية للكتاب من المجرية، عن الدار المصرية للترجمة والطباعة والنشر بالقاهرة، ترجمة الدكتور عبد الله عبد العاطي عن النجار.
يتطرق كتاب "بالسيارة إلى السودان" إلى الرحلة المثيرة التي قام بها الكونت لاسلو ألماشي ورفيقه الأمير أنطال أسترهازي إلى السودان عام 1926 والتي قاما بها بواسطة السيارة. ويتناول كذلك المؤلف مغامراته في الصيد في أدغال السودان وبراريها.
وبدءا من انطلاق الرحلة بحرا من أوروبا صوب أفريقيا، يذكر الكاتب الأماكن والمراحل التي مر بها خلال تلك الرحلة. هنا ينقل الكاتب صورة عما رآه في ذلك الحين بشكل دقيق للغاية لدرجة أنه يمكننا القول إن الصورة التي رسم ملامحها بكلماته ربما لا تختلف كثيرا عما هو كائن الآن في بعض الجوانب الحياتية والعملية.
وبعد وصولهما إلى الإسكندرية كان عليهما القيام بأمور كثيرة وحل بعض المشكلات التي اصطدما بها في مطلع رحلتهما، وهي كثيرة جدا، وذلك أثناء تعامله مع موظفي السلطات المصرية والإنجليزية والسودانية. فضلا عن الطريقة التي تعامل معه بها العامة في كلٍّ من مصر والسودان باعتباره شخص أجنبي.
ولم يغفل كذلك المؤلف عن وصف هيئة وسلوك الأشخاص الذين قابلاهما في مصر، شمالا وجنوبا، لافتا النظر إلى بعض صفات العرب التي أرى أنها مازالت موجودة حتى الآن، فهم وفقا لرأيه يرشدون كل من يسألهم عن الطريق بكل سرور، لكنهم كذلك يحتشدون حوله بزحام كبير مزعج ويتحدثون إليه في آن واحد بصوت مرتفع، والأخطر أنهم يرشدونه إلى طرق كثيرة – منها ما ليس صحيحا، لكن دون قصد سيء – وكل واحد منهم يرى أنه هو الوحيد صاحب الرأي السديد.
ولعل أهم ما ورد بالكتاب هو الخبرات والنصائح الشخصية التي سردها الكاتب في الكثير والكثير من صفحات هذا الكتاب. فمثلا ينصح الكاتب من يريد زيارة مصر بأن يتنقلوا فيها بالسيارة، ذاكرا أسباب ذلك ودوافعه والأمور التي تسهّل منه بشكل منطقي وترتيب تسلسلي رائع، مخبرا: "إن السير بالسيارة إلى النهاية عبر هذه الدولة المباركة هو أحد الذكريات الأجمل التي يمكن أن يحصّلها مسافر".
يعكس الكتاب كذلك نظرة الأوروبيين العنصرية لسكان السودان المحليين من العرب والزنوج آنذاك، والتي رفضها الكاتب بشدة. بل كال المديح للسودانيين الذين لم يكونوا فقط حريصين على سلامته خلال رحلته المحفوفة بالمخاطر في الأدغال الأفريقية، بل كانوا يغرضون أنفسهم للخطر حتى يكون الأمير المجري في مأمن، وهذا إنما يعبر عن كرم الضيافة والأخلاق الحميدة التي يتمتع بها أبناء عروبتنا على مر العصور.
بالإضافة إلى ذلك، قدّم المؤلف، من خلال سرده لبعض يوميات صيده في السودان، العديد من النصائح المتعلقة بالحيوانات البرية وأشكالها وخصائصها وطبيعتها وقوانين الصيد والغابة ومحاذيرهما، متطرقا إلى وصف كافة الطيور التي رآها في الغابة، واصفا الأشجار والنباتات والتلال والمروج والأنهار والأحواض والبرك والمستنقعات التي مر بها، ولم يبخل على قارئه بأيٍ من الخبرات التي اكتسبها خلال رحلته في الأدغال الأفريقية وحكى بشكل مفصّل مغامراتهما الخطرة مع الحيوانات البرية والوحوش الأفريقية كالجاموس البري والنمور، وأعطى وصفا دقيقا لكل حيوان قام باصطياده وسرد أحداث وطريقة اصطياده. كل ذلك يسير بشكل جذاب وممتع..
وأخيرا وليس بآخر، يُعد هذا الكتاب إثراءً حقيقيا لمكتبة الأدب العربي عامة ولأدب الرحلات بصورة خاصة وأدعو جميع محبي القراءة إلى قراءة هذا الكتاب والاستمتاع بكل تفاصيله.
You must be logged in to post a comment.