ألصق عملة معدنية صغيرة على النافذة وانظر اليها بعين واحدة بحيث تكاد تغطي البدر تماما، يحدث هذا عندما تكون عينك على بعد (110) ضعف قطر العملة المعدنية، فعندما تكون النسبة (بعد العملة) / (قطر العملة) حوالي (1/110) يُظهِر المنطق الهندسي للمثلثات المتشابهة أن هذه النسبة هي نفس النسبة بين (بعد القمر) / (قطر القمر)، إذا ستكون المسافة بينك وبين القمر هي (110) ضعف لقطر القمر.
ولقياس بعد الشمس راقب (أرسطرخس) منزلة القمر عندما يكون في حالة نصف مكتمل بالضبط مع بقاء الشمس ظاهرة في السماء، وفي هذه الحالة يجب ان تكون اشعة الشمس ساقطة على القمر بزاوية عمودية بالنسبة لمستوى نظره، وعلى هذا فإن الخطوط بين (الأرض والقمر) وبين (الأرض والقمر) وبين (الشمس والقمر) تشمل مثلثا قائم الزاوية عند القمر.
ومن المعروف هندسيا أنه إذا عرفت جميع الزوايا في مثلث قائم الزاوية ومعرفة طول أحد أضلاعه فإنه يمكنك أن تحسب طول أي ضلع اخر من هذا المثلث، لقد كان (أرسطرخس) على معرفة مسبقة بالمسافة بين الأرض والقمر، وعند اكتمال نصف القمر عرف أن لدينا إحدى الزوايا تساوي (90) عند القمر، لذا تبقّى عليه أن يقيس الزاوية الثانية بين خط النظر إلى القمر وخط النظر إلى الشمس، وبما أن مجموع زوايا أي مثلث يساوي (180) درجة فإن الزاوية الثالثة وهي صغيرة جدا ستساوي (180) درجة مطروح منها مجموع الزاويتين الأخيرتين (القائمة والثانية).
إن قياس الزاوية بين خطوط مستوى النظر إلى القمر وإلى الشمس صعب بدون استخدام أجهزة دقيقة، كما أن الشمس والقمر ليسا نقطتين بل هما جسمان كبيران جدا، فكان على (أرسطرخس) أن ينظر الى مركزيهما ثم يقيس الزاوية البينية والتي سيكون مقدارها كبيرا (أقل من 90 بقليل).
كانت قياسات (أرسطرخس) للزاوية على أنها (87) درجة بينما هي في الواقع يجب ان تكون (89.8) درجة، وحسب أن بعد الشمس هو 20 ضعف من بعد القمر، بينما في الواقع تبعد حوالي (400) ضعف تلك المسافة، لذا وعلى الرغم من عبقرية هذه الطريقة الا ان صعوبة تصديق (أرسطرخس) في أن الشمس تقع على هذا البعد الهائل أدى الى الخطأ في حساباته.
نعلم اليوم أن المسافة المتوسطة بين الأرض والشمس حوالي (150) مليون كيلومتر، وتكون أقرب شيء في شهر كانون الأول / ديسمبر على بعد حوالي (147) مليون كيلومتر وأبعد بعض الشيء في شهر حزيران / يونيو على بعد حوالي (152) مليون كيلومتر
You must be logged in to post a comment.