لا بد أنك كنت دوما تستعيذ من الشيطان الرجيم، وذريته كذلك لكن هل تساءلت من أين جاءت تلكم الذرية وكيف صنعها اتلشيطان رغم أن الله كتب عليه الإبعاد والخروج من الرحمة، فمن أين أتى الشيطان بذريته، وما هو أصل كلمة شيطان أو جني التي اصطلح الجميع على نطقها تخويفا وإفزاعا، وفي هذا البحث المبشط غصنا في كل تلك الأمور، فشاركنا التطلع عزيزي القارئ.
الشيطان استمد اسمه من الجن والجن استمد بدوره في لسان العرب المسمى من ظاهرة الاختفاء عن الأبصار والأنظار، بينما في لسان العرب أيضا يقال "جني" إذا ذُكر خالصا، فإن قوي وتمرد أسموه شيطانا، فإذا زاد في الغي قالوا ماردا، وإذا تجبر واستفحل شره قالوا عفريتا. والجن لم يستدل له في حاضرنا بأثر ومادة، إلا أنه في عقيدة المسلمين خَلقُ من مخلوقات الله بعث فيهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما بعث للإنس، "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
وبحسب ما يعرف الجميع عبر الأثر والتاريخ والمشاهدات التي تروى يوميا فإن عناصر الجن قادرون على التشكل والاختفاء وإيقاع الأذى، بحسب عقيدة المسلمين "أني مسني الشيطان بنصب وعذاب". وهناك سورة كاملة في القرآن تحمل اسم الجن، فيها يتحدثون عن أنفسهم، وما انشق منهم من شياطين "عصاة": "وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا".
كذلك مما روي عن الشيطان في الموسوعة البريطانية أنه نقيض أهل الخير، عدو كل صالح، وهو تجسيد للشر ونقيض للإله، وهو يرتبط في الإسلام باسم إبليس الذي كان من الجن وطرد بعد أن عصى أمر ربه فلم يسجد لآدم عليه السلام، وقتها صمم على أن يغوي البشر وأن يقف لهم في كل طريق ليدلهم على الشر والشطط والبعد عن الله، ردا على تنكيل الله به وإبعاده رغم أنه "خير منه"، أي آدم، "خلقتني من نار وخلقته من طين"، وهو ما يراه أفضلية تعظمه وتجعله جديرا بألا يسجد لآدم.
ومع ارتباط اسم إبليس بالشيطان يبدو للشيطان أسماء أخرى تختلف بحسب الدين أو الثقافة، فالشيطان في المسيحية لوسيفر وفي اليهودية عضوا بالمحكمة الإلهية ليهوه، لكن ما اعتبره الإسلام من ذرية الشيطان وقبيله هو ما يستدعى البحث.
كيف يتكاثر الشيطان؟
ووفقا لكلام الله سبحانه في القرآن فإن إبليس له ذرية، استنادا لقوله تعالى: "أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو"، لكن تحقق ذرية الشيطان، فيها تفصيل بحسب ما روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر الأثر مرة أنه يبيض بحسب ما روى البرقاني في صحيحه كما قال النووي في رياض الصالحين من حديث عن النبي قال فيه: "لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فيها باض الشيطان وفرخ".
وساق البعض أدلة لذرية الشيطان وطبيعتها حيث قال الإمام الشنقيطي في كتابه "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"، بوجود ذرية للشياطين، لكنه مع ذلك لم يقر بنص واضح عن كيفية حصولها سواء بتزويج، أو غيره من أدوات قد يكون الله قد أودعها بالمخلوق الرجيم، وأشار في مجمل ما تحدث به أن الخلاف صريح بين العلماء، "قال الشعبي: سألني الرجل: هل لإبليس زوجة؟ فقلت: إن ذلك عرس لم أشهده! ثم ذكرت قوله تعالى: أفتتخذونه وذريته أوليآء من دوني، فعلمت أنه لا تكون ذرية إلا من زوجة فقلت: نعم".
5 بيضات
ويورد الشنقيطي في كتابه، رواية قد يستدل بها عن كيفية إنجاب الشيطان، نقلها عن قول مجاهد: إن كيفية وجود النسب منه أنه أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات: قال: فهذا أصل ذريته. وقال بعض أهل العلم: إن الله تعالى خلق له في فخده اليمنى ذكرا، وفي اليسرى فرجا، فهو ينكح هذا بهذا فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة".
وضمن مات ذكر من أسماء الشيطان، ما أوؤده الدميري في مجلده "حياة الحيوان الكبرى"، بما يدلل على أن الشياطين كالبشر في النوع فمنهم الذكر والأنثى، أما إبليس فقد خصص الله له عندما طرده ذكرا في فخذه اليمنى وفرجا في اليسرى لينكح ذاته ليخلف كل يوم عشر بيضات ومن كل بيضة يخرج إلى الذرية سبعون شيطانا وشيطانة تكاثروا فيما بينهم.
أسماء أولاد الشيطان
وحول ما يذكر من أسماء الذرية، تعددت الاجتهادات بين العلماء والمفسرين، فهناك بين ولد الشيطان كما رأوا: "زلنبور صاحب الأسواق. وتبر صاحب المصائب يأمر بضرب الوجوه وشق الجيوب ونحو ذلك. والأعور صاحب أبواب الزنى. ومسوط صاحب الأخبار يلقيها في أفواه الناس فلا يجدون لها أصلا. وداسم هو الشيطان الذي إذا دخل الرجل بيته فلم يسلم ولم يذكر اسم الله بصره ما لم يرفع من المتاع ويحسن موضعه يثير شره على أهله. وإذا أكل ولم يذكر اسم الله أكل معه. والولهان صاحب الطهارة يوسوس فيها، والأقيس صاحب الصلاة يوسوس فيها، ومرة صاحب المزامير وبه كان يكنى إبليس" (أضواء البيان).
You must be logged in to post a comment.