الموشح

الموشح لغة       

الموشح أو الموشحة، والجمع موشحات، اللفظ مأخوذ من الوشاح، فقد جاء في معجم لسان العرب لابن منظور: توشحت المرأة واتشحت، أي: لبست وشاحها، وقال الجوهري: هو عبارة عن أديم عريض من الجلد، يكون مرصعاً بالجواهر، تشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها، من أجل إتمام زينتها وإبراز جمالها.

الموشح اصطلاحاً                        

هو فن شعري أندلسي أصيل، يرتبط بمعناه اللغوي، فهو كالوشاح يراد به التنميق، والتزيين، والزخرف الجمالي، والتأثير النفسي الشعوري، وقد ذكر الفقيه والأديب محمد بن فضل الله المحبي أن سبب تسمية الموشح بهذا الاسم، يرجع إلى تشبيه أغصان الموشح وخرجاته بالوشاح.                

أصل الموشح      

قال العالم أبو الحسن علي بن بسام الشنتريني في كتابه (الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة)، أن أول من اخترع الموشح، هو مقدم بن معافر القبري، وهو رجل ضرير من مدينة قبرة في قرطبة، وهناك خلاف حول اسم مخترع الموشح، ولكن الإجماع على أن مخترعه ينسب إلى رجل ضرير من مدينة قبرة.         

نشأة الموشح           

نشأ الموشح في الأندلس، في أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، وذلك لمجموعة من البواعث اللغوية والفنية والاجتماعية، فقد مل كثير من شعراء الأندلس، من نظم الشعر على وتيرة واحدة، فقرروا التجديد والتنويع في شعرهم، لذا اخترعوا الموشح، ويقول بعض الحداثيين المعاصرين أن الموشح هو ثورة على القصيدة العربية التقليدية، لأنه يهدف –حسب زعمهم- إلى هدم النظام الإيقاعي للقصيدة، وقلعه من جذوره، والانسلاخ المطلق عنه، وفي الحقيقة هذا لم يحدث مطلقاً، إنما الموشح هو محاولة تجديدية، لم تتجاوز التنويع في حدود الوزن والقافية، وقد أبدع أصحابه مصطلحات جديدة، التزموا بها من دون أن يتجاوزوا النظام الإيقاعي للقصيدة، ومن دون أن يتمردوا على المحتوى الفكري الأدبي، كما أن الشعراء لم يتفلتوا في نظم الموشح، من معطيات التقفيه والوزن، والموسيقي الشعرية.  

ازدهار الموشح  

تطور الموشح في الأندلس، حتى بلغ قمة النضج والازدهار، ثم انتقل إلى بلاد المشرق، فعرفه شعراء الشام ومصر، وكانت لهم مشاركات إبداعيه، منذ القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلاي)، وكان العصر الذهبي لهذا الفن في عهد المرابطين، ومن ثم عهد الموحدين، حين انصرف العديد من الشعراء إلى نظمه، وكان ذلك في القرنين السادس والسابع الهجريين (الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين)، وقد عالج الموشح العديد من الموضوعات، منها: الغزل، ووصف الطبيعة، والمدح، ووصف القصور، والتهاني، ومدح الرسول الأكرم ﷺ، وانقسمت أوزان الموشح إلى قسمين: الأول: ما وافق أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي، والثاني: ما خرج عن هذه الأوزان.       

أجزاء الموشح           

ذكر الشاعر والأديب هبة الله بن جعفر، الشهير بـ(ابن سناء الملك)، أجزاء الموشح، في كتابه (دار الطراز في عمل الموشحات)، وهي على النحو الآتي:        

