ربما كان خبر اجتماع أحمد زكي مع محمد خان ورءوف توفيق عام 1992 لتقديم فيلمًا جديدًا، خبرًا مفرحًا لمتابعي الأفلام السينمائية في مصر والذين يعرفون أن هذا الثلاثي قدم من قبل، وبالتحديد عام 1988، فيلم (زوجة رجل مهم) الذي كان فيلمًا جريئًا ومتميزًا قدم فيه أحمد زكي واحدًا من أفضل أدواره.
تدور أحداث فيلم (مستر كاراتيه)، الذي تم عرضه بدور العرض عام 1993، حول الشاب القروي صلاح عبدالراضي الذي يترك القرية ويتجه إلى المدينة ليعمل سائس سيارات في جراج عمارة بحيٍ راقٍ، بدلًا من والده الذي توفاه الله. ويصطدم صلاح بحياة المدينة القاسية ويلجأ لـ حسن (إبراهيم نصر) النقاش، ومدرس التربية الرياضية ولاعب المصارعة السابق، ليساعده في تعلم رياضة الكاراتيه لكي يستطيع الدفاع عن نفسه. ويتشاجر صلاح مع شريف (ممدوح وافي)، أحد ساكني العمارة التي يقع بها الجراج، عندما يفاجأ بنادية (نهلة سلامة)، الفتاة التي يعجب بها، في شقته، ويترك صلاح الجراج ويعمل سائس في موقف سيارات، أسفل كوبري 15 مايو، ويكتشف أن هناك عصابة تستغل إحدى السيارات المتوقفة بالموقف في تجارة المخدرات، ويقتحم العمارة المطلة على الموقف والمتواجد بها رئيس العصابة (أبو الوفا) ويضرب رجاله جميعًا وينتصر عليهم قبل أن يقرر العودة إلى قريته وقد تزوج بنادية.
لا يخفى على أحد ممن شاهدوا الفيلم مدى تأثره بأفلام بروس لي وجاكي شان التي كانت تلقى رواجًا في مصر لدى رواد السينمات الشعبية التي كانت تعرض ثلاثة أفلام بتذكرة واحدة في فترة الثمانينيات، فقد كان لدى بطل الفيلم (صلاح) هوسًا بمشاهدة تلك الأفلام ورغبة مُلِحة لتعلم رياضة الكاراتيه، وهو ما جعله يحاول توطيد علاقته بحسن الذي كان زبونًا دائمًا في مقهى شعبي يعرض أفلام (أكشن) كان حسن يختارها بنفسه. وقد قال له صلاح في أحد المشاهد وهما في نادٍ رياضي:
- مين ابن الجنية اللي اخترع اللعبة دي؟ أنا كده اتحمست وعايز ألعب.. بس مش ألعب زي اللاعيبة اللي كانوا بيلعبوا دلوقت.. عايز ألعب زي الأفلام.
ويبدو أن الأمر لم يقتصر على كون صلاح أراد أن يلعب الكاراتيه مثلما يشاهده في الأفلام، فقد أراد صناع الفيلم –وكما يبدو لي– أن يقدموا فيلمًا شبيهًا بتلك الأفلام أيضًا، فظهر الفيلم بالفعل في مستوى أفلام الدرجة الثالثة، سواء من ناحية السيناريو أو الإخراج أو التمثيل.
فعن السيناريو أذكر أنني شاهدت فيلمًا لجاكي شان ظهر في بدايته كشاب ضعيف فاشل يسخر منه الآخرون قبل أن يتعلم الفنون القتالية ويصبح محترفًا.. وهي (تيمة) مكررة ومستهلكة لا يجب أن يتم تقديمها بدون أي تجديد مثلما حدث في (مستر كاراتيه) الذي شاهدنا فيه صلاح عبدالراضي وقد تحول من شاب ضعيف لمقاتل كاراتيه محترف استطاع بمفرده أن ينتصر على جميع أفراد العصابة مفتولي العضلات. ولم يوضح لنا الفيلم الفترة الزمنية التي استغرقها صلاح ليصل إلى هذا المستوى الخرافي، وإن بدا لي أنه لم يستغرق شهرًا واحدًا أو شهرين، وربما أقل.
قد يعترض البعض على وصف الإخراج والتمثيل بأفلام الدرجة الثالثة بسبب حبهم لمحمد خان وأحمد زكي. وعن الإخراج يمكننا ببساطة أن نتحدث عن مشهد في الدقيقة 100 من الفيلم عندما ذهب أحد أفراد العصابة لصلاح في موقف السيارات ووجده جالسًا فوق سيارة العصابة وتبادلا نظرات حذرة وتم قطع اللقطات من لقطة كبيرة long shot على الرجل في يمين الكادر وهو ينظر في اتجاه اليسار، للقطة كبيرةlong shot على صلاح وهو ينظر في اتجاه اليمين، ثم لقطة ضيقة close shot على الرجل وقد تغير اتجاه نظره إلى اليمين، ولم يكن هذا هو الخطأ الوحيد في الفيلم.
وربما يكون هذا الخطأ قد حدث بسبب عدم تركيز محمد خان الذي كان يدرك أنه يقدم فيلمًا عديم الأهمية لا يستحق بذل مجهود، وهذا بالطبع لا يعفيه من المسئولية، فقد كان من الأولى أن يرفض الفيلم.
أما عن التمثيل، فلن أتحدث عن نهلة سلامة، والتي قدمت دورًا لا يليق بها ولم تسمح لها إمكانياتها المتواضعة لكي تقدم أداءً مقنعًا. بل سأتحدث عن النجم الراحل أحمد زكي الذي لم يكن لديه ما يقدمه في فيلم محكوم عليه مسبقًا بأن يكون من أفلام الدرجة الثالثة.
You must be logged in to post a comment.