جبر الخواطر .. إنها لقيمة أخلاقية عظيمة تدل على عظمة نفس حاملها، تستحق منا استذكارها دائمًا والدعوةُ إليها باستمرار مذكّرًين بعضنا بأهمية أن نقف إلى جانب الآخرين في ضوائق الحياة بما نستطيع، بكلمةٍ ليّنة، برسالةٍ داعمة، بموقفٍ نبيل، فإن الأيام ستطوي الكثير من أحداثِ الحياة ونوازلها وستبقى مواقف النبلاء ماثلةً لا تغيب أبدًا. قالت إحدى الفتيات: كنت في طريقي مرة إلى إحدى قاعات المحاضرات في الجامعة وبينما أسير في الطريق اصطدمت بي فتاة عرجاء فأوقعت على ملابسي كوب القهوة الذي كانت تحمله في يدها فرجعت إلى الخلف مبتعدةً عنها بسرعة خاطفة ومع صوت لاواعي إثر الحدث، نظرت إليها متداركة الموقف وإذ بها محرجة تنظر مرة إلي ومرة إلى الأرض والجميع ينظر إلينا، أسرعت أعتذر إليها لعدم انتباهي زاعمة أنني المخطئة ثم أصررت عليها أن تقبل مني كوب قهوة اشتريته لها عوضًا عن ذلك، عندها رأيتها تبتسم وقد امتلئت عيناها بالدموع وقالت لي: منذ وفاة والدتي حتى لم أشعر بأحد يبالي بكسري مثل ما فعلتِ الآن! كان لذلك الموقف وقعُ لينٍ على قلبي لم أشعر بمثله من قبل. وقال آخر: لي والد كبير في السن كثير النسيان، يعيد رواية الحدث علي عشرات المرات في اليوم الواحد، وفي كل مرة جديدة يروي لي بها الحدث أصغي باهتمام وكأني قد سمعته للتو لأول مرة.
ويذكر في الأثر أنه قد دخلت إمرأة من الأنصار على عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك وبكَتْ معها كثيراً دون أن تنطق كلمة واحدة، قالت عائشة : لا أنساها لها.
وعندما تاب الله على كعب بن مالك رضي الله عنه بعدما تخلّف عن تبوك دخل المسجد مستبشراً فقام إليه طلحة يهرول واحتضنه فقال: لا أنساها لطلحة.
جبرك لخاطر أحدهم يترك في حياتك بركة وفي صحتك بركة وفي رزقك بركة فمن سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر وفي حديث صحيح: (والله في عون العبد كان العبد في عون أخيه).
You must be logged in to post a comment.