بين الحقيقة والسراب.. ساعة بيولوجية تتنبأ مصيرنا ومقرها داخل دماغ الإنسان

بين الحقيقة والسراب.. ساعة بيولوجية تتنبأ مصيرنا ومقرها داخل دماغ الإنسان

هل سمعتم يومًا بأن كل واحدًا منا يمتلك ساعته البيولوجية الخاصة به، وهل تسائل أحدكم عن ماهية هذه الساعة وكيف تعمل وهل تختلف كثيرًا عن الساعة الرقمية التي نقتنيها وتحركها بعض العقارب، عند الحديث عن الساعة البيولوجية نعني بها أنها تنظم سلوكيات حياتنا اليومية وتتحكم بها كالنوم والإستيقاظ والإحتفاظ بدرجة الحرارة أو الشعور بها وهي موجودة داخل أجسامنا وتعمل في كل دقيقة على مدار (24)ساعة، لكن الشيء الأكثر غرابة ويدعو للتساؤل هو هل تتنبأ حقًا لما قد يصيب الإنسان من خلال رقمه البيولوجي! 

 

الشخص الذي توصل لفكرة وجود الساعة البيولوجية داخل كل إنسان هو الطبيب الألماني فلهيلم فليس

 (wilhelm fliess) وهو طبيب أنف و أذن و حنجرة

من خلال قيامه بالتجربة على مرضاه واستطاع التوصل إلى نتيجة مفادها أن "الشخص يمر جسده في دورات من التعافي و المرض كل 23 يوماً". 

  

وكان هذا أول باب يفتح أمام المفكرين و علماء النفس ليبحثوا في حقيقة الأمر، واستطاع علماء النفس اكتشاف أن الشخص يمر بفترات من التعافي النفسي و التدهور النفسي أيضاً كل 28 يوماً. 

 

ولم ينتهي الأمر هنا فقط توصل علماء آخرون إلى أن دورات النشاط العقلي للإنسان تتغير كل 33 يوماً، 

كما أن هذه الدورات الثلاث مجتمعة بالساعة البيولوجية، وتسير في منحنيات متزامنة و تمكننا التنبؤ بما قد يصيب الشخص من الأمراض خلال الأيام القادمة القريبة. 

 

وشاعت فكرة الساعة البيولوجية في السبعينات بعد اكتشافها تمامًا مما جعل أصحاب العلم عند وقوع حادثة كبيرة بالإسراع إلى حساب معدل الساعة البيولوجية لصاحب الحادث ليجدوا أن في كل مرة يكون معدل الإنحناء لساعته البيولوجية منخفضة.

 

وبعض الأدلة التي استخدموها كانت من خلال تعقبهم بعض الأشخاص الذين تعرضوا لحوادث وتم حساب ساعتهم البيولوجية وأشهر هذه الشخصيات هي مارلين مونرو والتي انتحرت في يوم كان معدل ساعتها البيولوجية منخفض.

 

وجون كينيدي الذي تم اغتياله على يد لي هارفي في يوم كان مستوى ساعته البيولوجية منخفض، حيث أن الذي اغتاله تم قتله أمام الملايين بعدها بيومين و كان معدل ساعته البيولوجية منخفض! 

 

الساعة البيولوجية والرياضة

 

انتشر استخدام منحنيات الساعة البيولوجية في مجال الرياضة أيضاً، فأصبح المدير الفني يختار تشكيلة الفريق بناءًا على الساعة البيولوجية لكل لاعب و يبتعد تمامًا عن التعاقد مع اللاعب في الساعات الحرجة له. 

 

في تلك الحقبة اتجه الناس لمعرفة ساعتهم البيولوجية من خلال الصحف و المجلات التي كانت تنشر كيفية حسابها أو بالآلات الحاسبة التي صنعتها الشركات خصوصًا شركة كاسيو و تم بيع منها ملايين القطع و بلغت تكلفة القطعة الواحدة (750) دولاراً. 

 

وفي هذا الصدد تم نشر الكثير من الكتب التي تتحدث عن الساعة البيولوجية و كيفية حسابها و تم بيع منها ملايين النسخ مترجمة إلى العديد من اللغات، ولا زالت هذه الفكرة حديث اليوم أيضًا فقط يمكنك تحميل بعض التطبيقات على هاتفك لحساب ساعتك البيولوجية. 

 

لكن عند النظر من زاوية الصحف والمواقع التي تدعي المعرفة العلمية فقد نجد أن جميعهم مواقع كاذبة والهدف منها هو الربح فقط لأنه لم يثبت حتى الأن أي تجربة علمية حقيقية. 

 

وعند السؤال عن حقيقة هذه الفكرة هل نجدها حقيقة أم مجرد خرافة؟ 

 

  في القرن الثامن عشر قام فلكي فرنسي بعمل تجربة على نبات وضعه في غرفة مظلمة تمامًا لا يصلها ضوء الشمس فوجدها تحرك أوراقها كم لو أنها تحت أشعة الشمس مباشرة ولم تتغير عن معدلها الطبيعي رغم غياب أشعة الشمس عنها و تم التوصل إلى أن النبات يمكنه الشعور بأشعة الشمس حتى لو لم يتعرض لها.

