مع الشعراء

كثيرا عندما أقرأ للأدباء أتسائل من أين اقتبسوا معانيهم ولماذا جاءت لينة سلسلة إننا نجد لذة في التشبيه الصعب الذي يحتاج لفكر وروية مثل اللذة التي نجدها في التعبير الخالي من التشبيهات المؤدي للمعنی 

فانظر لقول الشاعر 

أفاطم مهلا منك بعض هذا التدلل ... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي 

وقول الشاعر 

بكرت لتحزن عاشقا طفل ... وتباعدت وتجذم الوصل 

إنه لمن الجنون في الحقيقة أن أقارن بينهما 

وهنا السؤال لماذا؟ 

والجواب عند عبد القاهر الجرجاني البلاغة موافقة الكلام للحال 

عند المقارنة يمكن أن نقارن في أيهما أشد موافقة لحاله والحقيقة أنه امرؤ القيس 

إنه مع بساطته في هذه العبارة مع كونه من أكثر الناس تشبيها لكنه يعبر عن مدی تأثر النفس في فراق محبوبته إن حال البكاء ليس حال التفنن في العبارة وليس حال اختيار الكلام إنه حال القلب والقلب عندما يبكي لا يطلب سوی المعنی المقصود 

نعم هكذا لا بد أن نفهم الشعر أن نفهمه بنفسية الشاعر ونفسهك نفسية الشاعر منه 

لقد كنت أتسائل لماذا بدأ عمرو بن كلثوم معلقته بالخمر 

البعض سيقول لي هكذا عادة العرب 

هذا قد يصدق فيمن اتخذ الشعر حرفة أو قاله في غير مناسبة لكن هنا توجد مناسبة ومناسبة هامة جدا ثم تنبهت أن شارب الخمر لا يهتم لشئ فإنه لا يشربون الخمى إلا بعد النصر ووقت الراحة فكأنه في تهديده لمن هددهم إنما بدأ بالخمر تقليلا من شأنهم وأنهم مهما فعلوا فليس أمرهم ذا بال 

قراءة النص وقراءة ما وراء النص لا بد ألا يختلفا لقد تكلم محمود شاكر في هذا في كتابه المتنبي لكنه أتی بشئ عجيب مثل كون المتنبي علويا والعلويون يكرهونه والسبب أنه قارن عصره بعصر المتنبي ثم فهم نفسية المتنبي وفق ذلك إننا يمكن أن نفهم نفسية كل إنسان كما نحب لكن عندما نضبط ذلك بقراءة النص عن طريق الواقع ثم عن طريق البلاغة 

إن البلاغة لا يمكن أن تستر أديبا قط هذان هما مفتاحا ما وراء النص الواقع والبلاغة وفي الحلقات القادمة سنعيش مع بعض الشعراء نفهم نفسيتهم ولعلنا نفهم كيف نكتب شعرا 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author