البردة

البردة لغة               

البردة كساء يلتحف به، والجمع بُرُد، والبُرْد (بضم الباء وسكون الراء)، شملة أو شقة مخططة من الثياب، ذات خمل، أي: أهداب، يتوشح بها ويتلفع، أو هي كساء أسود مربع فيه صغر، والجمع أبراد وأبرد وبرود، وفي حديث سهل بن سعد، "قالَ سَهْلٌ: هلْ تَدْرِي ما البُرْدَةُ؟، قالَ: نَعَمْ، هي الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ في حَاشِيَتِهَا"، [رواه البخاري].     

البردة اصطلاحاً     

قصيدة شهيرة في مدح رسول الله ﷺ، وقد روي أن كعب بن زهير، لام أخاه بجيراً حين أسلم، وكان قد تعرض لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، فكتب بجير يحذر كعباً، قائلاً: "إن كانت لك في نفسك حاجة، فطر إلى رسول الله ﷺ، فإنه لا يقتل أحداً أتاه تائباً"، فقدم كعب على رسول الله ﷺ، وأنشد أمامه قصيدته الشهيرة، التي كان مطلعها:    

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول   متيم إثرها لم يفد مكبول

وعندما سمعها رسول الله ﷺ عفا عنه، وأعطاه بردته، ولهذا سميت هذه القصيدة بـ(البردة).

من هو البوصيري؟        

شرف الدين أبو عبد الله، محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله الصنهاجي الدلاصي البوصيري (608-694هـ/1211-1294م)، وهو شاعر فحل، حفظ القرآن الكريم منذ صغره، وتلقى دروساً في علوم الدين، واللغة، والأدب، والتاريخ، من آثاره (قصيدة الكواكب الدرية في مدح خير البرية)، المعروفة باسم (البردة)، التي لقيت قبولاً ذائع الصيت عند العرب والمسلمين، وجاءت القصيدة قوية ورصينة في تركيبها، سامية وشريفة في معانيها، قال الشاعر في مطلعها:    

أمن تذكر جيران بذي سلم   مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم

ويقال أن البوصيري نظمها، عندما أصيب بالفالج (الشلل)، وكان مرضه قد أعيا الأطباء، فعقد العزم على نظم قصيدة في مدح رسول الله ﷺ، يتشفع بها إلى الله تعالى، ويرجو منه الشفاء والبرء، ولما ختمها رأى رسول الله ﷺ في رؤيا، وهو يمسح عليه بيده الشريفة، ويلفه في بردته فشفي.

فصول البردة           

احتوت قصيدة البردة على عشرة فصول، ومائة وستين بيتاً، وهي على النحو التالي:

  • الفصل الأول: في الغزل وشكوى الغرام، (من البيت الأول إلى البيت الثاني عشر).  
  • الفصل الثاني: في التحذير من هوى النفس، (من البيت الثالث عشر، إلى البيت الثامن والعشرين).  
  • الفصل الثالث: في مدح رسول الله ﷺ (من البيت التاسع والعشرين، إلى البيت الثامن والخمسين).  
  • الفصل الرابع: في مولد رسول الله ﷺ (من البيت التاسع والخمسين، إلى البيت الواحد والسبعين).
  • الفصل الخامس: في معجزات رسول الله ﷺ (من البيت الثاني والسبعين، إلى البيت السابع والثمانين).
  • الفصل السادس: في شرف القرآن الكرم (من البيت الثامن والثمانين، إلى البيت مائة وأربعة).  
  • الفصل السابع: في الإسراء والمعراج (من البيت مائة وخمسة، إلى البيت مائة وسبعة عشر).
  • الفصل الثامن: في جهاد رسول الله ﷺ (من البيت مائة وثمانية عشر، إلى البيت مائة وتسعة وثلاثين).  
  • الفصل التاسع والفصل العاشر: في الابتهالات والمناجاة (من البيت مائة وأربعين، إلى البيت مائة وستين).    

نهج البردة       

ولما كانت قصيدة كعب بن زهير من عيون الشعر، حيث أجيزت من رسول الله ﷺ ببردته، وكانت مخصصة لمدحه ﷺ، فقد نهج الكثير من الشعراء نهج هذه القصيدة، واتخذوها نموذجاً، ينسجون على منواله قصائد المديح النبوي، تقرباً إلى الله تعالى، وتنفيساً عن عواطفهم ومشاعرهم، وما يزال ذلك دأبهم، فتناولوها بالمعارضة، أو التشطير، أو التخميس، أو التسبيع، ومن هؤلاء الشعراء:

  • صفي الدين الحلي، ومطلع قصيدته:    

إن جئت سلعاً فسل عن جيرة العلم   واقر السلام على عرب بذي سلم

  • وجمال الدين بن نباتة، ومطلع قصيدته:

صحا القلب لولا نسمة تتخطر   ولمعة برق بالفضا تتسعر

  • وعز الدين الموصلي، ومطلع قصيدته:

براعة تستهل الدمع في العلم   عبارة عن نداء المفرد العلم

  • وابن حجة الحموي، ومطلع قصيدته:

لي في ابتدا مدحكم يا عرب ذي سلم   براعة تستهل الدمع في القلم

  • وجلال الدين السيوطي، ومطلع قصيدته:

من العقيق ومن تذكار ذي سلم   براعة العين في استهلالها بدم

  • وعائشة الباعونية، ومطلع قصيدتها:  

في حسن مطلع أقماري بذي سلم   أصبحت في زمرة العشاق كالعلم

  • ثم جاء أحمد شوقي، ومطلع قصيدته:

ريم على القاع بين البان والعلم   أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

فنانو البردة                

ومن أشهر وأهم الفنانين الذين غنوا البردة، أو القصائد التي نهجت نهجها: أم كلثوم، فدوى المالكي، سيد النقشبندي، والأخَوان أحمد ويوسف المزرزع، والإخوة أبو شعر، وعماد رامي.                     

المراجع                             

  • الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية، فاطمة محجوب، دار الغد العربي، مصر، 1995.   
  • الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.           

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments
رزان رواشدة - ديسمبر ١٩, ٢٠٢٠, ٩:٣٥ م - Add Reply

🌸🌸

You must be logged in to post a comment.

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author