تعد مرحلة المراهقة من أهم المراحل العمرية بالنسبة إلى الإنسان من حيث التغيرات الكثيرة والسريعة الجسمية والفيزيولوجية التي تطرأ على المراهق، وعادة ما تبدأ هذه الفترة لدى الإناث أبكر مما تظهر عليه لدى الذكور. إذ تبدأ في الغالب عند سن الحادية عشرة لدى الإناث بينما تتأخر حتى سن الرابعة عشرة لدى أغلب الذكور، وتستغرق هذه الفترة قرابة الثلاث سنوات تكون حافلة بالنمو وبالتغيرات السريعة، ونظراً لمضاعفات متطلبات النمو خلال هذه المرحلة فإن احتياج المراهقين للطعام يزداد ، فمن الملاحظ ان كلا الجنسين تزداد لديه الرغبة والشهية إلى الطعام، ومن هنا بات الاهتمام بنوعية الطعام وكميته مطلباً ملحا في هذه المرحلة.
أولاً - الاحتياجات الغذائية للمراهقين:
تعتبر فترة المراهقة من الفترات الحرجة في عمر الإنسان؛ فهي فترة نمو سريع كما أنها فترة نشاط؛ لذا يجب توجيه عناية خاصة بغذاء المراهق حتى ينمو نمواً سليماً ، وعلى الرغم من أن أسس تغذية المراهق هي ذاتها أسس تغذية الفرد بشكل عام إلا أن المراهق يحتاج إلى زيادة في العناصر الغذائية، فهناك زيادة في السعرات الحرارية التي يتلقاها المراهقون ذكوراً وإناثاً بسبب انفتاح الشهية قد يؤدي إلى زيادة في الوزن ، كما أن المراهقين أكثر احتياجاً إلى البروتين من غيرهم في المراحل العمرية الأخرى؛ فضعف البروتين قد يؤدي إلى الضعف العام الذي يقود إلى أمراض عديدة وخطيرة، كما أن التغذية السيئة قد تؤدي إلى فقدان الشهية وإلى اضطرابات عصبية ونفسية.
إذن ، فحاجة المراهقين إلى العناصر الغذائية تزيد عن غيرهم للأسباب التالية:
- لزيادة الحاجة إلى بناء أنسجة جديدة في مراحل النمو السريع تتطلب احتياجات إضافية من البروتينات مرتفعة القيمة الحيوية.
- زيادة العمليات الحيوية المصاحبة للنمو وما تتطلبه من املاح معدنية وفيتامينات.
- التعرض للتقلبات والانفعالات النفسية مما يؤثر على معدل التمثيل الغذائي.
- زيادة النشاط البدني في هذه المرحلة وبخاصة لدى الذكور مما يؤدي إلى زيادة الحاجة إلى زيادة مصادر الطاقة في الغذاء.
إذن فأهمية الحصول على غذاء كاف من حيث الكم والنوع في هذه الفترة يتلخص بما يلي:
- الحصول على غذاء كاف ليتحول إلى الطاقة اللازمة لمسايرة النمو الجسمي والتغيرات الفيزيولوجية للمراهق.
- الوصول إلى أفضل درجات النمو التي تسمح بها العوامل الوراثية من حيث الطول ومعدل الوزن.
- تقوية الجهاز المناعي لديه، بما يمكنه من تقليل فترات النقاهة وفرص العدوى.
- تعويد المراهق على عادات غذائية سليمة تلازمه طوال حياته حتى يضمن الحصول على احتياجاته الغذائية اللازمة في الفترات الحياتية المختلفة.
- إمداده بمصادر الطاقة اللازمة للمساعدة على القيام بالأنشطة البدنية، وتمكن الإناث من تعويض ما تفقده أجسامهن في عملية الحيض.
ثانياً- المشاكل الغذائية لدى المراهقين:
- السمنة:
على الرغم من أن ظهور السمنة لدى المراهقين أقل منه لدى غيرهم فكثير من المصابين بالسمنة في سن المراهقة هم من المصابين بها منذ فترات سابقة ، لكن ما يجعلنا نتناول هذه الظاهرة في هذه الفترة لأنها موجودة حقا وإن بنسبة أقل مما هي لدى غيرهم ، ولأنها أي السمنة أشد أثراً على نفسية المراهق من غيره ، فحساسية المراهق تجاه جسده وما يمثله له أكبر بكثير من غيره ، لذا فإن السمنة لدى امراتهقين قد تؤدي إلى الانسحاب من الحياة الاجتماعية والانعزال وقد تكون لها آثاراً خطيرة .
