في روايته الجميلة "العنكبوت" يخبرنا مصطفى محمود عن الغدة الصنوبرية، وبطريقة سردية رائعة يصف لنا وظيفة هذه الغدة حسب افتراضه بشكل يجعلك تكاد تصدق كلامه وكأنه مثبت علميًا!
الدكتور "داوود" (بطل الرواية) يصادف مريضًا يعاني من أعراض غريبة جدًا لم يرها من قبل، تشنجات ثم كلام باللغة الإسبانية وبلكنة ممتازة، ثم يكتشف بعد مدة أن هذا المريض "راغب دميان" يملك مخبرًا كاملًا للتشريح، يشرح فيه جثث الناس ويقوم بتجارب عليها، حتى أن خطيبته لم تسلم من ذلك!
يقوم بتحضير محلول مستخلص من عدة أشياء من بينها العنكبوت ثم يحقن نفسه به، ليُرينا كيف أن الغدة الصنوبرية لديه تتحفز بفعل هذا السائل لتخرج ما تختزنه من حيَواتٍ وذكريات وتفاصيل لأرواح عدة عاشتها!! وكأنها تتحول إلى حاسة سمعٍ مرهفة، أو عين ترى خلال الماضي، أو آلة زمن تسبرُ أغواره.
في الواقع، الغدة الصنوبرية هي غدة موجودة في دماغ الإنسان وقد حيّرت العلماء كثيرًا، فلم تكن لها وظيفة معروفة سابقًا، فانتشرت حولها الخرافات في أن لها علاقة بتعدد الأرواح وحفظ ما عاشته الروح سابقًا، حيث نرى في الرواية أن الدكتور داوود حين يجرب المحلول؛ يرى نفسه مرة في جسد ثور وفي جذع شجرة مرة أخرى، وفي جسد إنسان عاش في حقبة بعيدة مرة ثالثة!!
والعلمُ الآن وصل إلى أن هذه الغدة وظيفتها تتلخص في ضبط عمل الجسم، حيث أنها مسؤولة عن الحالة النفسية المتغيرة عند الإنسان، ومسؤولة عن تنظيم الوقت، وعن الحالة الجنسية.
هذه الغدة تقوم بإفراز الميلاتونين، وهو الذي يتحكم بكل هذه الوظائف، لكنه يفرز في الظلام (عند نوم الإنسان) بكميات وفيرة، ويشح إفرازه في النور.
لذلك نرى الأطباء يشجعون دومًا على النوم باكرًا وفي الظلام، لكي ينتظم جسم الإنسان ووظائفه، ولهذا أيضًا نرى اضطرابًا كبيرًا عند الذين يسهرون ليلًا وينامون نهارًا؛ ذلك أن جسمهم يتعرض للنور بكميات كبيرة، ويفتقر إلى النوم والسكينة في الظلام.
You must be logged in to post a comment.