ثمة حاجز منيع يقف عائقًا منيعًا بيني وبين الفنانة نادية الجندي -التي لقبت نفسها بـ «نجمة الجماهير»- فما أن أسمع أو أقرأ اسم نادية الجندي أو تقع عيني على صورة لها حتى أتذكر فيلم (امرأة فوق القمة)، ذلك الفيلم الوحيد الذي شاهدته لها في السينما عندما تم عرضه عام 1997 وقتما كنت مراهقًا قرر مشاهدة الفيلم مع أصدقائه في أحد أيام عيد الأضحى – بحسب ما أتذكر - كنوع من المغامرة.
تدور أحداث فيلم (امرأة فوق القمة) حول نعمت عبدالغفار (نادية الجندي) التي تطلب الطلاق من زوجها بسيوني بسيوني (أحمد بدير)، المحامي الفقير الذي لا يُنجب، لكي تتزوج عرفيًا من أدهم المواردي (جمال عبدالناصر)، الرجل الثري العائد من الخليج، والذي تزوجها لأجل المتعة بعد أن أخبره زوجها أنها لا تنجب. ويفاجأ أدهم بحمل نعمت ويتركها ويعود للخليج بعد أن يدفع لها مبلغ مالي كبير (نصف مليون جنيه) خوفًا من افتضاح أمره أمام زوجته الخليجية. وتعود نعمت لزوجها السابق الذي يقرر أن ينسب الطفل (تامر)، ابن أدهم، لنفسه. وتدخل نعمت عالم (البيزنس) معتمدة على أنوثتها والنصف مليون جنيه، وبعد سنوات تحقق نجاحًا كبيرًا وتصبح من أقوى الشخصيات الاقتصادية في مصر، ويعود أدهم من الخارج وتحدث منافسة شرسة بينهما تنتهي بمقتله.
أحداث الفيلم الذي كتبه مصطفى محرم، وطريقة تأدية الممثلين لأدوارهم (خصوصًا نادية الجندي)، أشبه بالأفلام الهندية الكلاسيكية، فهكذا ببساطة تتحول نعمت لامرأة تتحكم في اقتصاد مصر لمجرد أنها امتلكت نصف مليون جنيه واستغلت أنوثتها لإخضاع الرجال وإجبارهم على تنفيذ ما تطلب، فنجدها تقول لرفعت (عادل أمين) في الدقيقة 46 من الفيلم:
- أنا ما اتعودتش حد يقول لي لأ.
وهي جملة مثيرة للسخرية ذكرتني بجملة (أنا مافيش مَرَة ما بتحبنيش) التي قالها عادل إمام في فيلم (سلام يا صاحبي).
وبما أن نعمت تعتمد على أنوثتها فنجدها محتفظة بكافة عوامل الإثارة التي تتمتع بها طوال أحداث الفيلم ولا تظهر عليها علامات التقدم في السن مثلما ظهرت على جمال عبدالناصر وأحمد بدير وكأنها قادرة على تحدي الزمن، فبعد مرور أكثر من عشرين سنة تظهر نعمت بنفس شكلها دون أي تغيير. وفي الحقيقة ظهورها بهذا الشكل هو أهم عناصر صناع هذا الفيلم لجذب الجمهور الذي لم يكن يذهب لمشاهدة تلك الأفلام سوى للاستمتاع بمشاهدة جسد نادية الجندي التي كانت تعتمد على أنوثتها لجذب الجمهور لشباك التذاكر، أما عن السيناريو أو الإخراج أو أي شيء آخر فكلها أمور لا قيمة لها بالنسبة لمحبي نجمة الجماهير.
من اللافت للنظر أن من كتب الفيلم هو السيناريست المعروف مصطفى محرم، والذي لا يتهاون في الهجوم بوحشية على زملائه من صناع الأفلام ويوجه لهم اتهامات بالسطحية والضعف، وهو الذي قدم هنا سيناريو مليء بالأكليشيهات والمواقف المثيرة للسخرية.
* في الدقيقة 43 من الفيلم تذهب نعمت لموظف بوزارة الأوقاف لتطلب منه الحصول على قطعة أرض لكي تبني عليها مسجدًا، ولكي تقنعه أنها امرأة متدينة، فإنها تذهب له مرتدية (عباية رجالي)، وهو أمر غير مفهوم على الإطلاق. لماذا ترتدي ملابس رجالية؟!
* نهلة سلامة ظهرت في دور فتاة إعلانات سيئة السلوك تمارس الجنس مع كل من هب ودب، ولإضفاء مزيدًا من الإثارة على أحداث الفيلم فإن تامر (ابن نعمت) يكون على علاقة جنسية بها في نفس الوقت الذي يكون والده أدهم على علاقة بها ايضًا. وهي المفارقة المستهلكة في الكثير من الأفلام الهندية الضعيفة.
* في الدقيقة 55، ولمدة تزيد عن الدقيقتين، ترقص نعمت رقصة slow مع أدهم، على أنغام أغنية (في ناس) التي يغنيها خالد حجاج، وهي أغنية غير ملائمة على الإطلاق لمثل تلك الرقصة الرومانسية، وما زاد الأمر سؤً النظرات المتبادلة بين نعمت وأدهم والتي كانت مثيرة للضحك. (ربما كانت تلك الغلطة من نصيب المخرج).
* في نهاية الفيلم يتعرض أدهم لعملية اغتيال في المحكمة، والذي أطلق الرصاص عليه شخص شديد الشبه بالهنود، وكأن صناع الفيلم أرادوا أن يؤكدوا على "هندية" فيلمهم. والأغرب من ذلك هو اختيار المحكمة لتنفيذ عملية الاغتيال وكأن أدهم لا يمكن الوصول إليه في أي مكان آخر.
وعن إخراج الفيلم، فقد قدم المخرج أشرف فهمي لقطات جيدة لم تَجِدُ نفعًا مع هذا السيناريو الساذج المكرر، ومع الأداء التمثيلي المبتذل للفنانة نادية الجندي التي لم تكن تتمتع بأي قبول أو موهبة تؤهلها لأن تكون نجمة الجماهير، وما كانت لتحصل على هذا اللقب لولا غياب المنافسة وتردي ذوق الجمهور الباحث عن الجنس في صالات العرض السينمائي.
You must be logged in to post a comment.