وثمة اعتقاد سائد في أن السبب الرئيس في ظهور السمنة لدى المراهقين هو قلة استهلاك الطاقة، وليس زيادة تناول السعرات الحرارية.
- التدخين:
على الرغم من أنه من فضول القول التكلم عن أضرار التدخين إلا انه لدى المراهق أكبر وأعمق أثراً مما لدى غيره، فالتدخين له آثار تدميرية على حاستي الشم والذوق لدى المراهق، كما يؤدي إلى زيادة حاجة الجسم إلى فيتامين C وإلا تعرض جسم المراهق إلى اختلالات عديدة في النمو والطاقة.
- حب الشباب:
من التغيرات الجلدية الخاصة الظهور في هذه المرحلة ، وعلى الرغم من أنها تغيرات وليست مرضاً جلديا إلا أنها قد تؤدي إلى آثار وأضرار خطيرة بالجلد وقد تستمر تلك الآثار والأضرار زمناً طويلاً، إن لم نقل العمر كله ؛ لذا وجب التنبيه عليها ، وتجنب بعض الأطعمة كالمكسرات،والشوكولاته، والأطعمة الدهنية والمقلية والمشروبات الغازية.
- فقدان الشهية العصابي (Anorexia nervosa):
تعرِّفه الدكتورة منى خليل عبد القادر (2004) بأنه خلل فيزيولوجي ناتج عن مشاكل نفسية يأتي من حرمان أو تجويع الشخص لنفسهمما يؤدي إلى حدوث خلل حاد في عمليات التمثيل المختلفة في الجسم.
بسبب ما أسلفنا إليه من حساسية المراهق تجاه جسده قد تؤدي علامات ظهور السمنة على المراهقين وبخاصة الفتيات إلى رد فعل عكسي، فيمتنعن عن تناول الطعام إلى أن يصبن بفقدان شهية عصابي، حيث ان الفتيات المصابات بهذا النوع من فقدان الشهية يصبن بالنفور والدوار والغثيان عند تناول الطعام أو الاقتراب منه أو حتى شم رائحته، وعادة لا تتوقف الفتيات عن الامتناع عن تناول الطعام ما إن يتخلصن من السمنة ، بل يصبن بحالة نفسية تمنعهن من التوقف مما يؤثر على حالتهن النفسية، بل وإلى تلف في المخ قد يؤدي إلى الوفاة. ولتجنب هذا النوع من فقدان الشهية يجب الاهتمام بالتغذية السليمة التي تحمي الجسم من السمنة.
ثالثاً - التغذية السليمة للمراهقين:
تقرر الدكتورة سليمة أحمد الشرنوبي في كتابها "تغذية الفئات الحساسة" أن غذاء المراهق يجب أن يتعدد ويتنوع ليشمل ما يلي:
* في الإفطار:
- كوب من الحليب.
- كوب من عصير البرتقال.
- نوع منن الحبوب أومنتجاتها.
- بيضتان أو صنف من البقول.
- زبدة مع العسل أو مربى وخبز.
* في وجبة الغذاء:
- حساء.
- مصدر حيواني (لحم أحمر او أبيض او سمك أو ما يعادلها كالبقول).
- سلطة خضار.
- فواكه او كوب من العصير.
- خضار مطبوخة.
في وجبة العشاء:
- سلطة خضروات.
- فواكه.
- تونة او بيض.
* ويستحسن أن يتناول المراهقون وجبتين إضافيتين؛ إحداهما بعد الإفطار والثانية قبل النوم تتكون من:
- حليب
- فواكه.
- قطعة من الكعك أو البسكويت أو أرز بالحليب. (2006، ص145)
إذن، ومن خلال ما رأينا من أهمية الغذاء في التكوين النفسي والفيزيولوجي للمراهق، لا بد لنا أن نوعي أبناءنا ونحثهم على الاهتمام به، كماً ونوعاً بما يتناسب مع حاجاتهم، لتحقيق النمو السليم جسدياً وعقليا ونفسياً.
- المراجع:
- د. منى خليل عبد القادر (2004)، التغذية العلاجية، مجموعة النيل العربية.
د. سميرة أحمد عبد المجيد الشرنوبي (2006)، تغذية الفئات الحساسة، مكتبة بستان المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع.
You must be logged in to post a comment.