 

 

لكن الطب كشف خطأ هذه النظرية في عام (1972) و أوضح أن المتحكم الرئيسي في الساعة البيولوجية لكل كائن حي هي المعلومات المخزنة في جيناتنا و أدمغتنا التي نستقبلها عن النهار و الليل من خلال شبكية العين، وبناءاً على المعلومات التي نخزنها تفرز غدة في المخ هرمون الميلاتونين بمستويات مرتفعة ليلًا كي تساعدنا على النوم و قليلة في النهار كي تساعدنا على القيام بأنشطتنا الحيوية. 

 

وتم إثبات أن هرمون الميلاتونين يساعد الحيوان في تغيير حرارة جسده و لون جلده و تغيرات أخرى في سلوكه مع تغير تقلبات فصول السنة. 

 

وهذا يعد جوابًا حقيقيًا وليس فقط مجرد خرافة، حيث أنه تم ملاحظة الساعة البيولوجية ليس فقط في تغير سلوك الإنسان بل أيضاً لوحظت في تغير سلوك الكائنات الحية في دورات منتظمة .

 

 المصدر: معلومات عالطاير /باب علم النفس

 

 

ماذا لو تزامن تعاطي الأدوية مع الساعة البيولوجية؟ 

 

إن الإيقاعات البيولوجية تؤثر على امتصاص الدواء ومدى الإستفادة منه وبالتالي كلما تم أخذ الأدوية في موعدها الصحيح كلما أدت مفعولها على أكمل وجه، لكن عندما يتناولها المريض في وقت خاطئ ولم يتوافق مع عمل الساعة البيولوجية فإن تأثيره سيكون سلبي ولن يؤدي مفعوله كما هو مطلوب. 

 

فإذا نظرنا لمرضى الروماتيزم مثلا نجد أنهم في يشعرون بألم في المفاصل وتصلبها في ساعات الصباح بعد استيقاظهم مباشرة وللحصول على الراحة يتناولون العديد من الأقراص، لكن ماذا لو تم أخذ هذه الأقراص في ساعات المساء قبل النوم، بالطبع سيكون الأمر مختلفًا كليًا حينها سيشعر المريض بحال أفضل وقت الصباح لأن الدواء عمل طوال ساعات الليل.

 

لا بد هنا من ملاحظة الفرق جيدًا وكم يظهر وقت أخذ الدواء تأثيرًا كبيرًا على تحسن حال المريض فتركيز العديد من الهرمونات وضغط الدم وحتى الشعور بالألم يتغير على مدار (24) ساعة. 

 

وفي هذا الصدد قال البروفيسور بيورن ليمر، من مستشفى هايدلبرج الجامعي والمتخصص في علم الكرونوفارمكولوجي، أنه أكثر الأمور أهمية هو أخذ الدواء في الوقت المحدد هذا لأن الإيقاعات البيولوجية تؤثر على امتصاص وأيض وتأثيرات المستحضرات الدوائية، ولا أهمية للدواء عند أخذه في وقت خاطئ لا يتوافق مع عمل الساعة البيولوجية. 

 

 

ومن جانبها، أكدت أورسولا زيلربيرج، من الغرفة الاتحادية للصيادلة، أن الدقة في زمن تعاطي الدواء لا تؤثر فقط في تحسن حال المريض بل تجنبه من التعرض للآثار الجانبية التي يمكن أن تترتب عليه في حال تناول الدواء في وقت خاطئ. 

 

 

وعند الحديث عن ضغط الدم فيجب أن نراعي أنه يرتفع داخل جسم الإنسان في ساعات النهار وينخفض بنسبة (15)٪ في ساعات الليل، لهذا السبب يجب أن يتزامن موعد أخذ الدواء مع إيقاع ضغط الدم على مدار اليوم للحصول على نتائج مثالية. 

 

ولا بد الإشارة هنا إلى أن مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (مثبطات ACE) تقوم بتخفيض ضغط الدم الليلي عند تعاطيها في المساء، الأمر الذي يمكن أن يُصيب مرضى ارتفاع ضغط الدم بسكتة دماغية.

 

أما بالنسبة للمرضى المصابون بنوبات الربو والتي عادةً ما تحدث في الليل فهذا يرجع بسبب أن الشعب الهوائية تكون ضيقة خلال هذه الفترة وتكون حساسة للمؤثرات المسببة للحساسية والبرد ويجب الالتزام بأخذ الأدوية في المساء قبل النوم. 

 

وعند وقوع المريض في لبس بموعد تعاطي الدواء يجب عليه سؤال الطبيب المعالج أو الإطلاع على النشرة الدوائية ولا يترك نفسه للحظ فالساعة البيولوجية لا تعتمد على الحظ فكلما كان تزامن تعاطي الدواء موافق لعملها كلما أبعد نفسه عن ناقوس الخطر. 

المصدر: صحيفة الغد.

 

المراجع 

1- معلومات عالطاير/باب علم النفس

2- صحيفة الغد الأردنية

 

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
أبريل ١٨, ٢٠٢٣, ٣:٥١ م - Aya Mohammed
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٤ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٢٣ م - Abdallah
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Rasha
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٠ م - Areej Alfateh Salah Aldien
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٢ م - ملك حمدي
About Author

كاتبة وصحفية