  • المطلع: وهو الجزء الأول من الموشح، ويقابل مطلع القصيدة العربية التقليدية، وليس شرطاً لازماً أن يوجد في بداية كل موشح، لكن عند وجوده في بداية الموشح، يعرف الموشح باسم (الموشح التام)، وعند حذفه يعرف الموشح باسم (الموشح الأقرع أو الناقص)، والمطلع عبارة عن شطرين، وقد يصل عدده إلى ثمانية أشطار، يتم كتابتها بهيئة أفقية أو عامودية.
  • الغصن: وهو الجزء الثاني من الموشح، ويعقب المطلع (في الموشح التام)، بينما يبدأ به (الموشح الأقرع)، والغصن عبارة عن ثلاثة أشطر فأكثر، تكون قافيتها موحدة في الغصن الواحد، ويتكرر الغصن –غالباً- خمس مرات، وكلما تكرر تنوعت قافيته، ويلتزم الغصن وزناً واحداً، من بداية الموشح إلى نهايته.  
  • القفل: وهو الجزء الثالث من الموشح، وهو يتفق مع المطلع في الوزن والقافية وعدد الأجزاء، ويتكرر القفل ست مرات، في (الموشح التام)، وخمس مرات في (الموشح الأقرع)، ويكون المطلع في كل موشح هو القفل الأول، أما القفل الثاني فهو ما يلي الغصن الأول، وهكذا يوجد قفل عقب كل غصن، وتلتزم جميع الأقفال في الموشح بوحدة الوزن والقافية.    
  • الدور أو البيت: الراجح هو مجموع كل غصن مع القفل الذي يليه، وقيل غير ذلك، والفرق واضح بين البيت في الموشح، والبيت في القصيدة العربية التقليدية، ففي القصيدة التقليدية يتكون البيت من شطرين، هما: الصدر والعجز، حيث تتكرر صورة البيت من بداية القصيدة إلى نهايتها، وعدد أبيات القصيدة التقليدية لا حد له، أما في الموشح، فقد يصل عدد الأبيات إلى خمسة في الغالب.
  • السمط: هو كل شطر من أشطار الغصن، ويتكون الغصن الواحد من ثلاثة أسماط على الأقل، وقد يزيد عددها، وذلك حسب رغبة الوشاح، والجدير بالذكر أن عدد الأسماط في الغصن الأول من الموشح، هو الذي يحدد عددها في بقية الأغصان، وتكون أسماط كل غصن موحدة القافية، ولا يشترط أن تكون أسماط الأغصان الأخرى موحدة القافية، سواء مع سابقتها أو لاحقتها، وبالنسبة للسمط نفسه، قد يكون مفرداً، من فقرة واحدة، وقد يكون مركباً، من فقرتين أو أكثر، وكذلك عدد فقرات السمط الأول من الموشح، هو الذي يحدد عددها في بقية الأسماط، وتتماثل قافية فقرات السمط الواحد، وإلا سقطت فنية الموشح، وكما يطلق السمط على أشطار الغصن، فإنه يطلق على أشطار القفل أيضاً.  
  • الخرجة: وهي آخر قفل في الموشح، وتعتبر ركناً أساسياً في بنائه، يستحيل الاستغناء عنه، بينما يمكن الاستغناء عن القفل الأول، وهو المطلع في (الموشح الأقرع)، ومن الأفضل أن تخالف لغة الخرجة لغة بقية الموشح، بأن تأتي على ثلاثة أحوال: (فصيحة، أو عامية، أو أعجمية)، وذلك من أجل أن تتسع دائرة المستمعين، من الفئات والطبقات المختلفة، ويمهد الوشاح للخرجة، في البيت أو الدور السابق، بما يعرف بـ(الالتفات) نحو حركة الختام، ويتضمن هذا الالتفات ألفاظاً، مثل: قالت، وقلت، وغنى، وغنيت، وأنشد، وأنشدت، وتأتي عادة على ألسنة النساء أو الصبيان، ويسمى الموشح (زنيماً) -وهي دلالة على الذم- إن وردت في صلبه كلمة عامية أو أعجمية، أي: فيما قبل الخرجة.

فنانو الموشح      

من أشهر الوشاحين:    

  • في العصر الأندلسي: ابن ماء السماء، وابن عبادة القزاز، وابن أرفع رأس، وابن اللبانة، وابن الزقاق، والتطيلي الأعمى، ومدغليس، وابن بقي، وابن باجة، وابن زهر الحفيد، وابن عربي، وابن سناء الملك.
  • في العصر الحديث: طه الفشني، وسيد النقشبندي، ونصير الدين طوبار، وصباح فخري، وصبري مدلل، وحسن الحفار، وأديب الدايخ، وتوفيق المنجد، ومسلم البيطار، ومنير عقلة، ومنذر سرميني، وعماد رامي.     

مميزات الموشح                        

انفرد الموشح بالعديد من المميزات، أهمها:  

  • احتواؤه على أجزاء مصطلحية لا توجد في فن غيره.
  • التزامه بنظام فريد خاص في التقفية والوزن.
  • خروجه على بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي أحياناً.
  • اكتفاؤه بالتلحين الموسيقي على حساب الوزن الشعري.
  • استخدامه اللهجة العامية أو الأعجمية في جزء الخرجة.      

المراجع             

  • موسوعة الحضارة العربية الإسلامية، عبد الرحمن بدوي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان، 1995.           
  • الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.       

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٦ ص - Mahmoud Magdy
مايو ٤, ٢٠٢١, ١:٢٣ م - زهور
مارس ٤, ٢٠٢١, ١٢:١١ م - Hager Abd Elsamad
يناير ٢٨, ٢٠٢١, ٣:٢٣ ص - Ahmad hussam khalid abed
يناير ٢, ٢٠٢١, ٤:٠٣ م - امل سلامه
About Author