هذه المعلومات التي سترد في المقال التالي شديدة القسوة إذ قد تكون أكثر الإساءات الإنسانية فظاعة من بين ما تتعرض له النساء حول العالم في غرف العمليات لولادة نفس إنسانية جديدة تأتي إلى العالم وتحتاج بالطبع لأم سليمة نفسيا.
إن عنف التوليد ليست مشكلة مقتصرة على بلدة أو بقعة جغرافية بسيطة إنما هي قضية عالمية تكاد لا تخلو دولة من وجودها حيث تنتهك فيها حقوق المرأة في أضعف الحالات التي قد يعيشها أي إنسان على وجه الأرض ومن الممكن أن تُعرّض حياتها وصحتها النفسية أو الجسدية للخطر. يوجد الملايين من الحالات التي تعرضت فيها النساء لعنف التوليد على مستوى العالم ولكن قلة المعلومات المتوفرة وخوف الكثير من النساء من ذكر تجاربهن جعل من الصعب وجود إحصائيات ونسب مؤكدة حول هذه القضية.
هده الظاهرة تدور بين العنف الجسدي من جهة والتحرش الجنسي من جهة أخرى كاستخدام القوة مثل الضغط على البطن وضرب الأرجل والأفخاذ وربط أرجلها وأيديها بالسرير لعدم السماح لها بالحركة وإخفاء المعلومات عنها أو عدم السماح لها باتخاذ أي قرار كاختيار وضعية الولادة المناسبة لها وعدم الحصول على أي مسكن للألم وأيضا اللمس المفرط أو غير المناسب أثناء الولادة أو عند التخدير وتعرض أغلبهن للسب والشتم بألفاظ بذيئة ولومهن لإقبالهن على الزواج حيث إشعارها بالذنب وأنها قد فعلت خطأ فادحا أوصلها لحال استحقت فيه هكذا معاملة! ماذا لو أن سنة الله قضت في إعطاء الرجل هذا الدور بدلا منها؟ هل هو ذنب أذنبته لتعاقب عليه حقا؟
عله لم يتبق أحد (بدءا من السفيه وصولا إلى الحكيم) إلا وقد تكلم بكلام متملق حول المرأة وأعطى رأيه ونبذ الظلم وذكّر ووعظ ومدح في نصف المجتمع (بل سمعته يقول كله ليس نصف إنها ليست مجرد نصف بل هي النصف المنتج إنها النصف الحاضن الحني الصبور والذي ينجب النصف الباقي أيضا) ولكن وللأسف يبدو أن هذه المعاني ارتبطت بالنقص والخضوع والذل في أذهانهم فقد تكلم لأجل الكلام ولأجل اعتلاء موجة المتكلمين والمتعالمين فقط، لم يتبق شخص ولم تصله فكرة مظلومية المرأة عبر التاريخ وإلى الآن فقد تعرضت لكل أشكال العنف والتعذيب والظلم والسلب والانتهاك ومازالت! إذ يبدو أن أساليب التفنن في ذلك تزداد وتتنوع وتبقى علامات الاستفهام هنا دائمة ومتزايدة!
انظر قليلا، ماذا لو توقفت النساء عن الإنجاب مثلا؟ ماذا لو توقفن عن الصبر والصمت؟ وماذا لو فضلت إحداهن أن تنهي حياتها مقابل أن لا تجبر وتضرب وتحبس وتنتهك وتستباح وتغتصب... أو مقابل أن لا تنجب ؟!
لقد ميّز الله المرأة عن الرجل بأن وهبها القدرة على الحمل والولادة وأعطاها سمة الأمومة ويالجمال هذه السمة فطوال فترة الحمل تتشارك المرأة مع الخالق في تكوين مولود جديد ينمو ويتخلّق في أحشائها فيخرج من كيانها إنسانا آخر ينمو ويكبر ليصبح مستقلاّ في حياته له مبادئه وآرائه فيخرج بكل صلابته واحدا من هؤلاء الذين يحكمون على المرأة بالنقص ويعطون آرائهم بضرورتها وأهمية دورها ! أي غباء وجهل هذا؟
كل ذلك يعد تماديًا ممقوتًا في ظلم المرأة وهذا الظلم قديم يتجدد لكن بصور وأنماط تختلف في شكلها وربما اتفقت في مضمونها.
You must be logged in to post a comment.