قل ولا تقل

قل: أزيد جاء أم عمرو؟.     

لا تقل: أجاء زيد أم عمرو؟.

لماذا؟: لأن الهمزة للتسوية بين زيد وعمرو، وأحدهما يجب أن يأتي بعد الهمزة مباشرة، لأن الهمزة هي الأصل في الاستفهام، وهنا هي لطلب التصوُّر وهو إدراك التعيين، والتعيين هنا بين زيد وعمرو، وليس بين المجيء وعمرو، فإذا استعملنا حرف العطف (أم) للتعيين بعد الاستفهام، وجب علينا أن نستعمل معها همزة الاستفهام، ولا نستعمل (هل)، قال تعالى: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً﴾ [الجن:10]، وقال تعالى: ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء:109].  

قل: قطَّعَ فلاناً إرْباً إرْباً.

لا تقل: قطَّعَ فلاناً إرَباً إرَباً.

لماذا؟: لأن الإرْب هو العضو الموفَّر الكامل في الإنسان أو الحيوان، والجمع آراب وأراب، وقد يأتي الإرْب بمعنى الحاجة، والدهاء والبصر بالأمور، والدِّيْن، والعقل، أما كلمة الإرَب، فمعناها الحاجة، والعقل، فلا يجوز مثلاً القول: قطَّعَ الحبْلَ إرْباً إرْباً، والصواب: قطَّعَ الحبل قِطَعاً قِطَعاً.  

قل: أيُّما أفضل العلم أم المال؟.

لا تقل: أيُّهما أفضل العلم أم المال؟.

لماذا؟: لأن الضمير (هما) في قولنا (أيُّهما)، جاء هنا قبل الاسمين اللَّذَيْن يعود إليهما، وهذا لا يجوز في العربية الفصحى، فـــ(ما) في (أيُّما) للاستفهام، و(هما) في (أيُّهما) للإخبار، لأن الاستفهام يكون عن الظاهر أو مرة، فإذا كُرِّر الظاهر، جاز لنا أن نستفهم عن ضميره، ولما لم يذكر الظاهر في هذه الجملة، وضعنا مكانه (ما) وليس (هما).

قل: هذه البئر عميقة.

لا تقل: هذا البئر عميق.

لماذا؟: لأن كلمة البئر مؤنثة، قال تعالى: ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾ [الحج: 45]، وجمع بئر هو آبار وأبار وأبور وآبر وبئار، وتُصَغَّر على بؤيرة، ويجوز أن نقول: بير، ونجمعها على أبيار.     

قل: برَّز فلان في العلم تبريزاً عظيماً.

لا تقل: برَز فلان في العلم بروزاً عظيماً.

لماذا؟: لأن معنى برَّز في العلم، هو فاق أصحابه فيه، أما معنى برَز فيه، فهو: ظهر بعد خفاء، ومن معاني برَّز: ظهر بعد خمول، برَّزه: أظهره وبيَّنه، برَّز الفَرَس: سبق في الحَلْبة، برَّز راكبه: نجَّاه، برَّز على الأقران: فاقهم.

قل: تخرَّجتُ في الجامعة.

لا تقل: تخرَّجتُ من الجامعة.

لماذا؟: لأن فعل تخرَّجتُ في هذه الجملة وأمثالها، تعني: تأدَّبتُ وتعلَّمتُ وتدرَّبتُ، فيقال: تعلَّمتُ في الجامعة، وتأدَّبتُ في الجامعة، وتدرَّبتُ في الجامعة، فلا محل لحرف الجر (من)، فليس المقصود هنا الخروج من الجامعة.

قل: كتاب شائق الموضوع.      

لا تقل: كتاب شَيِّق الموضوع.      

لماذا؟: لأن الشَّيِّق تعني المشتاق، مثل القَيِّم تعني المستقيم، ومنه كتب قَيِّمة، يعني مستقيمة، قال تعالى: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ [البينة:3]، ولا يكون الكتاب مشتاقاً، وقد أجاز أهل اللغة فَسْر الشَيِّق بالمشُوق، كفَسْر الصَّيِّن بالمصُون، وفَسْر الرَّيِّض بالمروُض.   

قل: الهُوية الثقافية.

لا تقل: الهَوية الثقافية.   

لماذا؟: لأن الهُوية مأخوذة من (هُو)، والهاء فيها مضمومة لا مفتوحة، فقد اشتق اللغويون الهُوية من (هُو)، والماهية من (مَا هُو)، والكمية من (كم)، والكيفية من (كيف)، والمعية من (مع)، والآنية من (إن)، والأنوية والأنانية من (أنا).   

قل: وضع فلان جبهته على الأرض في السجود.   

لا تقل: وضع فلان جبينه على الأرض في السجود.   

لماذا؟: لأن الجبهة هي مستوى ما بين الحاجبين إلى مقدم الرأس، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ [التوبة:35]، وجمع الجبهة هو جباه وجَبَهَات، بينما الجبين هو ناحية فوق الصُّدْغ، وهما جبينان عن يمين الجبهة وشمالها، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات:103]، وجمع الجبين هو أجْبُن وأجْبِنة وجُبُن.  

قل: امتلأت أحناء صدره حقداً.

لا تقل: امتلأت حنايا صدره حقداً.

لماذا؟: لأن الأحناء مفردها حنو، بفتح الحاء أو كسرها، وهو الضلع، بينما مفرد حنايا هو حنية، وهي القوس، يقال: خرجوا بالحنايا يبتغون الرَّمايا.   

قل: السهل والحزْن.

لا تقل: السهل والحزَن.

لماذا؟: لأن الحزْن بسكون الزاي، هو ما غلظ وارتفع من الأرض، وجمع الحزْن هو حُزُون وحُزُن، أما الحَزَن فهو الحُزْن، نقيض الفرح والسرور، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [فاطر:34]، وقال تعالى: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف:84].

قل: حدَّق إلى فلان.   

لا تقل: حدَّق في فلان.      

لماذا؟: لأن حدَّق إليه بالنظر تحديقاً، أو حَدَقَه حَدْقاً ببصره، تعني شدد النظر إليه وأدار الحدقة، وحَدَقة العين هو سوادها الأعظم، وجمع الحَدَقة حَدَق وأحْدَاق وحِدَاق، ويقال: تكلمتُ على حَدَق القوم، أي: وهم ينظرون إليَّ.          

المراجع              

  • معجم الأخطاء الشائعة، محمد العدناني، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان، 2008.
  • قل ولا تقل، مصطفى جواد، دار المدى للثقافة والنشر، سورية، 2001.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author